أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 13th January,2002 العدد:10699الطبعةالاولـي الأحد 29 ,شوال 1422

مقـالات

أستاذي رئيس النادي الأدبي!
إبراهيم بن عبدالله السماري
أذكر أنني عندما كنت طالباً في المرحلة الثانوية كان أستاذي في مادتي التعبير والادب العربي هو الدكتور محمد بن عبدالرحمن الربيع وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للدراسات العليا والبحث العلمي حالياً والذي عُيِّن مؤخراً رئيساً للنادي الادبي بالرياض بالاضافة إلى عمله في الجامعة.
كانت مادتا التعبير والادب العربي من أحب المواد إلى نفسي بما يضفيه عليهما هذا الاستاذ الفاضل من شيق الموضوعات وطريف المعلومات. وكان لهاتين المادتين الفضل الأكبر في تربية ذائقتي وتغذية محبتي لكتب التراث وحرصي على تذوق النصوص الادبية الراقية والغوص في دلالاتها والتعمق في مضامينها الجمالية والبلاغية.
والذين يعرفون هذا العلم الجهبذ يعرفون شغفه بالبحث والاطلاع حتى قيل انه ليس هناك كتاب لم يقرأه الدكتور الربيع، وإن الكتاب الذي لم يقرأه ليس بكتاب. وقد تكون هذه مبالغة ولكنها يقيناً مبالغة لها ما يسوغها بالنسبة للذين تتلمذوا على يديه في مواد اللغة العربية والادب في المعهد العلمي وفي كلية اللغة العربية وطلاب الدراسات العليا الذين أشرف عليهم أو ناقشهم وهم كُثُر جداً، فسبروا قدراته العلمية المتمكنة ونهلوا من معين ثقافته الثرية.
عندما تناهى إلى سمعي خبر تعيين الاستاذ الدكتور محمد الربيع رئيساً للنادي الادبي بالرياض ايقنت أن هذا النادي العريق تاريخاً وعطاء قد وفق إلى قائد متمكن وربان ماهر قادر على أن يمنحه الامان وسط موجات التحديات المعاصرة التي تهدد خصوصية ثقافات الشعوب المختلفة ومنها على وجه الخصوص خصوصية ثقافة العالم الإسلامي بما فيها من مقومات التميز والتفوق إذا فتحت لها السبل وأعدت الاعداد السليم.
وسألت نفسي: ماذا يمكن أن يقدم النادي الادبي للمثقفين في بلادنا؟ وماذا يمكن أن يقدم رئيسه في المرحلة المقبلة؟
السنوات التي قاد خلالها الاستاذ عبدالله الدريس النادي الادبي بالرياض كانت حافلة بالعطاء وفق قاعدة «الجود من الموجود» بالنظر إلى الامكانات المتاحة. والجهود التي قدمها هذا المربي الفاضل يجب أن لا تجحد ولا تنسى ويجب أن يحمد عمله الدؤوب ومحاولاته الجادة للرقي بأداء هذا الكيان وسط رغبات لا تنتهي وطموحات قد تتجاوز حدود المتاح والممكن.
وبرغم جهود الاستاذ ابن دريس اقول: انه لا يمكن أن نقارن بين أداء النادي الادبي بالرياض وبين أداء بعض المجالس الادبية الخاصة كإثنينية عثمان الصالح وثلاثية راشد المبارك واربعائية أحمد باجنيد وخميسية حمد الجاسر وغيرها من المجالس الادبية الخاصة المتميزة، إذ ستكون المقارنة ظالمة للنادي الادبي ولكن مقتضى العدل لابد أن يلفت انتباهنا إلى بعض الظروف التي تحكم سير عمل النادي الادبي المربوط بجهة حكومية تسير وفق روتين رسمي معين قد لا يعطي المسؤول عن المنشأة سرعة وشمول الحركة بالقدر المطلوب في ميدان ينافس فيه قطاعاً خاصاً ليس مقيداً بقيود روتينية تحد من نشاطه وتطلعاته.
ولكن هذا كله لا يمنع أن طريقة الاداء تختلف من شخص لشخص آخر بما يفتح سبلاً جديدة ووسائل جديدة واساليب جديدة في العمل. وفي موضوع النادي الادبي بالرياض اتفاءل كثيراً بمستقبل أكثر اشراقاً بحكم معرفتي بسعة ميدان علاقة الدكتور الربيع بمختلف شرائح المجتمع ومركوم خبراته السابقة في هذا المجال وفي العمل القيادي عموماً ولاسيما ما يتعلق منه بالجانب العلمي والادبي والثقافي حيث شغل منصب وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للدراسات العليا والبحث العلمي سنوات طويلة وهو عضو في عدد من المجلات العلمية والادبية، كما اختير رئيساً لعدد من اللجان العلمية في عدد من المؤتمرات والندوات المهمة.
وفي هذا الصدد فإن المتوقع أن يبني الدكتور الربيع جسور تواصل متينة بين النادي الادبي وبين المجالس الثقافية الخاصة الموجودة في مدينة الرياض. وهي كثيرة بحمد الله ويمكن أن تصبح روافد غنية للنادي الادبي، كما يمكن أن يكون النادي الادبي ردءاً لها، وذلك عن طريق تنسيق الجهود الثقافية وتوجيه الجهد الثقافي نحو العمق المأمول بتخير الموضوعات المطروحة والقضاء على تكرار المعالجات في النادي وفي تلك المجالس.
وفي رأيي الخاص فإن على الرئاسة العامة لرعاية الشباب أن تعيد النظر في اختصاصات النادي الادبي والجمعية السعودية للثقافة والفنون لأن تداخل الاختصاصات بينهما لا يهيئ أسباب النجاح الذي يطمح إليه الوسط الثقافي.
ولعل الاجدى من أجل تشجيع الثقافة الوطنية أن يصبح اختصاص الجمعية هو الفنون فحسب ويصبح اسمها «الجمعية السعودية للفنون» ويصبح الجانب الثقافي من اختصاص النادي الادبي، ذلك أن تركيز المسؤوليات وتحديدها هو العتبة الأولى من سلم النجاح بإذن الله. كما أن تبعية النادي الادبي لغيره من الجهات يعد اضعافا للنادي واثقالا له بالقيود الرسمية، فوق أنه يجعله رهين اختلاف وجهات النظر في السياسات الثقافية وتنفيذها مما لا يتيح له المنافسة الحقيقية المرجوة.
لا أظن عاقلا سيطالب النادي الادبي بأن ينهض بما يمكن أن تنهض به وزارة الثقافة التي طال انتظار اشراقتها في ظل الحاجة الماسة لها وتعدد المطالبات بها لترعى الشؤون الثقافية في بلادنا تحت مظلة واحدة، وبمنهج واحد في التعامل مع الفعاليات الثقافية من حيث التخطيط والتنسيق والتنفيذ، ولتكون مرجعاً يفيء إليه المثقف حين تتشعب به السبل أو تعيقه الصعوبات.
ولكن المأمول أن يحقق النادي الادبي بالرياض في عهد رئيسه الجديد الآمال المعلقة عليه وهو أهل لذلك عن طريق الاستفادة من النخب الفكرية في بلادنا من أجل ابراز وجهها الثقافي بالصورة التي تليق بها. ذلك أن توفير مساحات الابداء أمام النُّخب الفكرية في مجالس ذات طبيعة ثقافية خالصة لها ايجابيات كثيرة ومنافع متعددة. فالنفوس بطبعها وفطرتها تنتشي بالتساجل مع ابداءات الآخرين، وتزهر حقولها بالتحريك الواعي لدفائنها المحبوسة بين الاضلاع. ودواعي التفاعل في المجالس الثقافية ذات الطبيعة السجالية الحية أقوى من دواعي التفاعل مع ما يكتب أو ينشر او يذاع أو يتلفز، لان الالتقاء المباشر له ايحاءات لا تستطيع انتاج مثلها وسائل الاتصال الاخرى، مهما كان اثرها ومهما كان تأثيرها وعدد المتابعين لها.
هناك عدد من التطلعات التي تشرئب نحو النادي الادبي بالرياض في عهده الجديد، لعل من أهمها: قيامه بواجب التكريم والاحتفاء بالرموز الثقافية التي لها حضور فاعل في الساحة وخدمات مميزة للمجال الثقافي والادبي والاجتماعي. حيث لا نسمع عن شيء من هذا التكريم والاحتفاء في النوادي الادبية بعد جائزة الادب التقديرية التي كانت سحابة صيف فانقشعت فلعل هذا النادي يستمطرها من جديد.
ومن التطلعات التي أراها ضرورية لتفعيل مناشط النادي الادبي بالرياض: أن يبادر النادي الادبي بالرياض إلى بناء جسور تواصل متينة مع وسائل الاعلام المختلفة من تلفاز واذاعة وصحافة، وان يقوم هذا البنيان على ثلاثة أسس هي الوضوح والعدل والثقة المتبادلة لتستقيم حركة العلاقة بينهما.
حين أطالب النادي الادبي بالرياض أن يفتح قلبه قبل أبوابه للابداءات الثقافية لا أعني ابداً أن تكون ساحاته كلأ مباحاً لكل أحد فمن الضرورة بمكان الوعي التام بأن الثقافة الحقيقية المثمرة لا مكان في ساحاتها الرحبة للادعياء والدخلاء وما يسمى بالترف الذهني الذي لا يحقق فائدة ولا يحدث أثراً، وإن من مقتضى هذه الضرورة ضرورة أخرى هي ضبط وترشيد الفعل الثقافي بما يحقق المصلحة العامة والفوائد المطلوبة منه. وهذا هو المطلب الذي يجب أن تخصص له مساحات شاسعة من الاهتمام وهو حري أن تقدح له الآراء فتذكى جذوتها، ويستفاد من نورها وصوابها.
وبعد ذلك كله أقول للنادي الادبي بالرياض ولرئيسه الجديد الدكتور محمد الربيع: إن دعواتنا لكم تسبق تطلعاتنا بكثير فالجميع واثقون من حسن قيادتكم وواثقون بقدراتكم.
من خواطري الشخصية:
ما أصعب أن تبحث عن نفسك وسط براكين التطلعات المفجوعة بغلبة التقصير والخمول، واصعب من الصعب ان تسأل نفسك: كيف استطاع ذلك الخمول ان يخمد فورة البركان؟!
والانسان قد لا يملك امام ضعفه غير أن يجلد نفسه بسياط العتاب والندم. ولكن قليل من الناس هم الذين يحسون بهذه السياط، فتستيقظ حواسهم كلها عزماً وارادة وتصميماً على أن ينهضوا بأنفسهم من كبوتها، وكثيرٌ هم الموتى لا تؤلمهم الجروح ولا تتدفق في رؤوسهم الدماء!!
هذا وبالله التوفيق،،،
alsmariibrahim@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved