أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 7th December,2001 العدد:10662الطبعةالاولـي الجمعة 22 ,رمضان 1422

تحقيقات

من يستعرض مشكلاته باستمرار أمام أسرته وجلسائه يسبب لهم نوعاً من التوتر النفسي
آثار سلبية للإسراف في الحديث عن المشكلات الشخصية
* الرياض منار الحمدان:
كل شخص لابد من تعرضه لمضايقات سواء في نطاق الاسرة أو خارجها ولكن المشكلة لا تكمن في وجود المضايقة فحسب بل في كيفية المواجهة سواء بالتخفيف عن الذات بالتسلية والتناسي اوالنظرة المستقبلية المتفائلة الى جانب ايجاد الحلول المتزنة العقلانية وتعزيز الذات بجعل الفرح امام اعيننا وسنتناول ذلك من خلال قصص واقعية يرويها لنا ضيوف التحقيق والتي تحمل في ثناياها الموعظة .. تارة والارشاد التوجيهي والمواساة تارة اخرى.. اما الوعظ فهو موجه لكل من لديه مضايقة ويتخذ من التحدث امام الكل ذريعة للتخفيف وما سيترتب على ذلك فقد تتحول المضايقة لمعضلة ومن ثم لكارثة من جراء رأي لاسوي وجه من قبل المستمع للمضايقة وبالذات اذا كان يفتقر للوعي سواء الوعي الارشادي او الاجتماعي.. وحتى في حالة التخفيف بالشكوى فيكون لشخص موضع ثقة وكتوم وآراءه صائبة ومقرب.. كما سنتعرض للتأثير الاجتماعي والنفسي لمن يحصر ويركز تفكيره وحديثه بشكل دائم على القلاقل والمشاكل التي تعتريه ويزيد الأمر صعوبة حينما يكون ذلك في حضرة الابناء او كبار السن فسيترتب على ذلك تأثير نفسي لدى الابناء على المدى البعيد.
رأي المختصين
ترى الاخصائية الاجتماعية عائشة القحطاني انه من الصعب ان نتحدث امام أي شخص بأمورنا الخاصة فكل شخص له خصوصياته وأسراره ويجب حفظها ويقتصر التحدث امام المقربين فقط ومن نثق بهم كما وضحت الاخصائية ان التفكير طوال الوقت بالمضايقة له تأثير سيىء حيث يشغل صاحب المضايقة عن حاجات وأمور كثيرة فتفكيره يكون محصورا على هذه المشكلة ومن ثم ينشغل عن عمله وعن واجاباته كوالد وعن اسرته بشكل عام ومن المؤكد ان التفكير يترك أثره في تصرفات الفرد ويكون دائم التوتر سواء في تعامله مع أفراد اسرته او المحيط الخارج عن نطاق الاسرة سواء العمل وغيره.. وحتى في لحظة حدوث المشكلة أو الخلاف أو اثناء التحدث والحوار الحاد الذي يدور حول قلاقل أو مضايقات حدثت بين الزوجين يجب ان يكون بعيدا عن جو الابناء وتواجدهم في تلك اللحظات لأن ذلك سيعرضهم لتأثير سيىء نفسيا واجتماعيا فعلى المدى القريب يكون الطفل عصبي المزاج.. ويحاول ان يشغل احد والديه بالتحدث معه من أجل ايقاف ما يسمعه مما يدور بينهما اما من جانب التأثير النفسي فيترجمه من خلال التكسير والتدمير كما يميل للاسلوب العدواني أما التأثير على المدى البعيد فيتجه ذلك الطفل لضرب الاطفال مستقبلا اما بالنسبة الى الطفلة فينعكس ذلك على تعاملها مع زوجها مستقبلا حيث تتعامل معه بنفس تعامل والدتها مع والدها فعلى سبيل المثال حينما تكون طريقة حواروالدتها حادة وبصوت مرتفع فهي تسير على الطريقة والاسلوب نفسيهما وقالت:
انصح كل ام بعد مرور المضايقة ألا تحاول التحدث بها امام ابنائها وتركز عليها وعلى التحدث عنها بشكل مستمر وبالذات أمام الاطفال فالطفل واسع التخيل ويستمع لكلام والدته ويبدأ بتخيل وتصور ما حدث لها وكيف حصل هذا وذاك التخيل يساهم في جعله يتقاعس عن الذهاب الى المدرسة او في تدني مستواه الدراسي للاسوأ وكثير من الاسر تكون دائمة الشجار سواء الام والاب معاً أو الابناء معاً وهكذا يكون الجو الاسري متوترا كما ان انشغال الابوين بالخلافات الدائمة قد يشغلهم عن تقديم الحنان للابناء ومن ثم يترتب على ذلك سلوكيات غير مقبولة شرعاً ومنها الانحراف بحثا عن الحنان.. وذلك لا يتوقف فقط على الابناء فثمة حالات انحرفت لافتقادها للحنان سواء في مراهقات ومراهقين أو في متزوجين ومتزوجات.. وحتى نتلافى مثل هذه الاشياء نحاول توفير الحنان للأبناء.. فحينما يكون احد الابوين أفقدهم ذلك يجب ان يعوض الطرف الآخر فبعض الزوجات يعانين لدرجة ان الزوج يضربها ويشتمها امام الابناء ويتحدث معها بعنف حتى في حالة الحديث الطبيعي ولكن يجب على الام عند انفرادها بأبنائها بعد مغادرة والدهم المنزل أن تناقشهم وتحسسهم بالحنان.
ويجب على أي شخص يتعرض للمضايقة عدم التركيز عليها وعدم الانشغال بها فكل انسان لابد من تعرضه لقلاقل ولكن يحاول ألا ينحصر تفكيره طوال الوقت فيتحول ذلك لضغوط نفسية ومن ثم لامراض نفسية وعضوية كما يجب ان نحسس الاطفال بالحنان وان نهيىء لهم جواً أسريا هادئا للمحافظة على نفسيات الابناء.
التعامل بحكمة مع الاقارب
وترى الاخصائية الاجتماعية رناد العبوه ان كل شخص في هذا الوجود معرض للمضايقة من قبل الآخرين فالبعض قد يتأثر بهذه المضايقة تأثيراً سلبيا وقلة هم الذين لا يتأثرون بها وذلك لابد من تركه أثرا سلبيا ولو كان ضعيفا (بسيطا) فلابد للأشخاص الذين يتأثرون سلبيا من هذه المضايقات الا يعيروها اهتماما وان يتناسوها ويتجاهلوها تماما وذلك عن طريق النظر الى المواقف الجميلة والذكريات الحلوة التي تجمعهم بهؤلاء أو غيرهم الى جانب التفكير بالغد وما الذي سوف يقوم به من نشاطات وممارسة الرياضة سواء رياضة المشي والهرولة أو السباحة لابعاد المضايقة وعدم التفكير بها وحينما تكون المضايقات صادرة من أناس مقدمين أو محبوبين فلابد من تناسيها وان نضع في اعتبارنا ان هذه المضايقة تصدر منهم بسبب مشاكل ومضايقات لديهم تعرضوا لها وان الانسان قبل كل شيء غير معصوم من الخطأ كما يجب على صاحب المضايقة ان يتذكر ان الرسول صلى الله عليه وسلم عندما تعرض للأذى والمضايقات من أقرب الناس اليه صبر ولم يستسلم للمضايقات والأذى وأثبت انه هو القوي في تحمله وصبره أما بالنسبة الى المضايقات التي تصدر من أشخاص لأول مرة يتعرف عليهم المرء فلابد ان يعتبر نفسه هو الأقوى في عدم الرد وعدم الاصغاء إليهم وكأنهم غير موجودين أساسا وفي هذه الحالة فالإنسان لا يقلل من قدره وإنما يقلل من قدر الطرف الآخر بعدم الانصات اليه فذلك الاسلوب يريحه ويجعله يشعر بالقوة فطالما فكر بهذه الطريقة فلن يؤثر عليه أي ما كان وليتذكر قول الله تعالى (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً).
كما أوضحت الاخت رناد بأن المضايقات يكون تأثيرها أشد وقعا على كبار السن.. فيعتبرون أكثر حساسية من الشباب في التعامل مع مشاكل ابنائهم وبالذات البنات فدائما مشكلة البنت الزوجية تسبب الكثير من القلق للوالدين ويبدأ الخوف يسيطرعليهما وبالذات الخوف من الطلاق.. وهذا دليل على حساسيتهما الزائدة فلابد للبنت التي لديها مشاكل في بيت الزوجية ألا تفصح أمام والديها بالمشاكل حتى لا يؤثر ذلك عليهما عضويا أو نفسيا وكثير من البنات المتزوجات تكون لديها مشكلة زوجية تافهة تنقلها لاهلها ومن ثم يتخذ الوالدان موقفاً معاديا من ذلك الزوج وفي نهاية الأمر تصطلح معه الزوجة بينما الوالدان تنتابهما حالة الخوف والقلق ويضطرب نومهما وينشغلا بشكل دائم على ابنتهما كما يجب على الابنة في هذه الحالة ان تتحمل مسؤولية هذه المشكلة وان تدرك أنه كلما كبر نطاق المشكلة تفاقمت أكثر وأصبح حلها اصعب ويترتب على ذلك خروج الابنة الى أهلها حيث تكون المشكلة خرجت عن امكانياتها الذاتية لحلها ولابد من تدخل طرف آخر عاقل من الاسرة من أجل المساعدة على وضع حل مناسب للطرفين.
وحول ما تبديه بعض الصديقات لصديقاتهن وما تبثه من شكوى وألم لهن بهدف التخفيف عن النفس والمشاركة في الآلام وما تبدينه لها بعض صديقاتها من نصائح خاطئة أو غير سوية.
وترى الاخصائية رناد ان هناك الكثير من الصديقات او القريبات اللواتي يقمن بتقديم النصح والتوجيه الخاطىء والسبب في ذلك يعود للحياة الشخصية لهذه المرأة صاحبة المشكلة تختلف عن حياة الآخرين ومن ثم يكون النصح في غير محله بسبب التجارب المختلفة وعلى سبيل المثال قد تكون حياتها مترفة وسعيدة وعندما تشتكي من موقف ما تشعر بأنها مظلومة ويكون التوجيه للحلول التي قد تعمل على تدمير حياتها وكذلك ليس ذلك هو الحل الامثل اما فيما يخص من تشتكي من قسوة زوجها وعدم القيام بواجباتها تجاهه كسبيل للرد على القسوة فانني أنصحها ان تقوم بواجباتها على أكمل وجه وألا تقصر في شيء منها.
من تجاربهن
تحدثت الاخت تماضر الرشود فتقول من المؤكد ان الشخص يتضايق من جراء تعرضه لأي قلاقل ولكن حينما يتخذ الشخص المعرض للمضايقة من التحدث وسيلة لتخفيف المضايقة.. فعندئذ سيتفاقم الوضع وعلى النقيض قد يكبر حجم المضايقة والذي دعاني لهذا القول ما تعرضت له احدى الاخوات من خلال حديثها في احدى المجالس عن القلاقل التي يعتريها مع زوجها وقدمت لها احدى الجالسات رأيا.. يوحي بالقسوة تجاه زوجها والتخلي عن أداء واجباتها كزوجة.. وبمجردتطبيقها ما قيل تحولت القلاقل التي تحيط بها الى مشاكل ومشاكسات لا حد لها وحتى سلوكيات زوجها تحولت عن السابق الى الأسوأ..
أما الاخت سارة الماضي فتقول: حينما أكون متضايقة تواسيني والدتي بعبارة ضعي الفرح دائما أمام عينيك.. وان المضايقة لن تدوم وسرعان ما ابتهج.. واشعر بتضاءل المضايقة فالنظرة المستقبلية المتفائلة لها دور في تقليص حجم المضايقة.
أما الاخت أم محمد فحدثتنا قائلة: سبق لي معايشة قلاقل ومشاكل اسرية لا حد لها وكنت أشعر بالضيق والحزن مما أدى الى توعكي وعرضت نفسي على الطبيب وبعد الفحص أخبرني بأن سبب مرضي الاساسي نفسي وأرشدني بمحاولة تناسي المضايقة وان ذلك هو الحل الامثل وذلك بالتسلية والبحث عن كل ما يشعرني بالسعادة سواء بممارسة موهبة او متابعة برنامج مفضل.. الخ.. وبالفعل طبقت ما وجهني به الطبيب ولله الحمد وأنا الآن في صحة ممتازة.
والتقينا بالاخت أسماء العيدان فتقول دائما ما يقول لي أخي بأن التحدث طوال الوقت بالمضايقة يزيد الامر صعوبة وتتوتر نفسية الشخص ويتعب عضوياً من خلال تذكر المضايقة.
وتقول الاخت نورة العيدان بالفعل حدث لي ذلك فكثيراً ما أتحدث عن مضايقاتي بشكل مستمر ولاحظت تعبا نفسيا وعضويا لحظة التحدث وصداعا في رأسي ومنذ ان تركت هذه العادة وأنا ولله الحمد بحال أفضل من السابق.
أما الاخت أم مسعود فترى ان صاحبة المضايقة حينما تكون كثيرة التحدث في المجالس فذلك سيكون أمرا محرجا لابنائها امام مجتمعهم أولا فيشعرون ان الناس ينظرون لهم نظرة قاصرة وستكون هي عرضة للاستجواب ثانياً.. وحدث ذلك بالفعل حينما كنت في احدى مجالس النساء تحدثت احداهن شاكية من سوء تعامل زوجها وعن مشاكلها.. ولاحظت أمارات الحرج في أعين ابنائها.. وبالذات ابنتها البالغة من العمر الرابعة عشرة وبعد مرور فترة.. والتقيت بها ذكرت لي ان النساء اللواتي كن جالسات كلما اتصلن بها يبدأن باستجوابها بأسئلة في منتهى الاحراج..
وتقول الاخت ام مازن أكبر كارثة تؤجج حجم المضايقة كثرة التفكير بها فذلك بحد ذاته وسيلة للوصول للاكتئاب الذي بدوره يؤدي لأمراض عضوية وحدث لي ذلك فكثرة تفكيري بمضايقاتي التي لا حصر لها وبشكل شبه دائم أدت الى وصولي الى حالة نفسية متوترة وأمراض عضوية.. وحينما أعرض نفسي على الطبيب ويتم فحصي واخضع للفحوصات تشير النتائج الى سلامتي عضوياً وان المصدر ناتج عن تعب نفسي.. فالتفكير بالمضايقات بحد ذاته مضايقة.
أما الاخت أم طارق فتقول والدتي مسنة وحينما يحدث بيننا أنا وزوجي خلاف على الفور أهاتف أمي واخبرها بما حدث بيننا.. واستمررت على هذه الوتيرة ولاحظت بعد مرور فترة ان أمي يراودها قلق وخوف وان صحتها ليست كالسابق كما اخبرتني اختي الصغرى بأن أمي بعد مهاتفتي واخباري لها كل مرة تزداد تأثراً وقلقا فكان أن أقلعت عن ذلك وعدت الى رشدي.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved