تلتزم الدول التي تستشعر مسؤولية خاصة تجاه المنطقة ومنها المملكة بتنبيه العالم إلى المخاطر التي تقود حكومة شارون المنطقة إليها.. فقبل اسبوع لفت مجلس الوزراء دول العالم إلى العراقيل التي تضعها إسرائيل أمام السلام وإسراعها إلى وأد أي مبادرة جادة.. وفي حديث سمو ولي العهد مع الصحفي الأمريكي توماس فريدمان كشف سموه عن انه أعد خطاباً للقمة العربية المقبلة يعرض فيه علاقات كاملة بين الدول العربية وإسرائيل مقابل انسحابها من كل الأراضي المحتلة، غير أن سموه أوضح ان تعمد رئيس الوزراء الإسرائيلي التصعيد وإيصال العنف والقمع إلى مستويات لم يسبق لها مثيل دفعه عن الاحجام عن هذا التحرك.
هذا التصعيد الدموي لحكومة شارون أفرز قناعة عامة في المنطقة ان إسرائيل لا تحتمل السلام العادل والشامل الذي تقره قرارات الأمم المتحدة، ومع ذلك فإن إسرائيل تجد من يدافع عنها ومن يحاول إيجاد المبررات لمذابحها اليومية ضد أبناء الشعب الفلسطيني واغتصابها الأرض وتدمير الممتلكات وصولاً إلى احتجاز الرئيس الفلسطيني منذ أكثر من شهرين في مقره برام الله..
لقد أكد هذا الموقف السعودي النزوع القوي من قبل المملكة نحو السلام، وهذا أمر يحظى بإجماع عربي يرتبط بما تعوده الأشقاء العرب من هذه البلاد ودورها القيادي وحرصها على الثوابت فضلاً عن دعم المملكة طوال عقود النضال والصمود الفلسطيني مادياً وسياسياً وعبر جهود لا تفتر لإرساء السلام الحقيقي العادل والشامل الذي يعيد الحقوق لأصحابها.
ولا شك أن إعادة تأكيد هذه المواقف السعودية والعربية بشكل عام من خلال طرح موضوعي يستهدف احداث اختراق باتجاه السلام ينطوي أيضاً على مخاطبة الأطراف الدولية الفاعلة كي تنضم إلى تحرك واقعي يأخذ في الحسبان مواقف الأطراف المعنية بالسلام بما لا يترك مجالاً للتشكيك في مثل هذه التحركات حتى وان حالت الممارسات الإسرائيلية دون خروجها إلى حيز الوجود، فإنها تبقى رصيداً لا غنى عنه لأي تحرك سلمي بشرط توافر الظروف المناسبة لانطلاقها.
إن حالة الإحباط التي تعتري المنطقة العربية بسبب الاعتداءات الإسرائيلية والتأييد الذي تجده حكومة شارون ستؤدي فقط إلى المزيد من التدهور تضيع معه الجهود الصادقة لإنقاذ المنطقة من الانزلاق إلى حرب شاملة يتضرر منها عالم متوتر أصلاً.
 |