(1)
عندما سقط، وأحسّ بألم السقطة، تحامل على نفسه.. تلفت حوله.. نفض الغبار عنه، وهو يردد في سره:
لست أول الساقطين.
كم يكره هذه الكلمة.. دائماً تطارده في نهاية كل عام.. دون أن يحس به أحد.. والده فقط يشاركه وجع السقوط.. قرر بعد الآن ألا يسقط.. كتم أنينه.. أخذ يجتهد، ويعدو بكل طاقته.. مسح عرقه رافضاً أن يتساقط منه شيء، قبل أن يصل كانت حناجر المتفرجين ترتفع بالصياح، تحتج كلما رأته يشذ عن القاعدة.. ويغالط نفسه.. ويسير عكس التيار، و.ي.ن.ج.ح.
(2)
تصحر الجسد
هذه المرة، وقبل أن يشرب نظر.. وليته ما نظر.. لِمَ يستجيب لتلك النزعة البعيدة؟ أما طواها الزمن؟ عيون، وشفاه.. تترقب.. تستشرف غيبه.. تسبقه نحو الماء.. أمه تبسمل.. أخته تحوقل، زوجته ملتاثة، وهو بينهنّ منتصباً بمسوح الحداد الجديدة.. يتحدى تقلبات الحزن، ويسهب في الحديث عن نكاح مغلوط.. العقول فقط تصغي، ثم تهوي في برك القطن، ويظل هو يحدق في الكوب المترع.. ليته ما نظر.. قالها في نفسه.. ثمّ عبّ الكوب دفعة واحدة.. أخذت المياه تضطرب في جوفه.. تحوم حول الفتحة التي جاءت منها.. تنظر إلى طبقات جسده نائمة على غصن شجرة تحتضر.
|