أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 25th November,2001 العدد:10650الطبعةالاولـي الأحد 10 ,رمضان 1422

الاخيــرة

وتاليتها...
أ.د. هند بنت ماجد بن خثيلة
أطلّ علينا شهر رمضان هذا العام ونحن المسلمين نعيش ظروفاً مختلفة، ومن الممكن ان نسميها استثنائية، نظراً لما يحيق بالأمة من أخطار، وما يهددها من أزمات تعصف بكثير من أركانها وأسسها.
لم يحشد المسلمون هذا العام ككل عام قدراتهم المالية، ورغباتهم في شراء الأغذية والأطعمة الرمضانية بكميات كبيرة، ليس لضيق اليد عند الكثيرين فحسب، ولكن لأنهم انشغلوا في حشد كل طاقاتهم على جبهتين: الأولى جمع التبرعات للمنكوبين والجياع من المسلمين وما أكثرهم والثانية جمع الموقف والتوسلات والرجاء بوقف القصف على الشعب الأفغاني خلال أيام هذا الشهر المبارك عند المسلمين.
والغريب ان الشهر بدأ، ولم يعد أحد يذكر أمر وقف هذا القصف وذلك الضرب المتواصل على المساكين ممن لاحول لهم ولا قوة في ذلك البلد الذي مزقته الحروب. وحفرت فيه الأحقاد أخاديد يصعب ردمها ومداواتها، وربما كان ذلك لأن الأمور على الأرض باتت مختلفة، واستطاع الكبار الوصول إلى «الكعكة الأفغانية» الفقيرة قبل حلول أذان الإفطار في أول أيام رمضان.
لم تعد الحرب الآن هي المشكلة، ولكنها باتت في الذي سيكون بعد هذه الحرب، وفي الذي سيكون الأفغان كلهم آخر من يعرف به، ونخمّن في نتائجه وعواقبه. فالاخوة الأعداء هناك أصبحوا معاً.. ولكن إلى حين.. وربما لن يطول ذلك مع ظهور أول أهداف الحملة التي بدأ بها القرن الحادي والعشرون.
أما في فلسطين فالأمر مختلف تماما. إذ مهما حاول البعض ان يغير في أولويات القضايا الساخنة في العالم، فإن تلك المحاولات لاتلبث ان تخبو لتعود قضية فلسطين هي الأولى إقليمياً وعالمياً.
وقد فطنت القيادة الحكيمة في المملكة العربية السعودية إلى هذه الحقيقة قبل غيرها، بل وزادت من يقظة سياستها ملازمة هذه القضية لكل تحركاتها السياسية العالمية فالمملكة تعرف تماماً ان محور الصراع العالمي يدور أبداً حول النقطة التي بدأ منها وهي فلسطين، والتي كانت دائماً بؤرة الصراع العالمي منذ فجر التاريخ مروراً بالقرون الوسطى، وحتى عصرنا الحديث.
لقد أكدت المملكة ان مفتاح القضاء على أشكال التطرف إنما يكون بالقضاء على أسبابه، وأسبابه معروفة للعيان، ولكن الأمر كان يحتاج إلى بعض الشجاعة أو الواقعية في التعامل الغربي مع هذه القضية الملحّة.
إن الخطاب الأمريكي الذي جاء على لسان وزير خارجيتها «كولن باول» يعتبر لغة جديدة في السياسة والمواقف الأمريكية، كما يعتبر محاولة جادة من الدولة العظمى لبدء سياسة متوازنة بعض الشيء تؤكد على عظمتها، وتدلّل على أن لها الحق في قيادة العالم ولكن ذلك بالتأكيد يحتاج إلى الخروج من دائرة النظرية إلى ميدان التطبيق. فالأيام المقبلة ستشهد صراعاً مريراً بين صقور أمريكا وحمائمها ، صقورها المحاطين باللوبي الصهيوني القوي صاحب النفوذ المعروف وحمائمها التي تحمل المصالح الأمريكية المستقبلية على أجنحتها وتعرف جيداً عناوين تلك المصالح، والسبل المؤدية إليها.
وإلى ان تنجلي معركة الصقور والحمائم تلك، علينا نحن العرب والمسلمين ان نخرج قليلا من دائرة المصالح الذاتية، إلى المصالح العامة للأمة، حتى لو استلزم ذلك التعرض للضغط والهجوم والتلويح وسواه.
وفي موقف المملكة خير درس وأفضل دليل على ذلك، فقد كان لهذا الموقف المبدئي من قضايا الأمة المصيرية ثمن باهظ، وتعرضت المملكة لأشرس حملة إعلامية ظالمة، بهدف ثنيها عن مواقفها الأصيلة، لكن الموقف الأصيل الذي وقفته المملكة بقيادتها الفذّة، لم يكن ليتزحزح قيد أنملة عن المبادئ التي بني عليها، بل تطور هذا الموقف، وصار ذا عمق إسلامي وعربي وعالمي، خاصة انه موقف تميز بالعدل والحق ورفض ما هو أقل من ذلك.
ان ثمرة المواقف التي نجنيها اليوم من قيادتنا الرشيدة الحكيمة هي نتاج الغراس التي زرعها الملك المؤسس عبدالعزيز «رحمه الله» وسار عليها أبناؤه حفظهم الله وعلى هذا النهج سنبقى سائرين، لا تأخذنا في الحق لومة لائم، ولايردعنا عن حقنا تخويف ولاتسويف.
طوال المعركة الضارية التي قادتها المملكة على المسرح السياسي العالمي، بقي القول السعودي قليلاً، بينما كان الفعل كثيراً وقوياً، وها نحن نشهد آثاره، ويشهد العالم على مصداقية سياسة المملكة وحرصها على الأمن والسلام في حدودها القصوى فهل وعت أبواق التهويش والتشويش من مواقف المملكة درساً يفيدها في مآربها القادمة أم على قلوب أقفالها؟ ... وتاليتها؟!!
hendmajid@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved