* بروكسل رويترز:
من جون تشالمرز
عاد للظهور فجأة فيما يبدو ما كان يباعد بين الولايات المتحدة وأوروبا قبل هجمات 11 سبتمبر أيلول ويقول محللون ان دعوة ادارة بوش لتوسيع الحرب ضد الارهاب منفردة اختزلت فترة التقارب عبر الأطلسي في اعقاب الهجمات.
وكان شعار «كلنا أمريكيون» الذي تصدر صحيفة لوموند اللبيرالية الفرنسية التي نادرا ما رفعت راية الدفاع عن المصالح الأمريكية تعبيرا عن احساس مشترك بالتعرض بالخطر والاعتماد المتبادل في تلك الايام الاولى التي اعقبت الهجمات. في الاسبوع الماضي نشرت الصحيفة نفسها مقالا عن السياسة الخارجية الأمريكية عنوانه «هل اصيبت الولايات المتحدة بالجنون».
الاوروبيون منزعجون من رؤية الرئيس الأمريكي جورج بوش العالمية. وهم فزعون بشكل خاص من ان واشنطن التي تطفح بالثقة بعد انتصارها في أفغانستان ربما تعد لمحاولة للاطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين.
وفي الاسبوع الماضي كرر كولن باول وزير الخارجية الأمريكي الذي ينظر اليه باعتباره كابح للصقور في واشنطن تأكيدات سابقة عن عدم وجود خطط لهجمات مبكرة على العراق. لكن هذا لم يفعل شيئا في منع القلق والسخط في عواصم دول الاتحاد الأوروبي.
في البداية هاجم اوبير فدرين وزير الخارجية الفرنسي المنهج الأمريكي «المفرط في النبسيط» في الحرب ضد الارهاب. ثم حذر وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر في الاسبوع الماضي بوش من معاملته لحلفائه كدول تابعة.
ودعا كريس باتن مفوض الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي وهو بريطاني محافظ الحكومات الاوروبية لمنع واشنطن من «اندفاعها في توجهها الانعزالي».
وعاد للاتهام بعد ايام قليلة قائلا ان الحملة العسكرية الأمريكية في افغانستان «ربما عززت بعض الغرائز الخطيرة» بأن الاعتماد على القوة العسكرية هو الاساس الوحيد للامن الحقيقي وانه يمكن لواشنطن ان تعتمد على نفسها وحسب وان الحلفاء ربما كانوا مفيدين كاضافة غير ملزمة.
ولخص رئيس الوزراء الاسباني خوسيه ماريا ازنار الذي يتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي المزاج السائد في مقابلة مع صحيفة در شبيجل الالمانية الاسبوعية قائلا «نمر بلحظة تاريخية يتعين فيها على الاوروبيين والأمريكيين الشماليين اعادة تعريف تحالفهم».
قال فيليب جوردون وهو زميل أبحاث بارز في معهد بروكينجز بواشنطن ان أعضاء حلف شمال الأطلسي تبادلوا المفاجآت في سبتمبر أيلول.. واشنطن لم تسارع باطلاق النار وأيد الاتحاد الأوروبي حربها ضد القاعدة وحركة طالبان.
وكان هناك تغير في المزاج منذ الأيام الاولى لادارة بوش التي انسحبت من اتفاقية كيوتو لتغير المناخ وتحدت النظام النووي العالمي بخططها الخاصة بالدفاع الصاروخي وانسحبت على ما يبدو من الشرق الاوسط.
ومع هجمات 11 سبتمبر أيلول صفت الولايات المتحدة وأوروبا بل وروسيا الصفوف في الحرب ضد الارهاب. وتعشم الاوروبيون في اغتنام الفرصة لجر موسكو الى شراكة أقوى مع الغرب واعطاء عملية السلام في الشرق الاوسط أولوية أكبر والمساعدة على تحقيق الاستقرار في البلقان.
لكن بوش بدا أكثر حرصا على توسيع الحرب ضد الارهاب واشتمل هذا على «قبول أعمى» على حد تعبير فدرين «بسياسة القمع» التي ينتهجها رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون ضد الفلسطينيين.
قال جوردون «كل جانب يعزز اسوأ الميول... بوش يعود الى ما يخشاه الأوروبيون في المقام الاول وهو تأكيد للطابع العسكري وافتراضات بشأن صراع الحضارات. وتعود اوروبا الى ميولها الاسوأ وهي مجرد الشكوى وعدم تقديم سياسة بديلة. ويؤدي هذا الى دورة سلبية».
قال وولفجانج هاجر من مركز الدراسات السياسية الأوروبي ببروكسل ان أوروبيين كثيرين قلقون من «المنهج المتشدد» للرئيس بوش. وأضاف «هناك شعور عام بأن هذه رئاسة خطرة منفلتة ليس فقط بين المتشككين المألوفين مثل فرنسا».
وزرعت بذور الشك في وجود مرحلة جديدة من الاعتماد المتبادل مبكرا بعد 11 سبتمبر عندما قررت واشنطن طلب قدر ضئيل من مساعدة حلفائها.
وجرى تسليط الضوء فجأة على الفجوة المتزايدة في القدرة بين الولايات المتحدة وشركائها في حلف الأطلسي فالزيادة المقررة في ميزانية الدفاع الأمريكية في عام 2003 تزيد على اجمالي ميزانية الدفاع لاكبر حلفائها.
وقال نيكولاس بيرنز سفير أمريكا لدى الحلف انه «بدون تحرك مؤثر... فاننا سنواجه احتمالا حقيقيا لحلف على مستويين في المستقبل».
وحث جورج روبرتسون الأمين العام للحلف الأوروبيين منذ فترة طويلة على انفاق المزيد على قدرات ادارة الأزمات لكنه حذر مؤخرا بشدة أكبر من ان الفشل في تحقيق ذلك سيدفع أمريكا نحو «الانفرادية أو الانعزالية».
وقال بول روجر استاذ دراسات السلام في جامعة برادفورد بانجلترا في مقال انه لم يطرأ سوى تغير ضئيل على السياسة الأمنية الأمريكية منذ 11 سبتمبر أيلول والتي تقوم على أساس طلب المساعدة عند الضرورة واتباع سياسة انفرادية عندما تبدو ملائمة.
وقال روجرز ان «الانقسام المتوقع بين المنهجين الأوروبي والأمريكي في التعامل مع الامن والذي كان واضحا قبل 11 سبتمبر سيصبح الموضوع الرئيسي في العلاقات عبر الأطلسي» اذا قررت واشنطن توسيع الحرب ضد الارهاب.
|