أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 27th November,2001 العدد:10652الطبعةالاولـي الثلاثاء 12 ,رمضان 1422

متابعة

في ندوة بهيئة خريجي الصحافة بالقاهرة:
علاقة وسائل الإعلام بالإرهاب
* القاهرة مكتب الجزيرة محمد حسن:
علاقة الإرهاب ووسائل الإعلام علاقة شبه غامضة تزداد ضيقاً واتساعاً على حد سواء، فوسائل الإعلام في حاجة لإحراز سبق إعلامي بتسارعها في تقديم صورة العمليات الإرهابية وضحاياها المدنيين، بينما الإرهابيون في حاجة لتلك الوسائل للإعلام عن نشاطهم ومنظماتهم. بين هذا وذاك أين حق المواطن في الإحساس بالأمن وأين حق الدولة في الحفاظ على أمنها الداخلي والخارجي؟
وفي ضوء هذه المعايير هل راعت وسائل الإعلام في تغطيتها لأحداث 11 سبتمبر وحرب أفغانستان هذه الأمور، كل هذه الأسئلة والتوازنات ناقشتها ندوة الإعلام والإرهاب بهيئة خريجي الصحافة بالقاهرة وتحدث فيها الدكتور محمد شومان استاذ الاعلام بجامعة عين شمس ومدير مكتب الجزيرة بالقاهرة وأدارها د. مختار التهامي العميد السابق لكلية الإعلام.
الإعلام الأمريكي والدعاية النازية
في البداية قدم الدكتور مختار التهامي استاذ الاعلام والعميد السابق لكلية الاعلام بجامعة القاهرة الندوة وتحدث عن طبيعة أحداث الحادي عشر من سبتمبر باعتبارها حادثاً مأساوياً هز القرن الواحد والعشرين وجاءت التغطية الاعلامية له قاصرة ومتجنية في توجيهها الاتهامات للعرب والمسلمين في شتى بقاع العالم دون أدلة حقيقية كما مارست الدول الغربية نوعاً من السطوة الاعلامية في تغطيتها لأحداث الانفجارات والحرب الدائرة في الأراضي الأفغانية.
وأكد الدكتور التهامي ان السطوة الاعلامية التي مارستها أمريكا جاءت منافية تماماً لقيم الحرية والديمقراطية ومخالفة لحقوق الإنسان التي ترفع شعارها فقد استطاعت أمريكا خلق تعتيم اعلامي كامل لأحداث 11 سبتمبر والتفاصيل الكاملة عن الضحايا أو الأطراف المشتبه فيهم، واستطاعت حشد وسائل الاعلام الغربية في توجيه الاتهامات ضد العرب والمسلمين عامة وتنظيم القاعدة بقيادة ابن لادن خاصة، وبذلك استطاعت أمريكا إشعال الحرب في أفغانستان وحشد الرأي العام العالمي بجانبها.
وأدارت أمريكا الحرب إعلامياً وعسكرياً ببراعة وتفوق فاستخدمت الدعاية تماماً كما استخدمها هتلر في الحرب العالمية الثانية، فضخمت وسائل الاعلام من قوة طالبان وخطورة ابن لادن على السلم العالمي، وزاد من براعة الأمريكان استخدام وهم الجمرة الخبيثة لجذب انتباه الرأي العام العالمي بعيداً عن الحرب الدائرة في أفغانستان وبذلك أدارت دعاية حربها بقدر أكبر من الكفاءة.
التوظيف السياسي للإرهاب
وتحدث الدكتور محمد شومان عن عدم وجود اتفاق واضح حول مفهوم الإرهاب لارتباطه بعوامل سياسية وأيديولوجية لكن الإرهاب يعرف في المواثيق الدولية على أنه عملية استخدام العنف بكافة أشكاله ضد المدنيين بهدف الاضرار بهم مادياً ومعنوياً وبالرغم من الموضوعية الظاهرة لهذا المفهوم إلا انه سيستخدم في كثير من المواضيع السياسية أسوأ استخدام فهناك بعض الجماعات داخل البلد الواحد توصف في بعض الفترات أنها جماعات إرهابية محظورة النشاط في حين يتغير هذا المفهوم في فترة ثانية لتصبح حركات تحرر وطني ومثال ذلك منظمة التحرير الفلسطينية التي كان يصفها الإعلام الغربي قبل عملية السلام بأنها منظمة إرهابية تهدد أمن المنطقة ولكن بعد معاهدة السلام اعترف بها الاعلام الغربي واعتبرها الجهة الشرعية والقانونية التي تهتم بشؤون الفلسطينيين وتمثل الفلسطينيين في محادثات السلام.
وأضاف د. شومان ان عدم وجود اتفاق واضح حول مفهوم الإرهاب يثير القلق حول الموقف من حركات التحرر الوطني وعلاقتها بالإرهاب الدولي فالمقاومة الفلسطينية وحزب الله تقومان بعمليات استشهادية رداً على إرهاب الدولة التي تمارسه القوات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين وهذه العمليات جائزة ومشروعة في ظل الإرهاب الإسرائيلي.
الإرهاب والإعلام
وتناول الدكتور شومان طبيعة العلاقة القائمة بين الإرهاب والإعلام مشيراً إلى ان هناك صلة وثيقة بين الإرهاب ووسائل الإعلام تحدد من خلال ثلاثة جوانب:
الجانب الأول: من وجهة نظر الجماعات الإرهابية التي تريد توظيف وسائل الإعلام ليصل صوتها للناس وتعلن عن مواقفها ونشاطها ومثال ذلك ما ساد منذ السبعينيات من قيام بعض الجماعات بخطف الطائرات المدنية وإجبارها على النزول في دولة أخرى بهدف دعائي لتلك الجماعات.
وترى الجماعات الإرهابية ان أي عمل إرهابي لايكون له الاثر النفسي الفعال بدون تغطية إعلامية واسعة له، بدليل تسارع كثير من الجماعات بتوزيع بيانات وشرائط مسجلة لنشاطها لوكالات الأنباء والمحطات الدولية.
الجانب الثاني: وجهة نظر الأطراف المستهدفة من العمليات الإرهابية ورؤيتهم للاعلام، وهذه الأطراف تتمثل في الدولة والمواطنين ووسائل الاعلام فكل منهم له حساباته فيما يتعلق باستخدام الاعلام لمواجهة الإرهاب فالدولة عندما تتعرض لحادث إرهابي تحرص على احتواء الآثار الإرهابية والدعائية لتلك العمليات وتميل لحظر النشر، كما حدث في التغطية الإعلامية لأحداث 11 سبتمبر وطبيعة التعتيم الاعلامي لتلك الأحداث وتضييق الخناق على وسائل الاعلام الغربية في نقل الحرب الأفغانية أو نشر معلومات عن تنظيم القاعدة، في حين توسع الاعلام الغربي في نقل صورة انهيار برجي التجارة العالمي وموت الضحايا الأمريكيين على عكس ماحدث مع الضحايا المدنيين في أفغانستان وذلك لكسب تعاطف الرأي العام الأمريكي والعالمي لصالح العمليات العسكرية ضد أفغانستان.
أما حسابات المواطن وتوقعاته في تعامل الاعلام مع الإرهاب فهي تقوم على حق المواطن في معرفة الحقائق وأسباب تلك الأحداث، وهذا ما لم يراعه الاعلام الأمريكي في تعامله مع أحداث 11 سبتمبر ولم يقدم تفسيراً واضحاً ومقنعاً للإرهاب.
أما الجانب الثالث: فيرتبط بحسابات وسائل الاعلام في تغطية الاحداث الإرهابية إذ تحاول التعامل معها باعتبارها أحداثاً مثيرة وتتنافس لاحراز سبق اعلامي والذي قد ينعكس على دقة وموضوعية تلك التغطيات.
تناقضات
وأشار د. شومان لبعض التناقضات بين حق الدولة وحق المواطن وحق وسائل الاعلام فيما يتعلق بعلاقة الإرهاب والإعلام والتي تأتي ضمن مجموعة من المحاذير والتوازنات الدقيقة ومنها: طبيعة التعارض بين حق الجمهور في معرفة مايحدث وبين مقتضيات الأمن القومي والسياسة الأمنية للدولة وكذلك التعارض بين حق الجمهور في معرفة طبيعة الإرهابيين وطبيعة منظماتهم وبين مخاطر الإعلان عنهم باعتبارهم أبطالاً اسطوريين، وهو تماماً ما قدمه الاعلام الغربي والعربي لصورة ابن لادن وتنظيم القاعدة، هذا بجانب وجود تعارض بين منافسة وسائل الاعلام بعضها البعض وبين مراعاة الأمن وعدم إثارة الفزع بين الجماهير، فهذه التوازنات تثير كثيراً من التحديات عند تحديد العلاقة بين الإرهاب والإعلام.
ضبط العلاقة
ويرى د. شومان انه لكي نضمن ضبط علاقة الإعلام والإرهاب وبين حقوق المواطنين في المعرفة لابد من وضع مواثيق شرف للمارسة الإعلامية تنظم العلاقة بين الإعلاميين وبين الجهات الأمنية فيما يتعلق بتغطية الأحداث الإرهابية، بحيث نقلل من حجم الاختلاف بين الطرفين وضرورة تدريب الاعلاميين على تغطية الأحداث وخاصة العمليات الإرهابية، وتحفيز وتشجيع وسائل الاعلام المختلفة على أن تكون المبادرة من الوسيلة ذاتها في تغطية طبيعة تلك الجماعات ونشاطها ومدى خطورتها، فوسائل الإعلام لاتهتم بأنشطة تلك الجماعات الا عندما يحدث عمل إرهابي وبالتالي تجعل الارهابيين متحفزين للقيام بأي عمل إرهابي حتى تلتفت اليهم وسائل الاعلام، هذا بجانب إتاحة حرية الاعلام ورجاله في مواجهة الأزمات والعمليات الإرهابية حتى لاتتحول وسائل الاعلام لوسائل بث الإرهاب الاعلامي عندما تفقد الحرية وتقع تحت سيطرة القوى السياسية.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved