أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 7th December,2001 العدد:10662الطبعةالاولـي الجمعة 22 ,رمضان 1422

أفاق اسلامية

«اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم»
الشيخ أحمد بن جزاع الرضيمان
الحمد للّه وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فقد منّ اللّه على بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية بسلامة منهجها، واستتباب أمنها، وصحة عقيدة أهلها، وكفاءة علمائها، وإخلاص قادتها في خدمة الإسلام والمسلمين.
وإذا كان الأمر كذلك فإنه يجب على كل مسلم أن يشكر اللّه على ذلك، ويسأله المزيد من فضله، وأن يقدر هذه النعمة التي نتفيأ ظلالها في هذه البلاد المباركة، ويشكر لولاة الأمور «من العلماء والأمراء» نصحهم وتوجيههم، وسهرهم في سبيل مصلحة البلاد والعباد.
كما يجب على كل مسلم الحذر من الفتنة، والأمور المشتبهة، والتدخل فيما كُفي مؤونته، وليتأمل قوله تعالى: «وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول والى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل اللّه عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا» سورة النساء آية 83.
وقول ابن مسعود رضي اللّه عنه: «إيها ستكون أمور مشتبهات فعليكم بالتؤدة فإن الرجل يكون تابعا في الخير خير من أن يكون رأسا في الضلالة» وقول ابن بطة رحمه اللّه: «أعاذنا اللّه وإياكم من الآراء المخترعة، والأهواء المتبعة، والمذاهب المبتدعة، فإن أهلها خرجوا من اجتماع إلى شتات، وعن نظام إلى تفرق، وعن أنس إلى وحشة، وعن ائتلاف إلى اختلاف، وعن محبة إلى بغضة، وعن نصيحة وموالاة إلى غش ومعاداة، عصمنا اللّه وإياكم من الانتماء إلى كل اسم خلاف الإسلام والسنة».
وقول معالي الشيخ صالح آل الشيخ «حفظه اللّه» في بعض كتبه: «في الفتن ليس كل ما يعلم يقال، ولا كل ما يقال يقال في كل الأحوال، لا بد من ضبط للأقوال، لأنك لا تدري ما الذي سيحدثه قولك؟ ومالذي سيحدثه رأيك؟ ومالذي سيحدثه فهمك؟ والسلف رحمهم اللّه: أحبوا السلام في الفتن، فسكتوا عن أشياء كثيرة، طلبا للسلامة في دينهم وأن يلقوا اللّه جل وعلا سالمين.
وقد ثبت أن سعد بن أبي الوقاص رضي اللّه عنه قال لابنه حين حدث في القيام ببعض الأمر في الفتنة، قال لابنه: يا هذا أتريد أن أكون رأسا في الفتنة؟ لا. لا واللّه» فنهى سعد بن أبي وقاص ابنه عن أن يكون سعد أو يكون ابنه رأسا في الفتنة، ولو بمقال أو بفعال، ولو رآها حسنة صائبة، فإنه لا يأمن أن تكون عاقبتها غير حميدة.
والناس لا بد أن يزنوا الأمور بميزان شرعي صحيح حتى يسلموا، وحتى لا يقعوا في الخطأ، ثم إن للأعمال والأفعال، والتصرفات ضوابط لا بد من رعايتها، فليس كل فعل يحمد في حال يحمد في الفتنة، إلى أن قال حفظه اللّه: لا بد من العقل، ولا بد من الفهم، فالسرعة والعجلة أمور غير محمودة، فمن الذي يلزمك بأن تتكلم في كل مجلس؟ أو أن تتكلم في كل مجتمع بما تراه حقا في الفتن؟ فالحق يبينه علماء السنة والجماعة، فإن كان عندك رأي أو فهم فاعرضه عليهم، فإن قبلوا فذلك، وإلا فقد برئت ذمتك من اطلاع عامة المسلمين على رأيك. أ ه».
وليحذر المسلم الاستماع إلى أهل الأهواء، فإن الهوى يعمي ويصم، وقد ذكر الدكتور ناصر العقل «حفظه اللّه» بعضا من صفات أهل الأهواء لتجنبها ومنها:
1 التسرع في إصدار الأحكام والمواقف لمجرد الشائعات، والقرائن والظنون واللوازم.
2 سرعة الاستجابة للفتن، والتصرفات الغوغائية، والجمهرة، التداعي عند كل صيحة دون الرجوع لأهل العلم والحلم والفقه والرأي، إلا من يوافق هواهم.
3 الخوض في المسائل الكبرى، والقضايا الخطيرة، ومصالح الأمة العظمى التي لا يبت فيها إلا العلماء المعتبرون، والراسخون، وأهل الحل والعقد في الأمة.
4 غرس الغل وشحن قلوب الناس على المخالفين، وإدمان الكلام والثرثرة فيما لا شأن للعامة فيه من السياسة والمظالم والأثرة، ونحو ذلك مما أمر الرسول صلى اللّه عليه وسلم بالصبر عليهم. أ ه
وقد روى ابو نعيم في الحلية سنده عن عبد الواحد بن زيد قال: «قال لي أيوب: قل للثوري لا تصحب عمرو بن عبيد قال: فقلت ذلك له، قال: إني أجد عنده أشياء لا أجدها عند غيره. فقلت ذلك لأيوب، فقال لي أيوب: من تلك الأشياء أخاف عليه» وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللّه : قيل لأبي سفيان بن عيينه: ما بال أهل الأهواء لهم محبة شديدة لأهوائهم؟ فقال: أنسيت قول اللّه تعالى «وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم» أو نحو من هذا الكلام.
وقال ابن مسعود رضي اللّه عنه «ستجدون أقواماً يزعمون أنهم يدعون إلى كتاب اللّه، وقد نبذوه وراء ظهورهم، فعليكم بالعلم، وإياكم والتبدع والتنطع والتعمق، وعليكم بالعتيق».
وقال الشيخ ابن باز رحمه اللّه محذراً من أهل الأهواء «إن وقعة الفتنة في عهد عثمان رضي اللّه عنه قال بعض الناس لأسامة بن زيد رضي الله عنه: ألا تكلم عثمان؟ فقال: إنكم ترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم ، إني أكلمه فيما بيني وبينه دون أن افتتح امرا لا أحب أن أكون أول من افتتحه ولما فتحوا الشر الشر في زمان عثمان رضي اللّه عنه وأنكروا على عثمان جهرة تمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم، حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية، وقتل عثمان بأسباب ذلك، وقتل جمع كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني، وذكر العيوب علنا حتى أبغض الناس ولي أمرهم وقتلوه. نسأل اللّه العافية.
وقال شيخنا ابن عثيمين رحمه اللّه محذرا مما يفعله بعض أهل الأهواء «إن غيبة ولاة الأمور من أمراء أو علماء، ليست غيبة لهؤلاء بأشخاصهم، ولكن غيبة وتدمير لما يحملونه من المسؤولية، فإن الناس إذا اغتابوا العلماء قل قدر العلماء في أعين الناس، وبالتالي يقل ميزان ما يقولونه من شريعة اللّه، وحينئذ يقل العمل بالشريعة بناء على هذه الغيبة، فيكون في ذلك إضعاف لدين اللّه في نفوس العامة، وإن الذين يغتابون ولاة الأمور من الأمراء والحكام إنهم ليسيئون إلى المجتمع كله، لا يسيئون إلى الحكام فحسب، ولكنهم يسيئون إلى كل المجتمع، إلى الإخلال بأمنه واتزانه ونظامه.. أ ه .
وبذلك نعلم ضرورة الالتفاف حول ولاة أمرنا، وكبار علمائنا، والصدور عن توجيههم ، والاستنارة برأيهم، كما دل على ذلك كتاب اللّه وسنة رسوله، وهدي السلف الصالح.
أسأل اللّه أن يديم على بلادنا أمنها واستقرارها، في ظل قيادتنا المباركة، تحقيقا لدعوة أبينا ابراهيم عليه السلام حيث قال اللّه عنه «وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمناً» وصلى اللّه على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
* حائل

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved