Saturday 23rd February,200210740العددالسبت 11 ,ذو الحجة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ذكريات تأخذ بمجامع القلبذكريات تأخذ بمجامع القلب
مزايا روحية في الحج

الحج رحلة دينية ورياضة روحية، طالبت به الأديان على اختلاف المعتقدات عبر أزمنة عديدة، فالمصريون القدماء كانوا يحجون واليونان والصينيون والهنود والنصارى واليهود كل أولئك يحجون لما في الحج من مزايا روحية لاتنال بغير الحج. وكان العرب قبل الإسلام بقرون يحجون إلى الكعبة ويأتون بأعماله من طواف وسعي وغير ذلك من شعائر الحج، فجاء الإسلام وأقر بعض الشعائر مما يتفق مع الشرع المطهر وأنكر بعضها.وأصبح الحج ركناً من أركان الإسلام الخمسة وليس ذكر الحج في آخر الأركان (الشهادتان، الصلاة، الزكاة، الصوم، الحج) إلا لأنه عبادة العمر وختام الأمر وتمام الإسلام وكمال الدين. ثم ان في الحج فوائد دينية عديدة فالحاج إذا نوى السفر من وطنه استحضر أعماله واستذكر سيئاته وندم عليها. وتهيأت نفسه لقبول الخير فكان في ذلك طهارة من ذنوبه وحسن استعداد لطهارة نفسه وقربها من الخير وبعدها عن الشر. فإذا تقدم في أعمال الحج فأول مايواجهه الإحرام وهو ان يتجرد الحاج من كل ثوب مخيط ويلبس إزاراً ورداء ويلبس في رجليه نعلين واختيار اللون الأبيض في الاحرام فيه دلالة على الطهارة والنظافة الحسية والمعنوية. كما ان بياض الحجاج يدل على بياض نفوسهم شعارهم الدائم هو التلبية (لبيك اللهم لبيك لبيك لاشريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك).والحاج وهو في هذه الحالة، كلما قابل أحداً أو دخل مجتمعاً أو صعد أو هبط كرر لبيك اللهم لبيك، ليذكر دائماً موقفه أمام ربه وليحفظ على نفسه طهارتها وصفاءها وشوقها إلى خالقها.
يقول الاستاذ أحمد أمين: ولايزال الحاج على هذه الحالة النفسية، بين إحرام وتلبية، وتفكر في الله وتضرع إليه حتى يدخل مكة.
والحاج في هذا كله يرتاض رياضة بدنية إلى جانب هذه الرياضة الروحية، فهذا العيش اليسير والملبس العادي والحركة الدائمة والسفر ومتاعبه يجعل من الانسان رجلا قادراً على احتمال المشاق، غير منغمس في النعيم الذي يذهب بالرجولة فإذا شاهد الحاج مكة ثابت في نفسه الذكريات هذه مكة التي كانت وادياً غير ذي زرع.
هذه هي مكة التي أخذت شهرتها تنمو وتتسع حتى قصدها الناس من كل فج عميق.
هذه هي مكة التي سكنتها قريش واعتزت بما كان في يدها من مفاتيح الكعبة.
هذه هي مكة التي ولد فيها رسول الهدى صلى الله عليه وسلم وتتابع الوحي فيها ثلاث عشرة سنة.
هذه هي مكة التي جرت فيها الأحداث الجسام والمحاولات الدعوية والاجتماعية والعسكرية.
هذه هي مكة التي هاجر منها رسول الله عليه السلام بعد أن ألح قومه في إيذائه وأصحابه.
هذه هي مكة التي ظلت مقصد الناس في حجهم من عهد ابراهيم الخليل عليه السلام إلى اليوم.
كل هذه الذكريات وغيرها تملأ النفس وتأخذ مجامع القلب وتدخلها في موسم الحج فترى عجباً أي عجب، مئات الألوف من الناس في ثوب الاحرام مغمورون بالشعور الديني يعجون بالدعاء والتلبية وترى معرضاً يفوق كل معرض من الأجناس البشرية مختلفي الألوان، مختلفي الألسنة، مختلفي العادات لكن وحدهم العقيدة والعبادة والأخوة.
يشيع في هذا الجمع الحب والإخاء والمساواة والتعاطف.
هنا في مكة تتساوى الرؤوس وهنا يقوم الإنسان قيمته الذاتية، فلا فضل لأحد على أحد بماله أو جاهه أو لونه أو أي غرض دنيوي.
هذه كلها ذكريات تمر بذهن الحاج وهو في موسم الحج، تقبل الله تعالى من المسلمين حجهم وأعاده على المسلمين بالخير والسعادة والعزة.

د. زيد بن محمد الرماني
عضو هيئة التدريس بجامعة
الإمام محمد بن سعود الإسلامية

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved