أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 9th December,2001 العدد:10664الطبعةالاولـي الأحد 24 ,رمضان 1422

وَرّاق الجزيرة

الزيلعي: الثقافة العربية للكويت ساهمت بفعالية في تحريرها من الاحتلال العراقي
*كتب محرر وراق الجزيرة:
زودنا الأستاذ الدكتور احمد الزيلعي رئيس جمعية الآثار والتاريخ بدول مجلس التعاون الخليجي مشكوراً بالكلمة التي ألقاها في ندوة التاريخ والآثار في منطقة الخليج العربي. ونحن اذ ننشر هذه الكلمة ليطلع عليها القراء الكرام عبر وراق الجزيرة نثمن في الوقت نفسه الجهود التي يقوم بها الدكتور الزيلعي في مجالات التراث والآثار.
وهنا نص كلمة الدكتور الزيلعي في افتتاح ندوة«بين التاريخ والآثار في الخليج العربي»:
صاحب المعالي الشيخ أحمد فهد الاحمد الصباح، وزير الإعلام.. سعادة الأستاذ الدكتور محمد غانم الرميحي، أمين المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.. زملائي وزميلاتي.. أيها الحفل الكريم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد.
ففي البداية يطيب لي أن أتوجه إلى معاليكم بالشكر الجزيل على موافقتكم الكريمة على استضافة وزارة الإعلام لهذه الندوة، وعلى رعايتكم لها في رحاب المجلس الوطني الذي نقدر له ولأمينه العام كرم الضيافة، وحسن الاستقبال والإعداد الجيد. كما أشكر كل من له الفضل في تشجيع هذه الجمعية، ودعمها ورعايتها. ومن أولئك بحسب التسلسل الزمني الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، ودارة الملك عبدالعزيز بالرياض، ثم جامعة السلطان قابوس التي استضافت لقاء الجمعية الأخير في مسقط، وأغدقت عليه من صنوف الكرم والترحاب الشيء الكثير الذي توجه صاحب الجلالة السلطان قابوس بتبرعه السخي للجمعية بمبلغ مائة ألف دولار، فله من الجمعية، وأعضائها ومني خالص الشكر، والدعاء بطول العمر. كما أشكر زملائي أعضاء اللجنة التحضيرية، وعلى رأسهم الأخ الزميل الأستاذ الدكتور عبدالمالك التميمي، رئيس اللجنة وأخيراً وليس بآخر أشكر أخي وصديقي وزميلي الدكتور عبدالمحسن المدعج، عضو مجلس الامة وعضو الجمعية على مساعيه الخيرة التي تمخضت عن هذا اللقاء الكبير على أرض الكويت المحروسة إن شاء الله.
أيتها السيدات أيها السادة: ما كنت أعلن حينما كتبت لمعالي الوزير قبل حوالي ثمانية أشهر برغبة الجمعية في مشاركة الكويت احتفالاتها بعام الثقافة أن هذا الموعد سيصادف مناسبة أخرى غالية علينا في المملكة العربية السعودية هي الاحتفال بمرور عشرين عاماً على مبايعة الملك فهد ملكاً للمملكة العربية السعودية، لذلك فالمناسبة مناسبتان في بلدين جارين وشقيقين، لا يسعني إلا أن أدعو الله العلي القدير لقادة البلدين ولشعبيهما، ولسائر قادة دول مجلس التعاون وشعوبها بالخير والصلاح، وأن يجنب أوطاننا كيد الكائدين وحسد الحاسدين، وأن يحميها من كل مكروه، ويحفظها من كل سوء.
أيتها السيدات، أيها السادة: للثقافة العربية في الكويت عندي قصة يطول سردها، وتاريخ يصعب استقصاؤه، فقد سألني صديقي المثقف مرة قائلاً: أتعرف ماذا حرر الكويت من الاحتلال العراقي؟ قلت: وماذا حرر الكويت غير موقف الأشقاء والأصدقاء، وتضافر الجهود الدولية!! قال: مع تسليمي بما ذكرت، فإن الثقافة في الكويت قبل الاحتلال أسهمت بدور فاعل في تحريرها، فخطر ببالي تاج العروس للزبيدي في أفضل صورة من صور التحقيق العلمي الراقي، حينما توقفت أثناء الاحتلال العراقي عند الجزء الثاني والعشرين، وتراءت لناظري لوحة بانورامية لجوانب عدة، وميادين متنوعة من الثقافة العربية في الكويت، ومنها: المسرح، والمتحف، والنشر العلمي والإبداعي، والترجمة، وتحقيق كتب التراث، والدوريات العلمية المحكمة المتخصصة، والصحافة الرصينة الواسعة الانتشار، والمجلات الثقافية المتعددة الاتجاهات والمشارب، وعلى رأسها تلك المجلة العملاقة الرائدة التي لا تذكر الكويت إلا وتذكر مجلة العربي حتى لقد غدت هوية الكويت، وجواز سفرها إلى العالم العربي كله.. يتلقفها القراء في مختلف أرجائه مع إطلالة كل شهر.. ينهلون منها شتى صنوفف المعرفة، ومختلف الأفكار، والاتجاهات، والتيارات، ولعلي لا أبالغ إذا قلت انك تجد الوطن العربي كله ممثلاً في مجلة العربي إلا الكويت، وتلك منتهى الأثرة، ونسيان الذات وما زلت أيها السادة والسيدات أذكر أول عدد وقع في يدي من أعداد مجلة العربي، وأنا في مقتبل عمري، فقرأته من الجلدة إلى الجلدة، وعلق بذهني منه الشيء الكثير، ومنه هذه الأبيات:


قليل أن أزف لك التجلّة
وأن أشدو بفضلك يا ابن بلّه
فأنت البدر في فلك المعالي
وصحبك لا عدمناهم أهله
وعلمك بالنضال شفى بلادا
رماها الأجنبي بكل عله

وأذكر في عدد آخر استطلاعاً مصوراً لمدينة صنعاء صدر بهذا البيت من الشعر:


لا بد من صنعاء وإن طال السفر
وإن تحنى كل عود وأدبر

رأيت في ذلك الاستطلاع صورة رجل يقف بجانب بيت من الحجر، ببردته اليمانية، وعمته الصنعانية، وخنجره الهمداني، وهو يلوح بيده اليمنى إلى الأعلى قائلاً:


إني من القوم الذين جيادهم
طلعت على كسرى بريح صرصر

وقرأت في عدد آخر من مجلة العربي أبياتاً لشاعر ومرب سعودي كبير منها:


ماذا أقول وفي دمي نغم يريد بلا صدى
ومشاعر مكلومة في التيه لم تعرف مدى
ماذا أقول أخي الشريد وفي دمي حيفا ويافا
وجنا الكروم الزاهيات يمس من قلبي الشغافا

تلك هي الثقافة العربية التي صنعتها الكويت.. شربناها صغاراً، وانتفعنا بها كباراً، وحينما تعرضت الكويت لما تعرضت له من احتلال وظلم، ونكران للجميل وقف المثقفون الشرفاء بأقلامهم، وفكرهم مع الكويت، وأهل الكويت في تلك الظروف التي يعرف فيها العدو من الصديق، والخبيث من الطيب، والمعدن الخالص من الزيف«فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض». ومن حسن حظنا أن يكون معنا اليوم في هذا الجمع الطيب مجموعة من الزملاء المؤرخين والآثاريين الذين وقفوا بأقلامهم، ومحاضراتهم، وندواتهم مدافعين ومنافحين عن الكويت في أثناء محنتها.. حقاً لقد وقف هؤلاء موقفاً مشرفاً من أولئك الذين حاولوا إلغاء الكويت، وطمس ثقافتها قائلين لهم:


هل تطمسون من السماء نجومها
بأكفكم أم تحجبون هلالها
أم تهدمون منابراً لثقافة
الله كم عشتم على أفضالها

والحمد لله أن عادت إلى سابق عهدها، وقمة مجدها، مجللة بثوب الفخار والتقدم والرقي والازدهار، ومتشحة بثقافة متصلة تقليدية ومحافظة وعصرية في مختلف الميادين، حتى اختيرت عن جدارة عاصمة للثقافة العربية 2001م وهذا ما دعا أعضاء هذه الجمعية الفتية من العلماء، والمثقفين المتخصصين في التاريخ والآثار إلى القدوم إلى هذه الرحاب الطيبة مشاركين الكويت في احتفالاتها باختيارها عاصمة للثقافة العربية، ومحيين أهل الكويت، وثقافة الكويت في أعراسها الدائمة إن شاء الله تحية صادقة من قلوبهم، يسجلها لهم التاريخ، وتحفظها الأجيال.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved