أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 9th December,2001 العدد:10664الطبعةالاولـي الأحد 24 ,رمضان 1422

رمضانيات

رمضان مزرعة العباد
وردت في تسمية شهر رمضان عدة أقوال. وتكاد تجمع على أن إطلاق اسم رمضان نتج من مجيئه في أيام الحرّ الشديد ولكونه يرمض الذنوب أي يحرقها.
قال ابن دريد: ان الناس قديما عندما نقلوا أسماء الشهور، صادف شهر الصوم أيام رمض وحرارة شديدة ولذا سمّي شهر رمضان.
وقال ابوزكريا يحيى بن زياد الفراء في كتابه (الأيام والليالي والشهور): وإنما سمّي رمضان لرموض الحرّ وشدة وقع الحرّ فيه.
يقول عبدالقدوس الأنصاري في كتابه (الصيام وتفاسير الأحكام) : شهر رمضان هو الشهر الوحيد الذي ذكر اسمه صريحاً في القرآن المجيد. (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، فمن شهد منكم الشهر فليصمه) الآية.
وقد كان المسلمون يقولون عند مقدم رمضان استقبالاً له: اللهم قد أظلّنا شهر رمضان وحضر، فسلّمه لنا وسلمنا له وارزقنا صيامه وقيامه وارزقنا فيه الجد والاجتهاد والقوة والنشاط وأعذنا فيه من الفتن.
وقال معلى بن الفضل: كانوا يدعون الله تعالي ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبلّه منهم.
قال أحد الشعراء:


أتى رمضان مزرعة العباد
لتطهير القلوب من الفساد
فأدّ حقوقه قولاً وفعلاً
وزادك فاتخذه للمعاد
فمن زرع الحبوب وما سقاها
تأوّه نادماً يوم الحصاد

قال بعض السلف الصالح: خصّ الله سبحانه وتعالى شهر رمضان بخصائص كثيرة، منها: انه سبحانه وتعالي جعله شهراً مباركا، وجعل فيه ليلة خير من ألف شهر وجعل صيامه فريضة وقيام ليله تطوعاً، وجعل من تقرّب فيه بخصلة من خصال الخير كمن أدى فريضة فيما سواه، وجعله شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة وشهر يزاد فيه رزق المؤمن، وشهر أوله رحمة واوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.
إن لشهر رمضان المبارك في الإسلام أسماء كثيرة منها: شهر القرآن، وشهر الغفران، وشهر الرحمة، وشهر العتق من النار، وشهر الله وشهر الآلاء وشهر النجاة وشهر الصبر وشهر المواساة وشهر الخير وشهر الكرم وشهر البركات والخيرات، وشهر إجابة الدعوات وشهر الإحسان وشهر إقالة العثرات وشهر العودة إلى الله.
جاء في كتاب بستان الواعظين لابن الجاء وفي كتاب بستان الواعظين لابن الجوزي: مثل الشهور الاثني عشر كمثل أولاد يعقوب. وكما أن يوسف عليه السلام أحب أولاد يعقوب إليه، كذلك شهر رمضان أحب الشهور إلى الله تعالى.
كان أحد الحدادين يعمل في ظهيرة يوم حار من أيام شهر رمضان وكان جبينه يتصبّب عرقاً، فقيل له: كيف تتمكن من الصوم والحر شديد والعمل مضن؟ فأجاب:
مَنْ يدرك قدر من يسأله يهون عليه ما يبذله!
قال المهلب في (نيل الأوطار): الحكمة من تعجيل الفطر أنه يزيد في النهار من الليل، لأنه أرفق بالصائم وأقوى على العبادة.
ولقد خصصت العشر الأواخر من الشهر الفضيل بالعتق من النار وبليلة القدر، يقول أحدهم:


أيا معشر الصوام وافتكم البشرى
وقد نشر الباري بمدحكمو ذكرا
خصصتم بشهر فيه عتق ورحمة
وقد أجزل الرحمن للصائم الأجرا
ولله في العشر الأواخر ليلةٌ
لقد عظمت أجراً كما ملئت خيرا
فطوبى لقوم أدركوها وشاهدوا
تنزّل أملاك بها آية كبرى
وفازوا بغفران الإله فأصبحوا
يشم عليهم من شذا عرفها عطرا

نزل الحجاج في يوم حار في غير رمضان على بعض المياه وجاء وقت طعام الغداء فقال لحاجبه: انظر مَنْ يأكل معي واجتهد ألاّ يكون من أهل الدنيا. فرأى الحاجب أعرابياً نائماً عليه شملة من شعر فضربه برجله وقال: أجب الأمير. فجاء الأعرابي إلى الحجاج فدعاه إلى الأكل معه، فقال الأعرابي: دعاني مَنْ هو خير من الأمير فأجبته.
فقال الحجاج: مَنْ هو؟. قال: الله سبحانه وتعالى دعاني إلى الصوم فصمت. قال: أفي هذا اليوم الحار؟
قال: نار جهنم أشد حرّاً. قال: أفطر وصم غداً. قال: إن ضمنت لي البقاء إلى غد. قال: ليس لي ذلك. قال: كيف أدع عاجلاً لآجل لا تقدر عليه. قال: انه طعام طيب. قال: إنك لم تطيّبه ولا الخبّاز طيّبه ولكن العافية طيّبته.
قال أحد الشعراء:


جاء الصيام ومن صاداته بيدي
سبع فقد أكسبتني بالقبول ثقه
صوفيتي وصفائي في صلاحيتي
والصبر والصون ثم الصدق والصدقه

جاء رجل إلى فقيه وقال له: أفطرت يوماً في رمضان فماذا أفعل؟ فقال الفقيه: اقض يوماً مكانه فقال: قضيت وأتيت أهلي وقد عملوا ثريداً وهم يتقنونه فسبقتني يدي إليه فأكلت منه. فقال: اقض يوماً آخر مكانه.
فقال: قضيت وأتيت أهلي وقد عملوا هريسة وهم يتقنون صنعها فسبقتني يدي إليها. فقال الفقيه: أرى ألا تصوم إلاّ ويدك مغلولة إلى عنقك!!
د. زيد بن محمد الرماني
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved