كان السيد (ساطور) يقبع في أحد محلات العم شينج وينج بينق.. إلى أوله.. وكان بجانبه على الرف عدة سواطير، فبدأ السيد ساطور يمنّي نفسه بالذهاب إلى (الشرق الأوسط)، حيث إنه سيجد هناك فرص عمل (كثيرة)، لاسيما أن السواطير مطلوبة هناك هذه الأيام، ولها مهام متنوعة وعديدة!!
وفعلاً أتت ساطور بعثة الى بلاد العرب هكذا قيلت له التي سمع عنها أبشع ما يمكن أن يُسمع ويُرى، فالإعلام الغربي (ما قصّر) ونحن أيضا لم نقصر معه؛ فكل قنواتهم نعرفها ونتابعها جيداً رغم حملتها الشعواء على العرب والمسلمين في كل يوم!!
ما علينا.. المهم ربط ساطور أمتعته (بحدّة) والوقت كان في العشر التي تسبق عيد الأضحى المبارك وفعلا تلقفتهُ الأيدي حال وصوله، ولاحظ حفاوة بالغة من المستقبلين؛ وهم أناس لا يرتدون الملابس العربية التي شاهدها في القنوات الغربية، فلا يوجد عقال ولا كوفيّة ولا حتى عنان، ولم يشاهد فتيات يتحلقن حول خروف مشوي بكامله بطريقة (الهندل)، ايضاً لم يشاهد الترف في الأماكن التي ارتادها بل على العكس فهو لم يستحمّ منذ عدة أيام على وصوله ولم يرَ الماء أصلاً!!
وبدأت تسوء حالته وتعاوده الأمراض والحشرات وكفيله الآسيوي (من غير العرب طبعاً) يسكنه في خيشة ضيّقة مع مجموعة سواطير وسكاكين قذرة.. حاول صاحبنا أن يتظلم ويحتج على وضعه ولكنه طمأن نفسه بأنه سيكون من أصحاب السوابق.. عفواً الملايين بعد فترة!!
العيد حل اليوم.. وكان ساطور يتوقع أن يشاهد مظاهر الفرح في بلاد العرب، ولكنه لم يشاهد إلاَّ كبار السن يحتفلون بطريقتهم الخاصة وشكّ أن يكون السبب في (نوم) الشباب بيت المتنبي الشهير:
عيد بأية حال عُدتَ يا عيدُ بما مضى أم بأمر فيك تجديدُ؟! |
أو بيت الشاعر الآخر:
من سره العيد الجديد فما لقيتُ به السرورا |
فأيقن أخيراً أن الجيل الحالي قد تأثر بالشعراء ففضلوا النوم متجاهلين هذه المناسبة العظيمة!!
ورغم ان ساطور (قطع) مشواراً جيداً في العمل إلا إنه لم يعجبه الوضع ولا العمل، فكفيله لا يمنحه من الحرية شيئا فمرة يستعمله في حوش، ومرة في الهواء الطلق، ومرة في (شبوك) الغنم، ولم يرَ ولا مرة هذا المسمّى المسلخ، والغريب والحديث لنفس ساطور أن أبناء البلد يفضلون هذا النوع من الخدمات، ويطلبونه بكثرة غير مكترثين بتعليمات البلدية، محمّلين البلدية السبب في أنها لم تفتح مسلخاً لكل مواطن!!
من هنا نشأ الصراع (غير المحموم) بين البلدية وهؤلاء الوافدين.. وخصوصا أيام العيد!!
ولأن البلديات (دائماً) على حق فالأمر يحتاج الى تعاون من المواطن، يعني شدّ لي و(أقطع) لك!!
ساطور قرر ان يترك هذه البلاد بلا تردد تاركاً رسالة فحواها:
(انفخ يا شريم قال: ما من برطم).
|