أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 25th December,2001 العدد:10680الطبعةالاولـي الثلاثاء 10 ,شوال 1422

الاقتصادية

شيءمن المنطق
عجز الميزانية مشكلة إدارية في المقام الأول
د، مفرج بن سعد الحقباني
كعادتنا في كل عام ننتظر كمواطنين إعلان الميزانية العامة للدولة لنتعرف على مؤشرات مستقبلنا الاقتصادي من خلال أرقام الإيرادات والمصروفات التقديرية التي توضح في الغالب توجه الدولة السنوي ومواطن ومجالات اهتمامها المرحلي، وإذا كنا لا نحتاج إلى استعراض مواطن القوة والضعف في الميزانية العامة، فإننا بالتأكيد نحتاج إلى التفكير في الآلية الفاعلة التي تساعدنا على مواجهة العجز الكبير في الميزانية والبالغ حوالي 45 مليار ريال لكونه يمثل خلالاً اقتصادياً ومالياً له تبعات سلبية على واقعنا ومستقبل أجيالنا القادمة، فإذا كنا نعلم بأن هذا العجز سوف يمول من خلال الاستدانة الداخلية أو الخارجية، فإن هذا يعني حل المشكلة عن طريق خلق مشكلة أخرى ربما تكون أشد فتكاً بمستقبلنا الاقتصادي خاصة إذا كانت مصادر التمويل خارجية وخاصة إذا علمنا أن تزايد معدلات خدمة الدين ربما تفوق معدل النمو الاقتصادي السنوي مما قد يؤدي إلى العجز عن السداد أو إلى استنزاف أصول الاقتصاد الوطني، ومن هذا المنطلق فإننا مطالبون باتخاذ الإجراءات الفورية العاجلة التي تحد من هذا العجز من خلال ضبط حركة المصروفات والإيرادات وتوجيهها في الاتجاه السليم بعيداً عن التصرفات المالية والإدارية التي كانت ولا تزال تنطلق من قاعدة اقتصاد الطفرة الذي عاشه الاقتصاد السعودي خلال السبعينيات، ولعل من أهم الإجراءات الضرورية التي يجب اتخاذها ما يلي:
1 ضرورة الإسراع والتوسع في برامج التخصيص التي تكفل الحد من دور القطاع العام في الاقتصاد السعودي، وهنا نشير إلى أن تخصيص أو خصخصة الخدمة أو إدارة الخدمة لا تساهم فقط في تخفيف العبء عن الدولة ولكنها أيضاً تكفل حسن استغلال الموارد المالية والبشرية من خلال برامج الرقابة الفاعلة التي تتطلبها طبيعة العمل في القطاع الخاص، ويمكن القول هنا بأن الخصخصة يمكن أن تكون ،
2 ضرورة تفعيل عنصر الرقابة المالية والإدارية في القطاع العام للحد من صور الفساد الإداري والمالي التي عادة ما توجد في مجالات عمل القطاع العام، وهنا نشير إلى أنه من غير الضروري أن يكون الفساد المالي والإداري في صورة مخالفة مالية وإدارية واضحة ولكنه قد يأخذ صوراً متعددة تؤدي في النهاية إلى هدر المال العام وتوجيهه في غير وجهته السليمة، ومن هذه الصور على سبيل المثال لا الحصر التوسع في منح الانتدابات والمكافآت المالية وعدم تقدير الفترات الزمنية المطلوبة لإنجاز المهام المحددة والحرص على تجفيف بنود الميزانية قبل انتهائها بغض النظر عن الحاجة العامة وعدم الاجتهاد في طرح مواصفات المشاريع المنفذة مع عدم تفعيل عنصر الرقابة على المنفذ والعمل على استقطاب الكفاءات الإدارية غير المؤهلة بغير فيتامين واو وغير ذلك من الصور المقززة التي تشاهد في وضح النهار بغلاف نظامي وقانوني جامد، وفي اعتقادي أن حل المشكلة يكمن فقط في تضييق دائرة القطاع العام مع تفعيل عنصر الرقابة المتجرد من الاعتبارات الشخصية والاجتماعية في الوقت الحاضر هي الحاكم في كثير من الأحيان،
3 التوسع في إشراك المستفيدين من بعض الخدمات في تحمل بعض أو كل تكاليفها خاصة الخدمات التي تتمتع بمرونة استهلاكية عالية، فالجميع يعلم بأن الخدمة التي تقدم مجاناً تستهلك بكميات تفوق الحاجة إليها لكونها ببساطة لا تكلف المستهلك سوى جهد الاستهلاك وبالتالي فإن إشراكه في تحمل تكلفة تأمينها سيجعلها يحرص على تقنين استهلاكه بالشكل الذي يضمن تحقق شرط توازن المستهلك الذي نصت عليه النظرية الاقتصادية، ومن هذا المنطلق فإن إشراك المستهلك للخدمة في تحمل تكلفة تأمينها لا يساهم فقط في تخفيف العبء عن الدولة ولكنه يساهم أيضاً في تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية،
4 ضرورة التركيز على النمو الاقتصادي الحقيقي الذي ينطلق من المقدرة الاقتصادية الوطنية بدلاً من التغني بالنمو الاقتصادي الصوري الذي يقوم في معظمه على مساهمة عناصر الإنتاج الأجنبية، إن الاستمرار في الاعتماد شبه الكلي على عناصر الإنتاج الأجنبية لا يؤدي إلا إلى هدر لمواردنا الاقتصادية وإلى تنامي معدلات تحويل العملات الصعبة إلى الخارج وإلى استنزاف متزايد لمقدرتنا الاقتصادية بالإضافة إلى تعطيل وتهالك عناصرنا الوطنية، وبالتالي فإن من الأجدر بنا ونحن نواجه مشكلة العجز في الميزانية العامة أن نعيد التفكير في منهجنا الاقتصادي وبالشكل الذي يجيب على التساؤل الوطني حول مقدرتنا الوطنية على المحافظة على منجزاتنا الاقتصادية بمعزل عن عناصر الإنتاج الأجنبية،
وأخيراً يجب أن نعلم بأن ما يمر به الاقتصاد السعودي لا يمثل حالة نادرة في محيطنا العالمي ولكنه بالضرورة حالة نادرة لكونه لا ينطلق من مشكلة حقيقية كما هو الحال بالنسبة لكل دول العالم،
وبالتالي فإن مواجهة المشكلة الوطنية تتطلب وصفة وطنية خاصة تعتمد في المقام الأول وجود النية الصادقة والعزم الوطني على مواجهة مسببات هذه المشكلة الخاصة التي يمكن لنا أن نصفها بالمشكلة الإدارية بدلاً من المشكلة الاقتصادية،
* أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved