أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 25th December,2001 العدد:10680الطبعةالاولـي الثلاثاء 10 ,شوال 1422

الاخيــرة

متى يُحَلُّ الزِّحام.. في المسجد الحرام؟!
عبدالله بن ادريس
قُدِّر لي، بعد طول غياب، ان أؤدي عمرة في الاسبوع الاخير من رمضان.. اسأل الله تعالى بعفوه وواسع فضله ورحمته أن يتقبل مني ومن اخواني المسلمين صالح أعمالنا ويتجاوز عن سيئها.
وقد عانيت كما عانى الملايين مثلي زحاما لعله الأول من نوعه.. عند الدخول إلى الحرم من أي باب اتيته، ومن أي طريق سلكته.
كل مكة حرسها الله من كل فجاجها وشعابها تتدفق طوفانا بشريا مهولا.. لا يستطيع لسان ولا قلم ان ينقل صورة ما يرى وما يحدث كما هو.. اللهم الا أن يعتبر ذلك صورة مصغرة ليوم الحشر.. (يوم يقوم الناس لرب العالمين) فبطول ساعات الليل والنهار وجميع ابوابه ودرجه وسلالمه مكتظة بالبشر إلى حد الاختناق والخوف على الحياة أن تزهق بعد (عصر) الجسم الذي يحملها أو هي تحمله.
ومع أن مساحات الحرم الشريف تضاعفت عدة مرات في العقدين الأخيرين، الا أن الانقضاض البشري. وبخاصة من احدى الدول العربية الشقيقة، قد طغت على جميع الجنسيات الاسلامية بحيث تقدر بنسبة 50% من المعتمرين.. كما سمعنا هناك.
ولعل فتح مجالات العمرة بدون تحديد العدد لكل دولة كما هو المتفق عليه في الحج هو السبب المباشر في هذا (الحشر) الذي أصبح فيه الصراخ عند الابواب خوفاً على الحياة أكثر واجهر من ذكر الله تعالى واحترام قداسة المكان.
الساحات التي جعلت خارج مباني الحرم الشريف والشوارع المحيطة بها ومصليات شركة مكة للانشاء والتعمير والفنادق القريبة من الحرم كلها ضاقت بالمصلين حتى ان احد الاخوان ذكر لي أن زحوف المعتمرين وصلت في بعض الاوقات إلى مستشفى (أجياد) أي قرابة كيل عن مبنى الحرم.. وهذا وضع لا يطاق.
لاشك أن حكومتنا الرشيدة على دراية أكثر منا بواقع الحال.. وهي معنية دائما بما يخفف على الحاج.. وعلى المعتمر في (رمضان) عنت الطواف والسعي والتمتع بالصلوات وتلاوة القرآن في بيت الله.. دون ازعاج او ملاسنة بين قوم جاءوا لعبادة الله والتقرب اليه في اقدس بقاع الارض. وعلى ذلك نأمل ألاَّ يعود هذا الزحام المروع مرة اخرى.. وذلك من خلال اتفاقها مع الدول الاسلامية بتحديد الوافدين منها إلى الديار المقدسة.. على غرار ما اتفق عليه بشأن الحج.
هل حجز الاماكن جائز..؟
الراسخ في ذهني منذ صغري أنه لا يجوز ان تحجز لك مكانا في المسجد إلا لضرورة قصوى كالذهاب للوضوء ثم العودة إليه دون إبطاء.
ولكن المشاهد في المسجد الحرام أن مئات الالوف من السجادات والعمائم والاردية وغيرها تغطي صفوف الحرم.. واغلب الحاجزين يذهبون لاعمالهم وقضاء شؤونهم.. ويأتي الذي لم يحجز له مكانا فلا يجد ما يصلي فيه الا بعد عنت وتعب شديد.. وربما بملاسنة وشين نفس..
فهل هذه العادة جائزة.. وغير قابلة للتعديل.؟!
سؤال أوجهه إلى معالي الدكتور الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام وإمام الحرم المكي وخطيبه..؟
ضحك كالبكاء..
أصبح الزحام في الحج وعمرة رمضان موسما خصبا للنشالين وعصابات الاجرام.. الذين يقدمون من بلدانهم قصداً (لمعصية الله) لا لطاعته.. ولمحاربة الله في أقدس مقدساته..
واظن وبعض الظن اثم أنه لم توجد أو تعرف آلية بعد، لعلاج هذا السلوك المشين.. والكسب الحرام في بيت الله الحرام. ذلك لتعذر القبض على النشال المحترف في حومة تلاصق الاجساد عند الدخول والخروج. فهل من مخرج لهذا المأزق الخطير..؟!
لقد شاهدت كمثال واحد رجلا يصيح حينا ويغمى عليه حينا آخر عند (باب الملك فهد) وهو يقف عند شرطة الباب يشكو إليهم أن جميع ما يملكه من نقود واوراق شخصية وتذاكر سفر وغيرها. قد سلبت منه ولم يبق لديه ما يثبت هويته أو يرجعه إلى أهله أو يعيشه. فماذا يصنع..؟
وكاد أن يصير لي نصيب من (النصب) ولكن الله سلم.. ففي زحام الخروج من هذا الباب، وقد التفّت الساق بالساق.. رأيت رجلا طويلا ينوف طوله على الجميع.. وقد لبس اللباس العربي ثوبا وغترة بيضاء وعقالا.. وفي لحظة من اللحظات مد يده الى جيبي وهو يتنفس بقوة كأنه يستنشق الهواء مع أن بامكانه استنشاق انفاس من حوله لطوله الفارع دون حاجة إلى ذلك التأوه المفتعل الذي لا يريد به والله أعلم إلا نشق ما في جيبي.. ولكن يده اصطدمت بيدي التي كانت مستعدة لهذه الحركة المريبة.. فرفع يده بخفة عجيبة.. وكأن شيئاً لم يكن.
إساءة أدب
مدت العجوز رجليها في مدخل باب الحرم فأمرها الجندي أن تكف رجليها عن طريق الداخلين والخارجين.. ففعلت مرغمة، واوردت المثل الساذج وبلهجة بلدها العامية «من فارأ دار أل مئداره» أي «من فارق داره قل مقداره».
ولله في خلقه شؤون.

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved