editorial picture

دعم صريح للعدوان الإسرائيلي من القوة العظمى

لم يكن الدعم الأمريكي لإسرائيل يحتاج إلى دليل في يوم من الأيام، ومع ذلك كان هناك تطلع إلى قدر من الموضوعية من قبل القوة العظمى لتسوية المشكلة العالقة منذ عقود، باعتبار أنها قد تفعل ذلك من باب استكمال مقومات الدولة الكبرى التي يمكن أن تكون حريصة على الاستقرار والسلام في العالم.
وعلى الرغم من محاولات أمريكا مواربة نزوعها القوي للوقوف إلى جانب إسرائيل مهما كان عدم توافق نهجها العدواني مع مقتضيات السلام، فإن واشنطن قررت إطلاق العنان لتأييدها غير المحدود لإسرائيل وراحت تكيل الاتهامات لعرفات، وتؤيد إسرائيل في إبقائه سجيناً حيث هو في رام الله ولوَّحت في ذات الوقت بإغلاق المكتب الفلسطيني في الولايات المتحدة وعدم إرسال رسائل لعرفات، وتعليق مهمة مبعوثها الجنرال زيني.
إن مرحلة جديدة بدأت تتأكد في الأفق الدولي تغيب فيها الموضوعية تماما، وهي مقدمة لفوضى عارمة في العلاقات الدولية، يجد فيها المجرمون ملاذاً آمناً لدى الدول الكبرى، فشارون الغارق إلى أذنيه في المجازر ضد العرب منذ منتصف القرن الماضي وإلى مذابح صبرا وشاتيلا مع أداء دموي مستمر حتى الآن هو من تؤيده واشنطن ضد عرفات الذي نظرت إليه واشنطن من قبل على أنه رمز للاعتدال وباركت خطواته السليمة.
إننا إزاء عالم يخضع لمنطق القوة التي تجيز لإسرائيل عدم الالتزام بالقرارات الدولية بل وأن تقتل وتشرد وتغتصب الأرض، لكنه يعامل أصحاب الحق الذين يحاولون التصدي لكل ذلك على أنهم ارهابيون.
كل ذلك يفتح الأبواب على مصراعيها للعنف، فاستمرار الضغوط على عرفات وسلطته بهذا الشكل المريع لن يجعل بالإمكان إيجاد طريق ثالث.. فإما الخنوع والخضوع لرغبات شارون ومرئياته المبتسرة للسلام وإما مواجهة القوة بقوة مضادة.
ويبدو أن ذلك، هو للأسف، ما تنبئ به التطورات الحالية وسط أجواء الاستعداد الأمريكي العسكري الكامل والمدافع الموجهة للجميع..


jazirah logo