أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 11th January,2002 العدد:10697الطبعةالاولـي الجمعة 27 ,شوال 1422

مقـالات

كلمة سمو ولي العهد منهج للإصلاح
د. عبدالرحمن بن سليمان الدايل
من أبرز ما يميز قمة مجلس التعاون الثانية والعشرين تلك الكلمة الشاملة التي وجهها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز الى قادتنا الأجلاء، فقد كانت ضافية يعلوها الصدق، وتزينها الصراحة المعهودة في سموه، ويحيطها الوضوح والمصارحة. تلك المصارحة التي تعودها المجتمع الدولي قاطبة في سياسة المملكة العربية السعودية والتي تأتي متسقة مع مبادئها، مستقاة من مصداقيتها المعهودة في الساحة الدولية. فكيف بنا مع الاشقاء وذوي القربى والرحم.
لقد جاءت كلمة سموه الكريم حافلة بالصدق والوضوح والصراحة والمكاشفة والشفافية التي تحلَّى بها سموه ويتسم بها دائما حديثه، فلقد وضع النقاط على الحروف وحدد بمهارة فائقة اسباب الداء ومكامن الدواء والعلاج، فجاء استعراضه البليغ لظروف الأمة الاسلامية والعربية والواقع المعاصر لها صريحا الى ابعد الحدود، فكان الحديث من القلب كعهد الجميع به فوصل الى القلوب وخاطب المشاعر وحرَّك العقول. نعم كان خطاب سموه محركاً للعقول ومنبها لها لتتساءل وما العلاج؟ فإذا بحديث سموه يحدد العلاج الناجع والدواء المطلوب، فالداء هو الفرقة القاتلة التي ابعدت الجار عن جاره ونفَّرت الشقيق من شقيقه، والعلاج يكون في اصلاح البيت العربي والاسلامي وجعله قادراً على مواجهة التحديات، فتغيير الواقع الأليم لا يتم إلا بتغيير أنفسنا. وبمثل هذه الصراحة والوضوح جاء حديث سموه الى القمة الخليجية الثانية والعشرين، جاء مستنداً على ثوابت العقيدة الاسلامية الصافية التي تستند على المبادئ والأسس التي ترى ان صلاح البشرية يقوم على اساس مهم وهو «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، فتغيير ما بالنفس مبدأ ثابت للتغيير والتطور نحو الافضل، والنزوع الى الخير ومحاسبة النفس اولاً بأول كفيل بأن تنتظم حياة الافراد والشعوب على طريق الحق والصواب. والوقوف امام المرآة للمكاشفة والمحاسبة كفيل بتبيان الأخطاء. ومحاسبة النفس عن طريق النفس يوضح لها اخطاءها ويبين لها مواقف ضعفها وقوتها. اما التقصير والقعود عن تغيير انفسنا فهو مدعاة للتقصير في كافة شؤون الحياة. وكم من أمة قعد افرادها عن محاسبة النفس فصارت لقمة سائغة لغيرها من الأمم حيث ضعف عودها ولانت عريكتها وصارت مطمعاً لغيرها حين وقفت عن الأخذ بأسباب التطور والنمو وطغت على افكار ابنائها انه «ليس بالإمكان ابدع مما كان».
فسارت عجلة الحياة من حولها وظلوا هم حبيسي فكرهم على الرغم من ان اساسهم العقدي متين وقوي ويحثهم ويطالبهم بالعمل الجاد الدؤوب لعمارة الارض وتطوير الحياة وجعل العلم المفيد في خدمة تطورهم وسبيلاً لسعادتهم. ان الابتعاد عن محاسبة النفس يراكم الأوهام في نفوس الافراد ويزاحمها على الشعوب فتظل أسيرة رأيها وإن كان مخطئاً وتظل دائما عند كل مُلمّة أو نزول نازلة تشير بإصبع الاتهام الى غيرها من الأمم ناسية او متناسية ان اصبعا واحداً من يدها يشير الى «المتهم» وأن أربعة اصابع تشير نحوها تتهمها وتستنهض همتها بإعادة النظر والتفكير في محاسبة النفس.
فما كانت محاسبة النفس الا بداية حقيقية للانسان ليحيا حياة سعيدة وكريمة وماكانت الا منطلقاً للأمم المتقدمة لكي تبدأ مسيرة تقدمها، ولنا في شعوب العالم عبرة وعظة نجدها تتهم نظمها التعليمية اذا ألمت بها مُلمة، وتفتش عن اصلاح اقتصادها بين الحين والآخر، ونجدها تسعى لتوحيد شتاتها بل وعملاتها النقدية في عملة واحدة قوية لتنافس غيرها وتكون قوة يحسب لها حساب. والأعظم من ذلك ان بعضها يعدُّ السبق الذي يحققه احد عليها في مجالات الحياة او حتى في غزو الفضاء هناك بعيداً عن الأرض يعدّه نقصاً ونكوصاً في نظامه التعليمي وتخلفاً منه في مجالات تعليمية محددة هي الرياضيات والعلوم فيذهب يفتش ويبحث وينقب ويجند طاقاته لتحقيق التقدم الذي ينشده في هذا المجال وغيره.
وبعضهم ايضاً اذا حدث عجز في موازناته المالية والتجارية يشير بلا تردد بأصابع الاتهام الى التعليم ويتوجه نحو تطويره بلا تردد ايضاً.
إن كل ذلك تم ويتم في العالم المتقدم الذي سبقنا في مجالات العلم والمعرفة والتطور الصناعي والتقني وصار مصدراً لها لنا نحن العرب والمسلمين واكتفينا نحن حتى الآن بالاستهلاك وأصبحت اوطان المسلمين وبلدان العالم العربي سوقاً رائجة لمنتوجاتهم.
ومن أجل ذلك فقد جاء حديث سمو ولي العهد من الوضوح والصراحة بحيث يصبح منهج تطوير واسلوب تحديث لمسيرتنا في عالمنا العربي والاسلامي الذي أخطأنا في حقه ولم تتحقق وحدته مع ان الخالق عز وجل اراد لنا ان نكون امة واحدة ولكن تفرقت بنا السبل اقتصادياً وتعليمياً، تفرقت بنا السبل في هذين المجالين المهمين اللذين هما عصب حياة الأمم فهل آن الأوان لصحوة حقيقية تجعل مجال التوحيد مرتكزاً على التغيير المطلوب وعلى الوحدة الحقيقية التي تقوم على أسس اقتصادية وعلى مناهج دراسية واحدة كما طالب سموه الكريم تنتج جيلاً شاباً مؤهلاً للتعامل مع المتغيرات؟ إن الآمال تتجدد في تحقيق ذلك لصالح ابناء هذه الأمة التي قصرنا كثيراً في حقها. وأدعو الله ان يحفظ لنا قيادتنا وان يوفقها دائماً الى كل خير.
والله ولي التوفيق


أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved