أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 6th December,2001 العدد:10661الطبعةالاولـي الخميس 21 ,رمضان 1422

مقـالات

رسالة لم يحملها البريد
عندما وجدت في هذا الكون
وسيلة محمود الحلبي
* خطتني يد الزمان كلمة في كتاب هذا العالم الغريب الهائل كلمةً مبهمةً، ملتبسة المعاني، ترمز تارةً إلى شيء وطوراً إلى أشياء كثيرة، إن التأملات والأفكار والتذكارات تتزاحم على نفسي في مثل هذا اليوم من كل سنة، وتوقف أمامي مواكب الأيام الغابرة، وتريني أشباح الليالي الماضية ثم تبددها كما تبدد الرياح بقايا الغيوم فوق خط الشفق.
فتضمحل في زوايا غرفتي اضمحلال أناشيد السواقي في الأودية البعيدة الخالية.
في هذا اليوم تنتصب أمامي معاني حياتي الغابرة فكأنها مرآة ضئيلة أنظر فيها طويلاً فلا أرى سوى أوجه السنين الشاحبة مع وجوه الأموات، وملامح الآمال والأحلام والأماني المتجعدة كملامح الشيوخ، ثم أغمض عيني وأنظر ثانية في تلك المرآة فلا أجد غير وجهي، ثم أحدق فيه فلا أرى غير الكآبة فأجدها خرساء لا تتكلم، ولو تكلمت لكانت أكثر حلاوة من الغبطة، وفي سنين حياتي كلها كل ما استطيع ان أحصل عليه ولا يقدر أحد أن يفقدني إياه هو حب الناس أحببت الموت مرات عديدة، ودعوته بأسماء عذبة، ومع ذلك فقد كنت أحب الحياة، وأحب الحرية لأنها كانت تنمو بنمو معرفتي عبودية الناس للجور والهوان، وتتسع باتساع إدراكي فالحرية فتاة قد اضناها الانفراد، وأنحلها الاعتزال حتى أصبحت خيالاً شفافاً يمر بين المنازل، ويقف في منعطفات الشوارع. وأحببت السعادة مثل كل الناس ولكنني لم أجدها فطلبتها يوماً بيني وبين نفسي فقالت: أنا السعادة صبية تولد وتحيا في أعماق القلب ولن تجيء اليه من محيطه، وعندما فتحت قلبي لكي أرى السعادة وجدت هناك مرآتها وسريرها وملابسها لكنني لم أجدها.
وقد أحببت الناس وهم ثلاثة: واحدٌ يلعن الحياة، وثان يباركها، وثالث يتأمل بها.
فأحببت الأول لتعاسته، وأحببت الثاني لسماحته وأحببت الثالث لمداركه. وفي سنوات عمري الطوال دفنت عواطفي وأفكاري وأحلامي مثلما يدفن الزارع البذور في باطن الأرض، ولكن الزارع الذي يخرج الى الحقل ويلقي البذور بين ثنايا التراب يعود الى بيته في المساء آملاً، راجياً، منتظراً أيام الحصاد والأرزاق.
أما أنا فقد طرحت حبات قلبي بلا أمل، ولا رجاء ولا انتظار. إن الماضي من عمري يتراءى لي من وراء ضباب التنهد والأسى فأنظر من خلف نافذتي إلى الحياة، إلى السماء والأرض والناس والأشجار والأزهار والأنهار وأقول: سلام لك أيها القلب لأنك لا تستطيع ان تهزأ بالسلام وأنت مغمور بالدموع وسلام لك أيتها الشفاه لأنك تتلفظين بالسلام، وأنتِ تذوقين طعم المرارة.
ولكل إنسان تمنيات في أيامه الآتية: وانا اتمنى ان تدوم شعلة المحبة بين الناس وان اضمها الى صدري فتأكل ضلوعي وتبري احشائي وأتمنى ان يبتعد الناس عن المادة التي تُميت الإنسان بلا آلم، وان تحييهم المحبة بالأوجاع. وأتمنى ان تكون الأرض كلها موطني والعائلة البشرية كلها عشيرتي.
وقفة
وفي يوم ميلادي انتظرتك لتطفئ معي شموع ميلادي اطفأت انوار حجرتي، وأضأت شمعة يتيمة ثم جلست أرقب دموعها ودموعي، كتبت اسمك على راحة يدي، وتخيلت صورتك في راحتي، ثم أمسكت عليها، اختلطت صورتك بدموعي، وهمست في أذنك بكلمات، وفجأة اكتشفت بأنني ابعثر الحروف فأغمضت عيني، وانتظرت تعليقك، طال انتظاري دون ان اسمع منك جواباً، انتظرت أكثر، ولكنني لم اسمع سوى دقات قلبي المتلاحقة، فتحت عيني فرأيت الظلام يخيم على كل شيء، لقد انطفأت شمعتي الوحيدة وطوت معها عاماً من عمري..
وانحدرت دمعة أخرى وأنا أقبل خيالك وأدعو لك بالخير كيفما توجهت.
وبعد.. أبتاه


تفديك روحي ألف مرة
لله بعدك ما أمره
إني أكاد اجن فيك
فهل إليك اليوم نظرة


أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved