أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 23rd November,2001 العدد:10648الطبعةالاولـي الجمعة 8 ,رمضان 1422

الاخيــرة

دوافع النوازع
لغة الشافعي
د. محمد بن عبدالرحمن البشر
تأدب الشافعي بأدب البادية، كما أنه أخذ العلوم من الحاضرة فكان مزيجاً رائعاً من حسنات المجتمعين. وقد نبغ في الحجاز الذي كان علماؤه مبدعين في فقه القرآن مع دراية أقلّ بالسنّة، كما حاور أهل الرأي في زمن ظهرت فيه المجادلة كأحد النماذج المذهبية السائدة. وكان قوي الحجة مما جعله يتغلب على أهل الرأي بحجته ويلزمهم اتباع السنّة، ولقد بيّن الناسخ والمنسوخ والمجمل في ما قد يظهر للبعض أنه تعارض ولذا فقد سُمِّيَ (ناصر الحديث).
ذهب إلى العراق عاصمة الخلافة وأخذ ينهل من معين علومها، ثم نافح عن السنّة بحجته الدامغة فضعف أمامه أهل الرأي، وارتفع ذكره وشاع أمره، وفي عام 199 هجرية ذهب إلى مصر وبقي هناك حتى توفي.
وقد استفاد من علمه الكثير من طلاب العلم في مصر، في وقت كان مذهب أستاذه مالك بن أنس هو السائد هناك، وقد نشر علم القرآن والحديث، وكذلك اللغة، والأنساب، والشعر، وآداب المناظرة والجدل، وساعد ذلك في الحد من التقليد.
وألَّف الشافعي كتباً كثيرة، ضاع الكثير منها وبقي كتاب اسمه «الأم» جمعه أحد العلماء الذين جاؤوا بعده، كما ان له كتاب آخر اسمه «اختلاف العلماء» وكتاب ثالث اسمه «الرسالة» وكتاب الرسالة هذا يعتقد أن الشافعي ألَّفه مرتين «الرسالة القديمة» وألَّفه في مكة المكرمة بيَّن فيه الناسخ والمنسوخ وحجة الإجماع.
ويقول أبوفخر الرازي إن الشافعي صنّف كتاب الرسالة في بغداد وأعاد تصنيفه مرة أخرى في مصر، ولم يبق من الرسالة القديمة نسخة بأيدي الناس. أما «الرسالة الجديدة» فهي الباقية في وقتنا الحاضر. والشافعي متوقِّد الذكاء لديه مَلَكةُ حفظ عجيبة، ولذا فإن بعضاً مما ورد في كتابه (الرسالة) جاء من حفظه ولم يرجع إلى مراجع أو كتب سبق وأن ألَّفها. ولعل إشاراته المتكررة إلى كتاب الأم توحي بأنه قد أخذ منه الكثير.
أما إطلاق اسم (الرسالة) على الكتاب فلم يكن من صنع الشافعي فالظاهر أن أهل زمانه قد أطلقوا الاسم على هذا الكتاب لأنه أُرسل إلى عبدالرحمن بن مهدي، ويعتبر أول كتاب أُلِّف في أصول الفقه، وقال بدر الزركي: الشافعي أول من صنّف في أصول الفقه، صنف فيه كتاب الرسالة، وكتاب القرآن، واختلاف الحديث، وإبطال الاستحسان، وكتاب جماع العلم، وكتاب القيامة وكتاب الرسالة كتاب فقه وحديث، وأدب ولغة وثقافة، والشافعي لم يعهد عنه لحن، ولذا فإن كتبه خلت من الأخطاء اللغوية. قال عبدالملك بن هشام «طالت مجالسنا للشافعي فما سمعت منه لحنة قط، ولا كلمة غيرها أحسن منها» وقال أيضاً «جالست الشافعي زماناً فما سمعته تكلم بكلمة إلا إذا اعتبرها المعبر لا يجد في العربية كلمة أحسن منها» وقال: «الشافعي كلامه لغة يحتج بها» وقال الزعفراني «كان قوم من أهل العربية يختلفون إلى مجلس الشافعي معنا، ويجلسون ناحية، فقلت لرجل من رؤسائهم إنكم لا تتعاطون العلم فلمَ تجلسون معنا؟ قالوا: نسمع لغة الشافعي. وقال الأصمعي صُحِّحَتْ لغة هذيل على فتى من قريش يقال له محمد بن إدريس الشافعي».
هكذا كان الشافعي عالماً أدبياً، لغوياً، مؤلفاً نفع الله به حلقاً كثيراً. كما كان شاعراً فذاً جمع شعره في ديوان اسمه «ديوان الشافعي» وهو يزخر بالحكمة وروعة اللغة. ما أروعه وهو يقول:


شكوت إلى وكيع سوء حفظي
فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأنّ العلم نور
ونور الله لا يهدى لعاصي

أو قوله في القناعة:
العبد حر إن قنع
والحر عبد إن طمع
والشافعي لم يكثر من الشعر وإن كان يجيده لكنه حاول أن يتحاشى الإكثار منه فهو القائل:


ولولا الشعر بالعلماء يزري
لكنت اليوم أشعر من لبيد


أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved