أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 30th November,2001 العدد:10655الطبعةالاولـي الجمعة 15 ,رمضان 1422

مقـالات

رسالة لم يحملها البريد
وسيلة محمود الحلبي
إليك يا وطني كل الحب
قدري أن أتتبع خطاك بقلبي وليس بعيني وأدبي، فأينما تكون يكون القلب معك، تغربني الطرقات، ولكنني أتمنى ألا أتوه وسط زحام الوجوه.
فسرعان ما أتوحد معك، وتتوحد خطانا
أركض معك في غابة المجهول، لا حدود، لا تأشيرة مرور، ولا جوازات سفر، لا طائرات نركبها، ومحطات نزول ننزل في أحضانها، نغيب عن أنظار الجميع وتلتقي عيوني بترابك الطاهر، وأصابع اليدين تضمك ببعد السنين وتسافر الكلمات الى حجرات الصمت.. وتعود تراودني الكلمات، ويلح عليّ القلب بأن أخط شيئاً، وتتملكني الحيرة، والذهول، والدهشة والرهبة.. ماذا أكتب، لقد مللت الكتابة والقلم والورق وأنواع الأحبار كلها والألوان والفلوماستر.. ومللت جميع الكلمات والعبارات والصور الجمالية والبلاغية والايحاءات، الإيماءات والاستعارة والتشبيه، والكناية، والحال، والتمييز، والصفة والموصوف. وبحور الشعر كلها والغوص في أعماقها وسبر محتوياتها ومكنوناتها، ومللت العوم في أمهات الكتب ومدائن العشاق، وسئمت من الروتين المقيت العمل، المكتب، الاوراق الكمبيوتر، الفاكس، الهاتف، والانتظار المميت الذي يهز كياني ويفتت قلبي ويثير مشاعري ويقلقني.. ترى متى أعود اليك يا فلسطين.. متى أتلذذ بالجلوس فوق ترابك الطاهر متى الثمه أقبله، أبكي فوقه..
وتتملكني الحيرة، ماذا أكتب لك يا موطني الغالي الغريب بالله عليك بعد أن ضاعت الكلمات بموت الاطفال الابرياء، والشهداء الأبطال وسقطت في عينيك..
يحيرني لغز حبك!! مَنْ أنت؟ ومَنْ توجك على عرش قلبي، ومن ذا الذي أباح لك أن تسود أنحائي وتحتل كياني!! ومن ذا الذي أباح لك حصاري؟؟ وانني أسأل نفسي مراراً لماذا أسلمتك كل مشاعري ووهبتك كل نبضة في عالم احساسي..
ولكنني عرفت انها الوطنية، والمواطنة، وأن حب الوطن من الايمان، وأن الأرض والعرض واحد..
وطني الحبيب.. الحزين.. النازف.. الدامع.. الشاكي.. المظلوم.. إنك تتسرب مع الريح عبر كل المساحات، لا تقف بوجهك الحواجز بربك أجبني أي عصا سحرية تملك حتى تكتبني وتمحوني كما يحلو لك، ومن أخبرك ببحر حناني ونهر طيبتي؟؟؟
وطني الحبيب كم أشتاقك.. أتمنى أن أراك فأنا مولودة خارج النكبة.. شوقي إليك لا ينتهي وعطشي لترابك ليس له حدود.
وطني الحبيب.. كيف وصلت الى قلبي، ألم يعترض طريقك أحد هل دخلته دون أن يراك أحد؟!!
صدقني.. لم يعد هناك ما يدعو الى الدهشة بعد أن امتزجت بكل ذرة من كياني.. إنك قادر على اختراق الحواجز وأجدت التسلل..
وطني الحبيب أعيش في قهر مريب.. أتقطع أشلاء أشلاء كلما سمعت أو شاهدت العنف الذي تلاقيه، والإرهاب الذي يكبدك خسائر جسيمة في الارواح والأراضي، زيتونك الغالي.. أطفالك أبطالك الأحبة.. نساؤك الصابرات شبابك الصامدون، شيوخك المقهورون وطني.. كم أشتاقك أنا ابنتك التي ولدت خارج النكبة.. كم أشتاق للقدس، للخليل، للكرمل، لعكا، ليافا، لحيفا، لجنين وطولكرم، للحارات، للمساجد، للأركان، للتراب، للزيتون..
كل شيء من حولي في الغربة يذكرني بك.. فأنت يا موطني مزروع في كياني.. مآذنك ومدنك وحاراتك وضواحيك مزروعة في ذاكرتي مثل نجمة ضلت درب العودة همساتك الممزوجة بزهر الليمون، وزهر الزيتون تملأ المكان من حولي..
فأنا لا أزال أقتل الوقت لأراك..
وأخاف أن يقتلني الوقت ولا أراك..
ولكنني سأعود إليك يا موطني..
سأعود إليك يا فلسطين
سأعود لزهرة المدائن
وقفة:
الوطن.. الوطن.. الوطن
عقد ثمين يلتف حول عنقي
وانني على العهد حتى أعود
إليك يا فلسطين

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved