Tuesday 19th February,200210736العددالثلاثاء 7 ,ذو الحجة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

آل الشيخ في كلمة لضيوف الرحمن :آل الشيخ في كلمة لضيوف الرحمن :
قدومكم للبلد الحرام طائعين يجب أن يستغل في القربات والبعد عن المعاصي
علينا إعادة النظر بحال الأمة والسعي لجمع الكلمة

* مكة المكرمة واس:
وجه سماحة المفتي العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ كلمة عن الحج وأحكامه وفضائله وشروطه وشعائره ومناسكه وآدابه ومكانته في الاسلام وأوصى حجاج بيت الله الحرام بجملة من النصائح والوصايا التي تنفعهم في دينهم ودنياهم.
قال فيها : الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد سيد الانبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى أثره باحسان إلى يوم الدين أما بعد
اخواني المسلمين يقول الله عز وجل: {جّعّلّ پلَّهٍ پًكّعًبّةّ پًبّيًتّ پًحّرّامّ قٌيّامْا لٌَلنَّاسٌ....} [المائدة: 97] أي قواما لهم في أمر دينهم ودنياهم ما دام في الأرض دين وما حج عند الكعبة حاج وعندها المعاش والمكاسب. هذا البيت الحرام هو أول بيت وضع للناس قال تعالى: {إنَّ أّوَّلّ بّيًتُ وضٌعّ لٌلنَّاسٌ لّلَّذٌي بٌبّكَّةّ مٍبّارّكْا وهٍدْى لٌَلًعّالّمٌينّ، فٌيهٌ آيّاتِ بّيٌَنّاتِ مَّقّامٍ إبًرّاهٌيمّ ومّّن دّخّلّهٍ كّانّ آمٌنْا....} ( آل عمران 69 97 ) وهو في واد غير ذى زرع وضع فيه إبراهيم الخليل ابنه اسماعيل وأمه ودعا ربه متضرعا {رّبَّنّا إنٌَي أّسًكّنتٍ مٌن ذٍرٌَيَّتٌي بٌوّادُ غّيًرٌ ذٌي زّرًعُ عٌندّ بّيًتٌكّ پًمٍحّرَّمٌ رّبَّنّا لٌيٍقٌيمٍوا پصَّلاةّ فّاجًعّلً أّفًئٌدّةْ مٌَنّ پنَّاسٌ تّهًوٌي إلّيًهٌمً وارًزٍقًهٍم مٌَنّ پثَّمّرّاتٌ لّعّلَّهٍمً يّشًكٍرٍونّ} [إبراهيم: 37]، والمعنى أنه عليه الصلاة والسلام دعا ربه عز وجل أن يجعل ذريته موحدين مقيمين للصلاة التي هي من أخص وأفضل العبادات الدينية ودعاه أيضا أن يجعل أفئدة أي قلوبا من الناس تحبهم وتحب الموضع الذي هم ساكنون فيه فأجاب الله تعالى دعاء خليله فأخرج من ذرية إسماعيل محمدا صلى الله عليه وسلم سيد الأنبياء والمرسلين وإمام الموحدين فدعا إلى الدين الإسلامي والى ملة إبراهيم فاستجابوا وصاروا مقيمين للصلاة، وافترض الله حج هذا البيت وجعل فيه سراً عجيباً جاذبا للقلوب فهي تحجه ولا تقضي منه وطرا على الدوام بل كلما أكثر العبد التردد إليه ازداد إليه شوقه وعظم ولعه وتوقه وجعل سبحانه هذا البلد أيضا أمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء فإنك ترى مكة كل وقت والثمار فيها متوفرة والارزاق تتوالى إجابة لدعوة خليله عليه السلام وفضلا منه سبحانه على هذا البلد الحرام وأهله. ومن خصائص هذا البلد أيضا أنه بلد حرام حرمه الله ففي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم «يوم فتح مكة، ان هذا البلد حرمه الله لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته الا من عرفها». متفق عليه.
واختلفت عبارات السلف في تفسير الحج المبرور فمنهم من قال: الذي لا يخالطه اثم ومنهم من قال: «الذي لا رياء فيه ولا سمعة ولا رفث ولا فسوق»، وقيل الذي لا معصية بعده يجمعها أنه الذي يؤدي تقربا لله وطاعة له خالصا من أدران الشرك صغيره وكبيره والبدع والمعاصي ويكون حاملا لصاحبه على احسان العمل بعده.
ومن كانت هذه صفة حجه كان مقبولا مأجورا يقول صلى الله عليه وسلم: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» متفق عليه، وفي رواية لمسلم «من أتى هذا البيت فلم يرفث».. الحديث وهذه الرواية أعم من التي قبلها والرفث قال: ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم انه الجماع والفسوق قال: انه المعاصي، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجاه في الصحيحين.
والحج أيها الاخوة في الله واجب على كل مسلم استكمل شروطه بل هو أحدأركان الاسلام ودعائمه لقول النبي صلى الله عليه وسلم «بني الاسلام على خمس وذكر منها وحج بيت الله الحرام» أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما وقد أوجبه الله على عباده بقوله سبحانه: {ولٌلَّهٌ عّلّى پنَّاسٌ حٌجٍَ پًبّيًتٌ مّنٌ \سًتّطّاعّ إلّيًهٌ سّبٌيلاْ ومّن كّفّرّ فّإنَّ پلَّهّ غّنٌيَِ عّنٌ پًعّالّمٌينّ} ( آل عمران 79 )، وقد روى سعيد في سننه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الامصار فينظروا كل من كان له جدة ولم يحج ليضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين.
ووجوبه ثابت باجماع المسلمين ومعلوم بالضرورة من الدين فمن جحد وجوبه كفر ووجوبه مرة في العمر لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ان الله كتب عليكم الحج، فقام الاقرع بن حابس فقال: أفي كل عام يا رسول الله، قال: «لو قلتها لوجبت الحج مرة فما زاد فهو تطوع» رواه الخمسة الا الترمذي وأصله في مسلم من حديث أبي هريرة.
وشروط الحج خمسة الاسلام والعقل والبلوغ والحرية والاستطاعة وهي الزاد والراحلة وتزيد المرأة وجود المحرم.
وعند اهلاله بالاحرام يجب عليه أن يجرد نيته لله عز وجل ولا ينو بحجه عرضا من الدنيا فانها متاع زائل قال تعالى: {مّن كّانّ يٍرٌيدٍ پًحّيّاةّ پدٍَنًيّا وزٌينّتّهّا نٍوّفٌَ إلّيًهٌمً أّعًمّالّهٍمً فٌيهّا وهٍمً فٌيهّا لا يٍبًخّسٍونّ(15) أٍوًلّئٌكّ پَّذٌينّ لّيًسّ لّهٍمً فٌي الآخٌرّةٌ إلاَّ پنَّارٍ وحّبٌطّ مّا صّنّعٍوا فٌيهّا وبّاطٌلِ مَّا كّانٍوا يّعًمّلٍونّ (16)} [هود: 15 16]، وهذا واجب في كل العبادات ومنها الحج. وبعد اهلاله بالاحرام ينطلق إلى البيت الحرام يطوف بالكعبة وهذا الطواف طواف العمرة للمتمتع وطواف القدوم للقارن والمفرد.
أيها الاخوة ان هذه الظروف الدقيقة تطلب من أمتنا بكافة فئاتها اعادة النظر في حال الامة والسعي لجمع كلمتها ووحدة صفها على الحق وأن نكون جميعا كما أراد الله أمة واحدة وواجب علينا أيضا التحري والروية والتعقل في تصرفاتنا وأن يكون نصب أعيننا مصلحة الامة الاسلامية كافة وأن يكون هذا الاعتبار فوق كل اعتبار.
هذا وأسال الله أن يوفقنا جميعا لما يرضيه وأن يمن علينا بفضله ورحمته ويعين حجاج بيت الله على أداء مناسكهم في أمن ويسر وسهولة ويجعله خالصا لوجهه سبحانه مقبولا مبلغا لمرضاته وأن يوفق حكومة خادم الحرمين الشريفين ويجزيها عن المسلمين خير الجزاء على ما يولونه لحجاج بيت الله من خدمات لتسهيل أداء هذه الشعيرة وما بذلوه في الحرمين الشريفين والمشاعر من مشاريع عظيمة نافعة قد لمس نفعها كل من حج أو اعتمر فجزاهم الله عن المسلمين خيرا وأعانهم وسددهم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى أثره وسلم تسليماً كثيراً.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved