أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 13th January,2002 العدد:10699الطبعةالاولـي الأحد 29 ,شوال 1422

مقـالات

بوح
الفراغ
إبراهيم الناصر الحميدان
لا أحتاج إلى كتابة مقدمة تخدم هذا العنوان لأن شبحه يخيم علينا أينما ذهبنا! والفراغ ببساطة أن تحتار في قضاء وقتك. فالموظف قد يكون أقل معاناة إنما المصيبة هي في ذلك الفرد العاطل من الجنسين خاصة أولئك الذين أنهوا مرحلة الدراسة وشمروا عن ساعديهم للإنتاج وتأسيس مستقبلهم، فتراهم محبطين يشكون عقبة كأداء في تخطيط أي تنمية اجتماعية تستوعب طموحاتهم إن كان هناك أي تخطيط في المجتمعات النامية التي يغلب عليها النوم العميق والتغاضي عن هذه الفئة المحرومة من حقها الطبيعي في الإنتاج. ولهذا أصبحت مثل القنابل الموقوتة التي تنفجر على حين غفلة بعد ما يأتي من يعبئها بغية التحطيم وإحراق الأخضر واليابس، وربما توجيهها إلى مجالات الفساد والإفساد لإشعال الاستقرار. فهي بالرغم من تجاهل خطط التنمية في تهيئة المناخ الملائم لاستيعاب قدرتها تجدها ترتمي في أحضان أي مارق يلوح لها بما قد يسيء إليها وإلى مستقبلها، إنما هي تتقبل أي عمل يملأ الفراغ الذي يضطرب بين جوانحها ويجعلها شبه عمياء عن التوجه السليم الذي تفتقده وليس هذا الوضع الأليم تشكو منه فئة دون أخرى إذ يستوي في ذلك الغني والفقير طالما ترك العنان دون تحكم أو توجيه، فهؤلاء الذين يزرعون الشوارع والأسواق أو يمتطون العربات الفارهة للعبث بنظام السير أو المرور ليسوا أقل معاناة من الذين يمضون جل أوقاتهم في المعاكسات الهاتفية لإزعاج الآخرين، فالفارق هو في وسيلة تبديد وقت الفراغ الذي يحاصرهم. كما أن الفتيات لسن أقل مضايقة من هذا الوقت الجاثم على صدورهن يبددنه في متابعة القنوات الفضائية بما نعرفه من مواد تافهة عقيمة تبثها لشغل الساعات الطويلة التي يتعين عليها أن تملأه بأي مادة متاحة طالما الإعلان التجاري يساعدها في تحديد فترة البث وليس لغايات ثقافية أو علمية مدروسة تضيف وعيا جديدا أو تدفع إلى التفكير في أمور جادة لها مردودها الثقافي، وهكذا تحول اسم الاجازات الموسمية إلى جنائز للوقت في المجتمع العربي عامة يضيع في هذا الإهدار ويخلو من أي استغلال عن طريق تنمية القدرات وتعهد الامكانات وكأنما أجهزة التعليم والتدريب تتنفس الهواء عندما تقفل أبوابها لتلقي عبء هذه الطاقات على قارعة الطريق، تفعل ما يحلو لها أو تمارس عبثها الضار للمجتمع بينما المفروض أن تفتح في المقابل مجالات التدريب لاستغلال الوقت بما ينفع بعيدا عن الممارسات الجسيمة الضرر.. ومعاهد التدريب مدعوة إلى تركيز نشاطها في تلك الأوقات الضائعة من عمر تلك الورود الشابة من الأجيال المستقبلية بالتعاون ما بين الدولة والقطاع الخاص لتكون الرسوم في مستوى الامكانيات المادية للأكثرية العظمى من شرائح المجتمع إذ لو تضافرت جهود المصانع والمستشفيات والمنشآت التجارية لاستيعاب هذه الفئات كل عام أو أكثرها على الأقل لأمكن إعداد أجيال تفاخر بمستواها الإعدادي، لا التي تراهن على إزعاج مجتمعها بالممارسات الصبيانية التي لا يتاح لها سواها كنتاج للفراغ المؤلم الذي يفتك بها ويبدد طاقتها أعرف بأن بعض المنشآت تحاول أن تختار عينات من المتقدمين لها في العطلة الصيفية لشغل فراغهم إنما الأعداد التي تختارها قليلة نسبه إلى التبعية الكبيرة التي توصد في وجهها الأبواب .
ولهذا ينبغي أن توضع دراسة علمية دقيقة توضح أعداد وحجم تلك الطاقات المعطلة ليس في العطلة الصيفية فحسب وإنما على مدار العام لإشغال البطالة والفراغ بما يعود على الوطن بالفائدة.
للمراسلة: ص.ب: 6324
الرياض: 11442

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved