أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 16th November,2001 العدد:10641الطبعةالاولـي الجمعة 1 ,رمضان 1422

أفاق اسلامية

منبر الجمعة
المحافظة على الأمن
الشيخ أحمد بن عيسى العشيوان
الحمد للّه الذي هدانا للإسلام وجعلنا من أهله وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا اللّه أحمده سبحانه على نعمه التي لا تعد ولا تحصى وأشكره وقد تأذن بالزيادة للشاكرين وأشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون.
فهدى الناس إلى الخير ودعاهم إلى الحق اللّهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه
أما بعد
فيا عباد اللّه اتقوا اللّه تعالى
معاشر الإخوة الأحباب:
في خضم الأحداث وتزاحمها تعظم المسؤولية والأمانة الملقاة على كاهل كل فرد منّا، ذلك أن المسلم أياً كان موقعه مطالب بالنصح للمسلمين ودرء كل الشرور والمفاسد التي يخطط لها أعداء العقيدة والدين ممن باعوا ضمائرهم وخانوا أمانتهم وأعماهم الحقد والحسد فلم يعرفوا لصاحب الفضل فضاه ولم يرعوا للبلاد حرمتها ومكانتها.
أرأيتم يا عباد اللّه كيف يحرص الراعي الأمين على أمر رعيته وكيف يدفعه ذلك للاهتمام بأمرهم، إنه مثل للمسلم الذي يستشعر مكانته في المجموعة الإسلامية كفرد أمين عليها من حقها عليه أن يهتم بأمرها ويبادر إلى الإبلاغ عن كل ما من شأنه الإضرار بها أو النيل منها فذلك من أعظم معاني الأمانة وأجلها.
يقول اللّه عز وجل: «إنَّ اللّه يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها»، ويقول تبارك وتعالى: «إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا».
معاشر المؤمنين .. وإذا كان أداء الأمانة مطلوباً في الأموال والحقوق وغيرها فلأن يكون مطلوباً فيما هو أعظم وأكبر من ذلك من باب أولى.
فالحفاظ على استتباب الأمن صيانة للدين والأعراض والأنفس والممتلكات، وهذه أمانة في عنق كل واحد منا رئيساً كان أم مرؤوسا، صغيراً كان أم كبيراً، تاجراً كان أم عاملاً مواطناً كان أم مقيماً، على كل واحد من هؤلاء أمانة إن حافظ عليها كان ذلك عنوان إيمانه وإن لم يحافظ عليها كان ذلك دليلاً على مرض قلبه وضعف إيمانه فلا إيمان لمن لا أمانة له كما جاء بذلك الحديث عن المصطفى صلوات اللّه وسلامه عليه.
يقول الرسول الكريم صلى اللّه عليه وسلم: «آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان» وفي رواية: «وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم» وقد استعاذ النبي صلى اللّه عليه وسلم من الخيانة فقال: «اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئس البطانة».
إنَّ التعاون يا عباد اللّه في ابلاغ الجهات المسؤولة عن كل ما من شأنه المحافظة على الأمن أمر مطلوب شرعاً وهو من التعاون على البر والتقوى الذي أمر اللّه به في قوله: «وتعاونوا على البر والتقوى» والسكوت عن ذلك تعاون على الإثم والعدوان الذي نهى اللّه عنه بقوله: «ولا تعاونوا على الإثم والعدوان» والتعاون في ذلك من النصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم يقول الرسول صلى اللّه عليه و سلم: «الدين النصيحة» ثلاثاً: قال الصحابة: لمن يا رسول اللّه فقال الرسول صلى اللّه عليه وسلم: «للّه ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» فأئمة المسلمين هم الحكام ومن النصيحة لهم إعانتهم في قطع دابر الفساد والمفسدين وعامة المسلمين هم باقي أفراد المجتمع ومن النصيحة لهم درء الأخطار عنهم.
أخرج الإمام أحمد وغيره عن زيد بن أرقم رضي اللّّه عنه قال: خرجت مع عمي في غزاة فسمعت عبد اللّه بن ابي بن سلول يقول لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول اللّه، واللّه لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجَنَّ الاعزُّ منها الأذلَّ فذكرت ذلك لعمي فذكره لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأرسل إليَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فحدثته فأرسل إلى عبد اللّه بن أبي بن سلول وأصحابه فحلفوا باللّه ما قالوا، فكذبني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وصدقه فأصابني همُّ لم يصبني مثله قط، فقال عمي: ما أردت إلاّ أن كذبك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ومقتك قال: حتى أنزل اللّه «إذا جاءك المنافقون» فقرأها عليَّ ثم قال: «إن اللّه قد صدقك» وقد استنبط العلماء من هذا الحديث وأمثاله أن إبلاغ مثل هذا الأمر جائز لاسيما إذا كان ضرر عام أو لمصلحة عامة للأمة والدين.
ألا فلنتق اللّه عباد اللّه ولنحذر من أعداء العقيدة والدين ومن أرباب الهوى والزيغ والضلال الذين يتربصون بالمسلمين شّراً ولا يعرفون للمقدسات حرمتها وحقها بل ولا يرقبون في أهل هذه البلاد إلاًّ ولا ذمة وليحذر كل واحد منا أن يفرط في الأمانة والمسؤولية التي حملها وليتذكر انه على ثغر من ثغور الإسلام فاللّهَ اللّهَ أن يؤتى الإسلام من قبله.
أيها المؤمنون : إنَّ نعمة الأمن نعمة عظيمة لا يقدرها حق قدرها إلاَّ من حرمها وإننا نتقلب في هذه النعمة وغيرها صباح مساء وليس هذا بحولنا ولا بقوتنا وإنما هو من فضل اللّه علينا قال تعالى: «وما بكم من نعمة فمن اللّه» إنَّ اللّه قد آمننا على أنفسنا وعلى أعراضنا وعلى دمائنا وعلى أموالنا وما ذاك إلاّ ثمرة من ثمار التوحيد الوارف الظلال التي ننعم بها في حياتنا ويحرمها من حرم. جزى اللّّه دعاة التوحيد خير ما يجزي دعاة الإسلام عما قاموا به إنه سميع الدعاء.
وعلينا يا عباد اللّه إن أردنا استمرار هذه النعمة أن نحقق عقيدة التوحيد قولاً وعملاً واعتقاداً لننعم بالأمن وننجو من المخاوف في الدنيا والآخرة.
قال تعالى: «الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهو مهتدون».
اللهم من أرادنا أو أراد الإسلام والمسلمين بشر وكيد فاجعل كيده في نحره واشغله في نفسه، اللهم من أراد بلادنا أو ولاتنا بسوء فخذه أخذ عزيز مقتدر وأدر عليه دائرة السوء يا رب العالمين.
* إمام وخطيب جامع الأمير محمد بن عبد العزيز بالرياض

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved