أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 23rd November,2001 العدد:10648الطبعةالاولـي الجمعة 8 ,رمضان 1422

متابعة

الإرهاب والدولة الفلسطينية والحرب في أفغانستان وشارون.. في جولة الترويكا للمنطقة
الترويكا لا تحمل جديداً وتطالب بالالتزام بخطة ميتشل وتقرير تينيت
بعد 11 سبتمبر أوروبا تبحث عن حل سياسي فعال في الشرق الأوسط
* القاهرة مكتب الجزيرة محمد حسن:
جولة وفد الترويكا إلى المنطقة جاءت كمحاولة من الاتحاد الاوربي للقيام بدور سياسي فعال في عملية السلام الشرق أوسطية خاصة بعد احداث 11 سبتمبر وانشغال امريكا بأمنها الداخلي والحرب في افغانستان.
وقد جاءت جولة الترويكا استكمالا لجولات سابقة بدأت بزيارات فيدرين في سبتمبر الماضي اعقبتها زيارات سولانا وشيراك في اكتوبر واختتمها توني بلير في اول نوفمبر الحالي. الوفد الذي يضم قمة صانعي السياسة في الاتحاد الاوربي زار مصر ومناطق الحكم الذاتي واسرائيل وسوريا ولبنان والاردن وعلق عليه الكثيرون الآمال في دفع عملية السلام المتجمدة.
فهل من جديد في جعبة السياسة الاوربية..؟ وهل الترويكا كما يرى المراقبون مجرد تحرك دبلوماسي وليس بسياسي؟ وما هي نقاط الاختلاف والاتفاق بين الرؤى الاوربية والعربية والاوربية والاسرائيلية لعملية السلام في المنطقة؟
ولكن بداية الاجابة على هذه التساؤلات عبر قراءة لأهم المحطات التاريخية لاهتمام اوربا بالمنطقة.
أوربا وعملية السلام
تبنى الاتحاد الاوربي سياسة متوسطية شاملة سنة 1972 موجهة نحو سبع دول عربية هي تونس، الجزائر، المغرب، الاردن، سوريا، ولبنان ومصر بالاضافة لإسرائيل ويوغوسلافيا، ووقع معها عام 1975 اتفاقيات شبه (نمطية) للتعاون الشامل استهدفت قيام حوار سياسي وتقديم مساعدات اقتصادية، ثم تبنى الاتحاد 1989 سياسة متوسطية جديدة عبرت عنها قمة لشبونة الاوربية في يونيو 1992 بضرورة الاهتمام بجنوب المتوسط والشرق الاوسط في اطار الامن والاستقرار الجماعي.
ثم جاء اجتماع برشلونة الذي ضم 27 دولة اوربية متوسطية في نوفمبر 1995 بينها عشر دول عربية وصدر عن الاجتماع إعلان برشلونة بإقامة تجمع سياسي واقتصادي يشكل أحد دعامات النظام الدولي ويهدف للتعاون السياسي والأمني، وتبنى الاعلان مبادىء مبادلة الارض مقابل السلام وعدم جواز الاستيلاء على اراضي الغير بالقوة، والتعاون الاقتصادي ومضاعفة حجم المساعدات المالية، وأعرب الاتحاد عن دعمه لعملية السلام العادل والشامل اعتمادا على تنفيذ قرارات الامم المتحدة رقمي 242 و338 وفقا لبنود مدريد للسلام واتفاقية أوسلو، ومذكرة تفاهم واي ريفر بالاضافة لذلك اكد الاتحاد على ان السلام العادل والشامل في المنطقة لن يتحقق الا بقيام دولة فلسطينية مستقلة.
ومع ذلك جاء الدور الاقتصادي للاتحاد الاوربي أقوى واكثر تأثيرا من دورها السياسي، اذ ظلت المواقف السياسية لأوربا في اطار المبادىء الامريكية لعملية السلام دون اتخاذ خطوات فعلية للمشاركة في مفاوضات السلام او طرح أي رؤى بديلة عن المبادرات الامريكية.
ويفسر بعض المحللين السياسيين ان انعزال الدور الاوربي عن عملية السلام في الشرق الاوسط جاء نتيجة لعدة اسباب اهمها:
أولا إصرار اسرائيل وامريكا على تنحي أي تدخل من جانب أي طرف آخر في عملية السلام. ثانيا: استمرار بعض بؤر المشكلات السياسية المعلنة بين الاطراف الاوربية والشرق أوسطية ومنها عقدة الذنب الالمانية تجاه اليهود، مشكلة لوكربي، التخوف الاوربي من الاتجاهات الاسلامية المعادية للسلام.
ثالثا: عدم تبلور سياسة امنية ودفاعية موحدة للاتحاد الاوربي وبالتالي عدم وضوح امكانية تحقيق توافق تام بين الدول الاعضاء بشأن حدود الحركة الواجبة في الشوق الاوسط.
رابعا: قوة اللوبي الصهيوني داخل مؤسسات صناعة السياسة الخارجية واتخاذ القرار في الاتحاد الاوربي. خامسا: الشواغل الاوربية الداخلية والحاجة الى ترشيد توظيف الموارد لمعالجة مشكلات البطالة والجريمة والهجرة وتأهيل الاعضاء الجدد المرشحين للانضمام.
تشكل وفد الترويكا الذي زار المنطقة من رئيس الوزراء البلجيكي فيرهوستاد ووزير خارجيته لوميشيل ورئيس المفوضية الاوربية روماني برودي ومنسق السياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الاوربي خافير سولانا وقد جاء الوفد في ظل اجواء يسودها اليأس من قبل الفلسطينيين والتعنت من قبل حكومة شارون ورفض الجانب الاسرائيلي اجراء اي مفاوضات مع الفلسطينيين الا بعد وقف ما يسمونه بالعنف الفلسطيني.
تلخصت اهداف وفد الترويكا في إيجاد الظروف المناسبة للوصول الى الحد الادنى المطلوب لتطبيق خطة تينت وتقرير ميتشل وعقد مفاوضات حول الوضع النهائي لعملية السلام ومناقشة الاجراءات الأمنية اللازمة للحد الادنى لتطبيق تينت وميتشل وتفعيل الدور الاوربي في عملية السلام، تكاملا مع الدور الامريكي بعد إعلان باول عن عدم استعداد امريكا لتطرح اي مبادرة جديدة لعملية السلام في الشرق الاوسط وتأييد أمريكا لقيام دولة فلسطينية وحدود آمنة بين الطرفين.
وفي اول محطة لجولة الترويكا بالقاهرة اعلن الرئيس مبارك في مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء البلجيكي عن تطابق الرؤى المصرية والاوربية حول عملية السلام وضرورة قيام دولة فلسطينية وتحقيق الأمن الإسرائيلي واهمية البدء في تنفيذ خطة تينت وتقرير ميتشل، واكد مبارك على ضرورة تفعيل الدور الاوربي في عملية السلام وبدء تحركات مشتركة من الاطراف الاوربية والامريكية وروسيا والامم المتحدة وخاصة ان الاجواء الحالية في المنطقة ليست مشجعة ولم تختلف المحطة الثانية كثيرا عن الاولى فقد عبر الفلسطينيون عن تفاؤل واضح بالدور الاوربي في عملية السلام ومدى تكامله مع الموقف الامريكي وعبر الفلسطينيون عن أمل في ممارسة الاوربيين ضغوطاً على اسرائيل لتطبيق توصيات ميتشل ووقف عدوانها وسحب قواتها من الاراضي الفلسطينية.
تصادم الآمال
لكن التفاؤل الذي حظيت به اجتماعات الترويكا في مصر وفلسطين لم يدم كثيرا فسرعان ما اصطدمت الآمال الاوربية بالاطماع الاسرائيلية. فقبل وصول الوفد الى تل ابيب اذاعت الحكومة الاسرائيلية بياناً ترفض فيه قيام الاتحاد الاوربي بدور نشط واكبر في إعادة عملية السلام المتوقفة منذ ما قبل انتخابات رئاسة الوزراء في اسرائيل في فبراير الماضي، وعزت رفضها هذا الذي جاء على لسان مسؤول في مكتب رئيس الوزراء الى مواقف الاتحاد الاوربي المنحازة للعرب والمناهضة لإسرائيل، واضاف المسؤول ان الاتحاد الاوربي يغمض عينيه ازاء الارهاب الفلسطيني الذي لا يفعل ازاءه (الرئيس الفلسطيني) ياسر عرفات شيئا ويكتفي بإدانة اسرائيل كلما تحركت للدفاع عن نفسها في حين اعلن شارون عن رهن استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين بسبعة ايام من الهدوء التام وناشد في اجتماع مع نظيره البلجيكي دول الاتحاد عدم تحويل أموال لدعم السلطة الفلسطينية لاستخدامها تلك الاموال في شراء اسلحة ودعم الجماعات الإرهابية التي تهدد أمن فلسطين.
وتجدر الاشارة الى ان موقف شارون يأتي ضمن اعتراضه على سياسات بروكسل التي تنتقد اسرائيل ويرى شارون انها تلعب (لعبة مزدوجة) مع اسرائيل. فالى جانب الرسائل المطمئنة التي بعث بها رئيس وزرائها لوقف الاجراءات القضائية ضد محاكمة شارون كمجرم حرب، فإنها تشجع عناصر وحركات في بلجيكا لمهاجمة اسرائيل وسياسة شارون، في إشارة واضحة الى قرار التلفزيون البلجيكي ببث البرنامج الوثائقي (المتهم) الذي انتجته (بي. بي. سي) عن ضلوع شارون في مجازر صبرا وشاتيلا عام 1982.
لم تختلف نتائج الجولة في سوريا أو لبنان او الاردن كثيرا فلم يعلق السوريون آمالاً جساماً على وفد الترويكا في اذابة ثلج عملية السلام، بل جاء الوفد مطالبا الرئيس الاسد باستخدام نفوذه لتوفير الهدوء في جنوب لبنان والاراضي الفلسطينية في الايام والاسابيع التالية لاستغلال فرصة وجود اجماع دولي بشأن اقامة دولة فلسطينية والتوصل الى تسوية شاملة على جميع المسارات، فالوفد الاوربي يحاول الحفاظ على شرط (السبعة ايام هدوء) التي فرضها شارون بمطالبة الاسد بتوفير الهدوء بجنوب لبنان واراضي السلطة في الايام القادمة في حين لم يقدم الاوربيون اي جديد على المسار السوري.
خلاصة القول ان الجولة الاوربية المتمثلة في وفد الترويكا لم تأت بجديد ولكن طرحت رؤية اوربية تهدف لتقريب الفجوات بين الجانبين الاسرائيلي والعربي، فجاءت بتقارب عربي بل وعالمي حول اقامة الدولة الفلسطينية وتطبيق قرارات الامم المتحدة 242، 338 وعودة اسرائيل لحدود 1967 وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، في حين اختلفت الرؤى الاسرائيلية والاوربية حول طبيعة الدعم الاقتصادي والمالي للسلطة الذي تراه اسرائيل تهديدا لأمنها، وكذلك انحياز الاتحاد الاوربي نحو العرب.
والواضح الآن ان العرب يبحثون عن بديل لأمريكا لانحيازها الواضح لإسرائيل، واسرائيل تصر على احادية السلام الامريكي وعدم دخول اطراف اخرى وخاصة اوربية، وبين هذا وذاك يبقى سؤال هام: هل اسرائيل في حاجة لسلام تُمليه اطراف اخرى، أم سلام تُمليه هي وتفرضه امريكا؟ وهل يمكن للعرب الرهان على دور اوربي اكبر؟ سؤال تجيب عنه الايام القادمة.

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved