أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 6th December,2001 العدد:10661الطبعةالاولـي الخميس 21 ,رمضان 1422

مقـالات

اضحك مع شارون في زمن البكاء«2 - 2»
رضا محمد العراقي
أشرنا في الجزء الأول من هذا المقال إلى الاحتجاجات الاسرائيلية الغاضبة على المسلسل العربي «إرهابيات» الذي تبثه قناتا أبو ظبي والكويت .. وأوضحنا كيف وصل الغضب الاسرائيلي مبلغه عندما لجأوا بشكواهم إلى الأمم المتحدة واليونسكو، واعتبروا المسلسل يعكس ثقافة تحريض وكراهية ويستدعي فترات مظلمة من التاريخ .. وكأننا نعيش هذه الأيام في وئام وسلام، وتسود المحبة علاقاتنا وليس هناك ما يعكر صفو العلاقات غير هذا المسلسل فليس هناك قتل وقنص واغتيالات بالجملة غير مسبوقة في التاريخ البشري كله.
ولم يتوقف الاحتجاج الاسرائيلي عند هذا الحد بل تمادى في غلوائه كعادة اليهود والصّهيونيّة فقد سحبت شركة بروكتر آندغامبل الأمريكية العملاقة إعلاناتها من المسلسل وقال الحاخام إبراهام كوبر الرئيس المشارك لمركز سيمون فيسنثال: إن الشركة الأمريكية أبلغت المركز أن المسلسل «إرهابيات» لا يرقى إلى مستوى معاييرها!! فيما ندد الحاخام السابق ميخائيل ملكيور نائب وزير الخارجية الاسرائيلي بالمسلسل وقال عنه: لقد ظهر نمط إسلامي جديد من معاداة السامية.
إذاً تعامل اليهود مع المسلسل بكل جدية، وراحوا يحاصرونه من كل المواقع من سحب إعلانات إلى الزأر بالشكوى للأمم المتحدة واليونسكو كما أعطوه بعداً عقائدياً عندما اتهموه بأنه قد دشن لنمط إسلامي جديد لمعاداة السامية، وكأننا نحن العرب غير ساميين!!
لكن الذي يخفيه شارون وحكومته وهو السبب المباشر للقيام بهذه الحملة المضادة على المسلسل والقناة أن النجاحات التي حققها الإعلام العربي في الآونة الأخيرة كانت كفيلة بقيام قيامتهم للرد على مسلسل ساخر بكل هذا العنف والصرامة.
هذا النجاح الذي تحقق بعد المؤتمر المناهض للعنصرية الذي انعقد بجنوب افريقيا، واستطاعت من خلاله الدبلوماسية العربية وبمباركة إعلامية من تحقيق نجاحات على الدبلوماسية والإعلام الاسرائيلي حيث خرج بيان يدين السياسات العنصرية الاسرائيلية ويصف الحركة الصهيونية بالعنصرية.
كذلك النجاح العربي في تفويت الفرصة على اليهود الذين حاولوا استغلال حادث 11 سبتمبر بالزج بالإسلام فيه لكن الإدارة الامريكية بعد تحذيرات عربية وإسلامية من الزج بالإسلام في أتون هذه المعركة تداركت الموقف وعدلت من مواقفها حيال الإسلام والمسلمين وظهر ذلك جليا من تحركات الرئيس الأمريكي بعد الحادث مباشرة.
وبمعرفة الأسباب والدوافع وراء الحملة الاسرائيلية على الإعلام العربي لا نندهش من الخلل الذي أصاب العقلية الاسرائيلية للنجاح الذي حققه المسلسل من أولى حلقاته الذي يعد إضافة جديدة «مع الدبلوماسية» في تحقيق انتصارات على الإعلام الاسرائيلي، حيث أصاب الدولة العبرية في مقتل ويحرمها تدريجيا من أحد أهم أسلحتها التي تتشدق بها دائما وهو التفوق الإعلامي اليهودي!!
وهذا يكشف أيضا الحالة الهستيرية والارتباك الواضحين على الساسة الاسرائيليين بمجرد بث المسلسل حيث أطلقوا لأنفسهم العنان في التهديد والوعيد للقناة والقائمين عليها .. ليس هذا فحسب بل جعل هذا النجاح الاسرائيليين يفكرون جدياً في دراسة إطلاق فضائية اسرائيلية باللغة العربية لمنافسة هذه الفضائيات العربية الناجحة!!
لكن هل القناة المزمع إنشاؤها لمنافسة الفضائيات العربيات تملك من الحقائق وقوة الحق مثلما يملكه الحق العربي وعدالة قضيته مع الدولة العبرية؟!
فلم يعد نشر السموم والأضاليل والترهات يفيد في ظل العولمة والشفافية التي بدأ يتمتع بها العالم حاليا. والدليل على ذلك ترك المستمع العربي لإذاعة إسرائيل وأسلوبها في نشر الأكاذيب، وذهب بآذانه وعيونه وحواسه إلى الإعلام العربي الذي بدأ يخطو خطوات واثقة نحو الثقة بالنجاح، وبدأ يقدم مضمونا مقنعا لمشاهديه وأثبت جدارته بجذبهم إليه عن غيره من وسائل الإعلام الغربية والإسرائيلية!!
ونزيد في التساؤلات .. كيف لقناة إسرائيلية موجهة للمشاهد العربي أن تقنعه بحسن نوايا مواقف السياسة الإسرائيلية وفرق الاغتيالات ودليلها على حق التمسك بالأرض؟!
كيف تقدم البراهين على ذلك والمجتمع الاسرائيلي نفسه بدأ يلفظ قادته .. فلم يعد الشعب الإسرائيلي يثق في قادته بدليل أن 37 أستاذا من جامعة بن غوريون الإسرائيلية وقعوا عريضة احتجاج على منح الجامعة رئيس الوزراء ارييل شارون شهادة دكتوراه فخرية .
وجاء في عريضة الاتهام التي نشرتها الصحف الاسرائيلية «إننا نحتج على هذا القرار لأننا نعتقد أن مثل هذا التكريم يجب ألا يتناول شخصا تعتبر خياراته الأساسية موضع جدل» .. وأضافوا «يجب ألا يصار إلى تكريم رجل تميزت حياته بأحداث كاجتياح لبنان ومجازر صبرا وشاتيلا عام 1982م»!!
وكيف لقناة إسرائيلية تقنع المشاهد العربي أن احتجاجات قادتها على مسلسل إرهابيات وكذلك على الصحف العربية وتضع لها مسوغاتها وأسبابها الأخلاقية والقانونية وفي نفس الوقت يمارس الإعلام الإسرائيلي نفس الدور بل يقدمه بلغة فجة وقحة لا يستطيع بشر تقبلها!!
فمثلا انتقدت الصحف العبرية المسلسل في الوقت الذي سمحت لنفسها أن تقول ان من حق الكوميديين الإسرائيليين أن يسخروا من الزعماء العرب ، فقدموا الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بأنه إرهابي بطرق تفتقر إلى الأخلاق.. كما بثت إلينا وسائل الإعلام منذ وقت قريب أن القيادة السياسية المصرية احتجت على برنامج يقدمه التليفزيون الاسرائيلي تظهر فيه الرئيس المصري بشكل لا يليق بالقادة والرؤساء.
***
إن ما قام به القادة الاسرائيليون من احتجاجات كان دليلا دامغا وسببا واضحا على أن حالة الهستيريا التي انتابتهم كانت من جراء النجاحات التي تحققت بفضل الدبلوماسية والإعلام العربي في الآونة الأخيرة .. فكان من نتاجاته حالة الغضب العارمة لمسلسل فضح إرهاب الدولة العبرية .
وفي الأيام القادمة إن شاء اللّه ستنتابهم حالة تشنج واحتقان لأننا سلبنا منهم تفوقهم الذي ظلوا ينضالون عليه طيلة نصف قرن وكانوا يدعون أن إسرائيل هي واحة الديمقراطية الوحيدة وسط صحراء عربية قاحلة!!
أخيرا .. نشد على أيدي المسؤولين بقناة أبو ظبي لبثهم هذا المسلسل والمضي قدما في بثه رغم التهديدات الإسرائيلية .. ونؤكد لهم أن سلاح السخرية نجح في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية، فنرجو المزيد والمزيد.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved