أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 23rd November,2001 العدد:10648الطبعةالاولـي الجمعة 8 ,رمضان 1422

شرفات

الملل.. دلع أم علة؟
د. الشايجي: غياب التنظيم والروتين وعدم التجديد
د. الصالح: (الطفش) ليس وقفاً على الشباب
الشرهان: نحن ننتقل من روتين إلى روتين آخر
* استطلاع: سلمان العواد
الملل ظاهرة انسانية واضحة، لكن ثمة أسباب تدفعنا دون ان ندري للسقوط فيه.. ونصبح ضحايا له تُرى: ما هي الاسباب؟
ولماذا يحاصرنا الملل رغم وجود الفضائيات والانترنت، فضلا عن الاندية الرياضية والثقافية والبيوت العامرة بالخيرات؟
دائما نحن ضجرون في بيوتنا، في أعمالنا، في صداقاتنا، في مسامراتنا.. دائما نتأفف، هناك احساس مُر ينغص علينا لحظات متعتنا.. من أين يجيء هذا الاحساس المر، هذا القلق.. هذا الذي نسميه طفشا؟ هذه الأسئلة وسواها استدرجتنا، فاستدرجناها.. واجهنا بها مجموعة من الاساتذة والشباب: قلنا لهم نحن دائما نشعر بالملل؟ وكانت البداية مع الدكتور حميد الشايجي عضو هيئة التدريس في كلية الآداب جامعة الملك سعود قسم الدراسات الاجتماعية وأمين عام مساعد للندوة العالمية للشباب الاسلامي.
حيث أجاب قائلا: إننا نشعر بالملل بالرغم من وجود وسائل الترفيه المتعددة بالعصر الحديث. وفي نظري هذا الأمر يعود الى قضية هامة جدا في حياة الانسان وهي قضية غياب التنظيم فالشخص الذي ليس لديه تنظيم في حياته أو تخطيط لساعات يومه تجد اعماله يشوبها التداخل، فتتزاحم الأشياء وتسبب له الضجر والملل لأنه غير قادر أن يلبي أمور ومتطلبات الحياة كما ينبغي مما يجعله يتكاسل أحيانا ويتهاون أحيان اخرى في تأدية واجباته بشكلها الصحيح.
ولو نظرنا الى هذه القضية من الناحية الدينية نجد ان ديننا الإسلامي الحنيف يحثنا على التنظيم وأكبر دليل على هذا الأمر قضية الصلوات الخمس وتنظيمها، لأنها في ساعات وأوقات محددة لابد ان تلبى سواء كان في الصباح الباكر أو في خضم عملك حينما تستقطع منه دقائق لأداء صلاة الظهر أو العصر.
فإذاً هذه الاوقات مدعاة لتنظيم حياتنا اليومية.
اما النقطة الثانية فهي روتينية الحياة، حيث (يصحوالصباح يذهب للعمل يرجع الظهر يجلس في البيت ثم يذهب الى استراحة أو سوق هكذا.. فأصبحت حياته فيها شيء من الرتابة والرتابة هنا تخلق الملل ولابد من التجديد في حياتنا اليومية.
فتغيير نمط الحياة حتى في طريقة الملبس أو تغيير طريق الذهاب الى العمل فيه شيء من التجديد في الحياة اليومية.
وايضا قضية وجود مسليات مباحة كثيرة لملء وقت الفراغ كبديل لتجديد رتابة الحياة، إلا ان البعض لا يريدها رغم أنها تكلفه شيئا سوى التفكير ولكن للأسف ان الغالبية العظمى من الناس لا يريد ان يفكر لنفسه بل يريد غيره ان يفكر ويخطط له، وهذه من المشاكل الكبيرة التي نعاني منها.
وقد يتساءل البعض.. كيف أستفيد من وقتي؟ كيف أستثمر وقتي؟ والإشكالية هنا انه غاب لدى الكثير منا انه مسؤول عن وقته فيما أمضاه أو شبابه فيما أفناه.
وأيضا مدى حبه ورغبته للعمل الذي يقوم به والذي لن يشعره بالملل، ناهيك عن الابداع الذي سوف ينتجه من ذلك.
وقبل هذا وذاك يجب ان يكون العمل مرضياً لله سبحانه وتعالى، وان يكون ايضا منظماً ومنسقاً حتى لا تتداخل الأمور وتشعرنا بعد ذلك بالملل أي أن يكون لجسدك حق، ولربك حق، ودينك حق، وأسرتك.. وهكذا.
وبالنسبة لعملية تنظيم الوقت يمكن اللجوء الى اقتناء احدى المفكرات المتوفرة بالأسواق وتعويد النفس على التنظيم والترتيب من خلال وضع الأوليات والملاحظات فيها.
ثم إن العمل التطوعي من أفضل الأعمال التي يمكن ان تستثمر، ولكن قد يتساءل البعض.. عن العمل التطوعي وكيف يتم؟
وأقول إن هناك العديد من الجمعيات الخيرية الموجودة في المجتمع وتحتاج إلى من يعينها على القيام بمهامها، فقضاء بعض الوقت في عمل تطوعي لإحدى الجمعيات الخيرية يساهم في كسر الروتين اليومي ناهيك عن الفوائد والمنافع التي تعود على النفس.
أما الدكتو نزار الصالح عضو هيئة التدريس في كلية التربية جامعة الملك سعود قسم علم النفس فانه يرى ان عملية الملل أو (الطفش) ليست منتشرة بين فئة الشباب وحسب بل نجدها ايضا عند الفئات العمرية المختلفة ويرجع ذلك الى عدد من الأسباب مثل:
أولا: عدم وجود هدف للانسان بالحياة، فهو ان لم يكن لديه هدف لن ينعم بالمتعة.
على سبيل المثال: إذا أردت ان تلعب كرة فما هو الهدف من ذلك؟
اذا كنت تلعب لهدف معين (جوائز، دوري، متعة.. غيره) فتستمتع في هذا وستجد فيه السعادة والراحة، بينما لو تلعب فقط من أجل اللعب فلن تؤدي دورك بالشكل المطلوب الذي يشعرك بالملل.
ثانيا: قضاء مدة مناسبة لأي عمل، أي لا تكون المدة طويلة عند قيامك بعمل ما حتى لا تشعر بالملل.
ثالثاً: عدم وجود المهارات الاساسية للقيام بأي عمل.
وباختصار (لو ان الإنسان حدد هدفا يريد ان يصل إليه في مدة زمنية محددة ومناسبة بالاضافة الى وجود المهارة والمعرفة التي يستخدمها لأداء عمله فانه بالتأكيد سوف يشعر بالمتعة والراحة ولن يصاب بالملل بأي حال من الأحوال).
الروتين هو السبب
في حين يرى الاستاذ تركي الشرهان مسؤول علاقات عملاء في أحد البنوك ان السبب في الملل الذي ينتابنا ويطاردنا أينما ذهبنا هو الروتين اليومي الذي نعيشه، نفس الاماكن ونفس الاشخاص، نفس الاحاديث، ونفس خطوات العمل هي هي لا تتغير، فلا يوجد شيء جديد يجبرنا على كسر الروتين إلا الانتقال الى روتين آخر.
ضعف العلاقات الاجتماعية
من جانب آخر علق على هذه الاشكالية الطالب إبراهيم البيشي (قسم الخدمة الاجتماعية) جامعة الملك سعود فقال: إني اتفق مع من يذهب الى ان الروتين من اهم الأسباب للملل ولكنه اضاف ايضا ان عدم التجديد في برامج القنوات الفضائية التي معظمها صور كربونية لبعضها الآخر قد يكون سببا، وهناك سبب آخر في غاية الاهمية وهو ضعف العلاقات الاجتماعية.. الاسرية التي تضطر الشخص الى الإنطواء والانعزال مع نفسه مسببا له ذلك الملل (الطفش).
تغيّير الاهتمامات
أما الأستاذة أسماء النجيدي: اخصائية تربية خاصة (مسار التفوق والابتكار) فترى أن القنوات الفضائية والانترنت ليس المجال المناسب لابعاد الملل.. وتقول بأنها عايشت هذه القنوات فلم تجد فيها ما يدخل البهجة سوى ساعات قليلة ولكنها في النهاية وجدتها روتينا.. وصور تشاهدها فقط دون تحريك للفكر والعقل.. على الرغم من ان البعض يجدها جانبا أساسيا لإدخال السعادة وأبعاد الملل.
وتضيف الاستاذة اسماء: لذا ارى ان الروتين اليومي في مسار الحياة هو ما يسبب الملل، وأرى ان تغير الاهتمامات يبدد الملل، لانه قد يأتي يوم وأعمل فيه ويتبدل مسار الحياة لدي فأشعر بالسعادة ولكن اذا ظل هذا العمل يسير على وتيرة واحدة سرعان ما يسبب ذلك الملل لعدم وجود اي تجديد فالملل ناتج عن روتين الحياة.
الفراغ الروحي
على ان الاخت منال البلطان وهي طالبة في كلية الخدمة الاجتماعية فتقول: ان البعد عن الدين سبب في ذلك، فكلما زاد البعد عن الدين كلما زاد الملل وهكذا يتراكم فوق بعضه حتى يصل بالفرد الى حد القلق والإكتئا وغيره من الامراض النفسية، بسبب اهمال الجانب الروحي الذي أعتقد انه المسير لجميع تصرفاتنا وتحركاتنا.
النظرة الفوقية
بينما تعيد الطالبة أمل خالد (طالبة هندسة ديكور) اسباب الملل الى ما يوحي به بالمثل العامي (إذا كثرت دبلت) أي ان تعدد وسائل الترفيه من قنوات، انترنت، أسواق، نواد، سفر وغير قد يكون سببا جوهريا لذلك الملل.
بالاضافة الى تطلع الشخص دائما إلى اعلى سواء من الناحية الاقتصادية او الاجتماعية الذي يشعره بالنقص وبالتالي يشعره بالملل.
تلك بعض الملامح في الاقتراب من ظاهرة الملل التي نشعر بها دون ان نحسم امرنا مع أسباب التفافها حولنا.. نحن نشكو.. ونعيد السؤال ونكرر الاجابة.. دون ان يريح احدنا الآخر ثمة اكثر من مصدر.. هكذا قال هؤلاء الذين استطلعنا آراءهم في هذا اللقاء.. ثمة ابعاد معينة لهذا الملل منها: الروتين، غياب الهدف، تآكل العلاقات الاجتماعية، عدم القناعة بالعمل، غياب المهارات، أو التنظيم او الابتكار.. لكن كما يبدو يصعب ان نصل الى جواب جامع مانع.. ربما لكي يظل السؤال مفتوحا نتأمل فيه ونتركه متاحا لكل من شاء ان يشارك فيه برأي او تصور او تعليق.. فللقارىء العزيز ان يقول ولنا ان نسمع وأن ننشر ما يأتينا تعقيبا او اضافة من اي نوع كانت.


أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved