أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 6th December,2001 العدد:10661الطبعةالاولـي الخميس 21 ,رمضان 1422

مقـالات

ولِمَ لا؟
د. فهد حمد المغلوث
هناك نوعية معينة من الأسئلة تتمنى لو لم تطرحها على نفسك أو حتى تفكر فيها أصلاً لأنها توجد نوعاً من القلق الداخلي والتعب النفسي لديك ناهيك عن آثارها النفسية عليك وعلى كل من حولك من أشخاص أو حتى على محيط عملك.
ولم لا، سؤال ليس محرماً أو محاطاً بالأشواك، بقدر ما هو نوع من العتاب الشخصي أو الحساب الداخلي الذي تكتشف فيه نفسك وتتغلغل فيه إلى أعماق داخلك لتكتشف من خلاله أشياء وأشياء أنت نفسك لا تصدقها أحياناً!
سؤال سمه ما شئت «ليه لا؟»
خذ مثلاً وضعك في رمضان، الآن وأنت فيه وأنت في الثلث الأخير منه ربما تساءلت: هل أنا كما أردت أن أكون؟
هل حققت فيه ما كنت أتمنى؟ هل وصلت إلى أقل حد من طموحاتي؟
وما الذي ينقصني؟ وهل ما تبقى منه كاف لأن أحقق فيه ما تبقى من رغباتي؟ أو أعوض فيه ما فاتني من أجر؟
إن مشكلة «لم لا؟» مرتبطة بنوع من التحدي وعدم الرضا عن الواقع الذي تعيشه لأنك تشعر من داخلك مثلاً انك تستحق أكثر مما هو لديك، وان وضعك الحالي بكل ما فيه وبكل ما حوله يعطيك الحق في أن يكون وضعك أفضل مما هو عليه في أشياء كثيرة.
وأنت حينما تقول لنفسك أو حتى لغيرك «ولم لا» فأنت تحاول أن تكسر حاجز المستحيل، تحاول أن تقلل من حدة أو حجم الآثار المستقبلية السيئة التي يمكن أن تحدث لك أو لمن تحب، تحاول أن تعطي من معك، ممن يهمك أمره تحاول أن تعطيه تصوراً واضحاً عما يمكن أن يحدث لك وله فيما لو تأخر قليلاً، أو ما طل كثيراً في اتخاذ قرار مصيري يهمكما.
تحاول أن تقول له وبكل صراحة ووضوح إلى متى ونحن هكذا في هذا الوضع؟ لم لا تحقق الناس أمانيها وتسعد نفسها ونحن ما زلنا نراوح أماكننا؟ إلى متى تقدم الناس خطوات جريئة نحو ما تريد، بينما نحن لا نجرؤ حتى على الإقدام على خطوة واحدة تقربنا من بعضنا وتريح أنفسنا وتقلل من كمية القلق لدينا ومن حجم الانتظار القاتل لدينا، وما يترتب على ذلك من مخاوف مستقبلية نشعر بها وتمكن منا لدرجة لا تجعلنا نستمتع بالحياة وبكل ما فيها من جماليات كما اراده الله لنا؟ لم نظل محرومين حتى من صوت من نحب ومخاطبته والحديث معه كما لو كان بعيداً عنا ويفصل بيننا وبينه آلاف الأميال علم أنه قريب جداً منا ولا يفصل بيننا وبينه سوى أنفاسنا؟ ولم نحرم الآخرين وبالذات أقرب الناس لنا من عطفنا وحناننا عليهم؟
لم لا نكون قريبين منهم متواجدين معهم كلم استطعنا وكلما احتاجوا لنا؟ ألا يكفي أنهم يحبوننا بصدق ويخافون علينا؟ ألا يكفي أنهم يفضلوننا على غيرنا ويضحون من أجلنا بكل ما يستطيعون وبكل ما لديهم فقط من أجل سعادتنا؟ ألا يكفي أنهم متمسكون بنا حتى آخر لحظة؟ إذن ما المانع من أن نعطيهم ونقدم إليهم أقل ما ينبغي علينا تقديمه لهم ليس تفضلاً منا عليهم أو تعاطفاً معهم بقدر ما هو حق من حقوقهم علينا؟
صحيح انه ربما عاتبنا الطرف الآخر على تقصيرنا معه في هذا الموضوع، ولكن لم لا نفهم هذا الانسان العزيز على قلوبنا ان عدم تواجدنا معه باستمرار وقربنا منه دائماً لا يعني انه شخص عادي كأي شخص، ولا يعني ان ما بيننا من علاقة ود قوية قد تأثرت أو فترت أو أنها في طريقها للاضمحلال؟
إننا لا نستطيع أن نقنع الآخرين بتبريراتنا باستمرار، ولكن هذا لا يعني ان نجعل من تلك التبريرات وكأنها الوسيلة الوحيدة للرد أو مواجهة أي عتاب.
والأمر الآخر الذي لا يقل أهمية والذي نشاهده ونواجهه في حياتنا العامة هو لم لا يكون لنا حرية الاختيار في ان نختار ما نريد وفق ما يرضي الله أولاً؟ لماذا تفرض علينا حياة من نوع معين نحن نرفضها لأننا غير قادرين على التعايش معها؟ ولماذا يفرض علينا أشخاص نحن غير مقتنعين بهم، ولا نستطيع التعامل معهم أو حتى العيش معهم تحت سقف واحد؟ وكيف يرتاح الطرف الآخر أو يرضى بأن يكون معه انسان لا يريده أو لا يحبه؟ أليس ذلك أمراً متعباً؟
ولم حينما نريد العيش بسلام وهدوء بعيداً عن المشاكل؟ لم تفرض علينا تلك المشاكل وتلصق بنا التهم، وينسب لنا ما ليس فينا؟
لم لا تتاح لنا الفرصة في أن نقدم ما لدينا ونعطي أكثر ما لدينا ولكي نبدع بالصورة التي ترضينا وتنمي المجتمع، ولم يكون الابداع في مجال العمل؟ لم لا يكون الابداع في المشاعر؟ في كيفية تقديمها بشكل مختلف؟ ولم لا نعبر عن مشاعر حبنا بأسلوب ينم عن روعة هذا الحب وتميزه؟ بل ولم نقتل هذا الحب وتوهجه بالعتاب المستمر واللوم المتواصل رغم معرفتنا الأكيدة لحب الطرف الآخر لنا؟
ولم لا يكون هذا الشهر الفضيل بداية تواصل حلوه وتسامح لمن أخطأ في حقنا وبداية تصحيح حقيقية لمسار حياتنا ومعرفتنا لما نريد بشكل واضح ومعقول.
بل لم لا تغمض عينيك الآن وتتخيل كل ما تريد تحقيقه أو تتمنى الحصول عليه ومن ثم النظر اليه من زاوية أخرى أكثر جمالاً وواقعية، ولم لا تقل لنفسك الآن الحمد لله أنا لست لوحدي، بل معي من أريد حتى وهو بعيد عني؟ قل لنفسك ذلك بكل ثقة، لأنك بالفعل كذلك.
همسة:
تعرف..
حينما أكون مع نفسي.
حينما أخلو بنفسي..
حينما أرى حالنا..
أنا وأنت..
حينما أرى كم نحن بعيدون مكانياً..
بحكم الظروف القاسية..
وكم نحن قريبون روحياً..
بحكم ما يربطنا من حب
وحينما أرى ان المستحيل..
ليس صعباً..
بل يمكن أن يكون ممكناً..
لو أصرينا قليلاً..
لو ضحينا أكثر..
***
حينها..
دائماً ما أتساءل:
ولم لا نكون شخصاً واحداً..
في كل شيء؟
لم لا نكون معاً..
الآن؟
وقبل فوات الأوان؟
قبل أن نخسر كل شيء؟
قبل أن يضيع منا كل شيء؟
قبل أن نندم على كل شيء؟
طالم في يدنا شيء؟
***
إلى متى ننتظر الظروف..
كي تعطينا ما نريده؟
وبيدنا أن نحقق شيئا نريده؟
ومم نخاف؟
ممن هم حولنا؟
ممن لا يهمهم أمرنا؟
ممن لا هم لهم..
سوى القيل والقال؟
***
ولم التردد..
وكل شيء جميل مشروع..
أمامنا؟
فاتح ذراعيه لنا..
يدعونا لأن نكون لبعضنا؟
***
ما الذي يمنعنا أنا وأنت..
من وضع نهاية حلوة..
لذلك الحب الطاهر؟
بدل أن يكون معلقاً..
حتى إشعار آخر؟
***
ما الذي يمنعنا؟
ان نعيش هذا الحب..
واقعاً معاشاً ملموساً؟
بكل طهره؟
وصدقه؟
وشفافيته؟
***
وما الذي يمنعنا
ان تحيا هذه الحياة..
كما أرادها الله لنا؟
في سلام وأمان؟
في ود ووئام؟
في هدوء واستقرار؟
لم لا؟
***
يا الله!!
إلى متى نظل أسيري الأماني؟
إلى متى نظل رفيقي الخيال؟
إلي متى نعيش الانتظار؟
إلى متى الإحساس..
بشبح الخوف من المستقبل..
يطاردنا..
ونحن نحاول الهروب منه؟
إلى متى الشعور..
بشبح الخوف من المجهول..
يقلقنا..
ونحن نحاول التخلص منه؟
***
إلى متى هذا الحرمان..
يقتل أمانينا؟
يدمي مآقينا؟
إلى متى ننظر إليه..
مكتوفة أيادينا؟
***
فيا لهذا الحب الطاهر..
الذي يختلج بداخلنا..
الذي يسكن صدورنا..
الذي ما انفك يلازمنا..
***
إلى متى يظل هذا الحب..
حبيس قلوبنا..
دون أن يحس به أحد؟
إلي متى يظل ظمآناً..
دون أن يرديه أحد؟
إلى متى يظل جائعاً..
دون أن يشبعه أحد؟
إلى متى يظل وحيداً..
دون أن يشاركه أحد؟
إلى متى يظل ينادي وينادي..
دون أن يسمعه أحد؟
إلى متى يظل ينتظر وينتظر..
دون أن يلتفت إليه أحد؟
وإلى متى يظل يضحي ويضحي..
دون أن يأبه به أحد؟
***
أليس من نهاية حلوة..
لهذه الأماني الجميلة..
التي طال أمدها؟
ولتلك الخيالات الكثيرة..
التي طال العيش فيها؟
ولذلك الانتظار الطويل..
الذي لا يبدو انه له نهاية؟
***
أليس من حقنا
ونحن نمتلك حباً صادقاً كهذا..
أن نحيا كغيرنا؟
أن نسعد به؟
وأن نشعر بجمال من حولنا؟
وأن نوقد شمعة سعادتنا..
بأنفسنا؟
وأن نظل نراها دائما..
متقدة؟
وأن نعيشها دوماً..
متوهجة؟
كما هو حبنا؟
***
إنها أمان ليتها تتحقق..
وأحلام ليتها ترى النور..
وأخالها ستكون..
عما قريب..
بإذن الله..
***
لم لا..
ونحن لا ينقصنا شيء؟
لم لا..
ونحن لسنا أقل من غيرنا في شيء؟
لم لا..
ونحن ربما أحسن في أكثر من شيء..
***
ألا يكفي أن بداخلنا..
في أعماق داخلنا..
حباً متفرداً..
لا نظير له؟
وعطاء متجدداً..
لا حدود له؟
بل أملاً خالداً..
مثيل له؟
فلم لا؟

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved