Friday 1st March,200210746العددالجمعة 17 ,ذو الحجة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ثمرة الجهود والمتابعات سبب نجاح الحج فهنيئاً للحجاج ثمرة الجهود والمتابعات سبب نجاح الحج فهنيئاً للحجاج
هنيئاً للحجاج
د. عبدالله بن عبد الرحمن الشثري*

* توجه المؤمنون الى الله بقلوب ملؤها الحمد والشكر والثناء على ما وفق وسدد واعان حجاج بيته الحرام على اداء حجهم، وقضاء نسكهم، ففرحوا بطاعة ربهم واستبشروا بمغفرته ورحمته، وما تحقق لهم من قوة الترابط واواصر الاخاء وتصافي القلوب.
فلله الحمد على توالي نعمه، وتتابع فضله، وواسع عطائه، وعظيم كرمه، وكريم احسانه.. تفضل سبحانه عليهم فغفر، وكتب لهم الجزاء الاكبر، والاجر الاوفر، تفضل عليهم وهو ذو الفضل العظيم، ووسع لهم وهو الواسع العليم.
* هنيئاً للحجاج يوم بلغت اشواقهم محلها، ووصلت نفوسهم مستراحها، هنيئاً لهم منة الله عليهم، يوم وفقهم زيارة بيته، واوصلهم حرمه، وبلغهم مشاعر الحج، وعرصات المشاهد.. هنيئاً لهم يوم وطئت اقدامهم مسالك الانبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين..لقد استغفروا رباً لا يتعاظمه ذنب ان يغفره!!، و سألوا الهاً لا يتعاظمه عطاء ان يعطيه!! وفي كل موقع من مواقع الحج اعلنوا لربهم اخلاص التوحيد، وصدق التوجه، وحسن العبادة.
جزاء الحج المبرور
* من حج البيت على وفق هدي النبي صلى الله عليه وسلم وخالطه الذل والانكسار، والتقرب الى الله، والتنزه عن مقارفة المعاصي والسيئات، ولم يكن في حجه رفث ولا فسوق ولامماراة ولا منازعة ولا مخاصمة، فهذا هو الحج المبرور الذي لم يرض الله له ثواباً الا الجنة ومن ادخل الجنة فقد فاز.
فقد ثبت في صحيح البخاري «1773» وصحيح مسلم «1349» من حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال:« الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة».
* وجاء في رواية الترمذي «810» من حديث عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« وليس للحجة المبرورة ثواب الا الجنة»، وبلفظه عند النسائي «2622» من حديث ابي هريرة.
* ومعنى المبرور: قيل هو الحج المتقبل، ومنه بر الله حجك، وقيل: المبرور الذي لا يخالطه اثم، ورجح هذا النووي، وقيل المبرور: الذي لا رياء فيه.
قال القرطبي في شرح مسلم «3/463»:« وهذه اقوال كلها متقاربة المعنى، وهو ان الحج الذي وفيت احكامه، ووقع موافقاً لما طلب من المكلف على الوجه الاكمل».
* واما الحديث الذي في مسند احمد ومستدرك الحاكم من رواية جابر وفيه ان الرسول صلى الله عليه وسلم سئل: ما بر الحج المبرور قال:« اطعام الطعام، وافشاء السلام» فقد ضعفه اهل الصنعة من علماء الحديث، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري «3/382»، وفي اسناده ضعف فلو ثبت لكان هو المتعين دون غيره».
رعاية دائمة لا تنقطع لشؤون الحرمين وخدمة الحجيج
* ومع هذا الحديث عن هذه الفريضة وهذا الركن العظيم من اركان الاسلام الذي اكرم الله به امة محمد صلى الله عليه وسلم، فان مما اكرم الله به هذه البلاد وشرفها به القيام بشؤون الحرمين وخدمة الحجيج.
ولاريب ان هذا شرف عظيم يستحق منا ان نحافظ عليه، وان نكون شاكرين لله الذي حققه لنا.
* وان وقفة متأملة متأنية في مشاهد الحج، وعرصات المشاعر، وفجاج مكة، وساحات الحرم، لتؤكد لنا عظم العناية والرعاية لشؤون الحرمين وخدمة الحجيج، وكل اجهزة الدولة من اعلى قيادة للمسئولية في هذه البلاد الى ادناها، قد سخرت كل قدراتها وطاقاتها لتحقيق وسائل الراحة والاطمئنان للحجاج فالخدمات المتنوعة في كل المجالات تقدم للحجاج بشكل منظم، وعمل مرتب، وسعي دائم، وسهر متواصل، وتغطية شاملة في كل مشاهد الحج، وظهر التركيز اكثر في توفير الخدمات في مواقع تجمع الحجاج وخاصة عند التصعيد الى عرفة والنفرة منها، وعند رمي الجمار.
ورغم هذه الاعداد الكثيرة للحجاج المنحصرة في زاوية من الارض وفي بقعة محددة، وزمن معلوم، الا ان جميع الخدمات فاقت كل تصور وكل خيال، مما جعل الحج الى بيت الله رحلة ميمونة محفوفة بالخير والعطاء والامن والاستقرار، ولم يكن لهذا ان يتحقق الا بتوفيق الله اولاً ثم ببذل الجهد المتواصل والعمل الدؤوب ، من لدن قيادة البلاد التي نذرت نفسها للقيام بهذا الواجب العظيم الذي تشرفت به وحافظت عليه انطلاقاً من ايمانها ودينها.
* فلقد برهنت القيادة الراشدة في الكلمة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده حفظهما الله الى حجاج بيت الله الحرام لهذا العام 1422ه عن هذه المعاني والدلائل، حيث جاء فيها:« لقد شرفت المملكة العربية السعودية بخدمة مقدسات المسلمين في مكة والمدينة فنذرت نفسها للقيام بهذاالواجب راجية بذلك رضى الله عز وجل ثم تحقيق ما يوفر للحجاج اداء نسكهم بكل يسر وسهولة، وبذلت قصارى الجهد في انشاء مشاريع عملاقة هدفها خدمة حجاج بيت الله الحرام ومعتمريه وزوار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومرتاديه، ولازالت المملكة سائرة على هذاالمنوال ومثابرة عليه امتثالا لامر الله عز وجل واقتداء بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم واتباعاً لهدى خلفائه الراشدين».
حال الحج في الماضي والحاضر
*لقد كان الحج فيما مضى امراً شاقاً لا يستطيعه كل احد ولايتمكن منه كل انسان وكانت تحف به المخاطر والصعوبات والحوائل الشديدة، وكان مظنة التلف والهلاك ،وكتب التاريخ، مليئة بالاخبار المؤلمة التي كان الحجيج يقعون ضحاياها، حتى اذن الله بمنه وفضله بتغير الحال، وتبدل الاوضاع فأجرى على ايدي قادة هذه البلاد التيسير والتسهيل، وهيأهم للقيام بهذا الواجب الاسلامي العظيم، فأقاموا دين الله وحكموا شرع الله وجعلوا العناية بشؤون الحرمين وخدمة الحجيج هاجساً يدور في نفوسهم، حتى تحقق وبسط الله لهم الامن في كل بقعة من البلاد، فالاضطراب عاد نظاماً، والخوف اصبح امنا وصار المسلم اخاً للمسلم بحق، واذا بالطرق تغص بمئات الالوف قاصدةً بيت الله الحرام تحملهم وسائل نقل متعددة توافرت فيها جميع الخدمات ووسائل الراحة، واعد للحجاج أماكن ليستريحوا فيها وهم في طريقهم الى مكة.
* وهناك مكاتب الدعوة والارشاد المنتشرة في المنافذ البرية والبحرية والجوية التي لم تأل جهداً في سبيل التوعية والتوجيه للحجاج.
وهناك رجال الامن الذين يسهرون لبيان كل ما يكون الحاج في حاجة الى معرفته والوقوف عليه مما يتعلق بحجهم وراحتهم، وترتيب امورهم وتنقلهم بين المشاعر، فأضحى الحج بحمد الله امراً سهلا ميسورا، حتى اصبح الحاج لا يكلف نفسه حمل شيء معه الا ما تدعو الضرورة الى حمله، لانه سيجد في طريقه لتلك البقاع المقدسة كل ما يغنيه عن ذلك. واصبحت تلك الجهود تتجدد وتتضاعف كل عام، حتى وصلت الى الغاية التي تكفل ازالة العناء، ورفع المشقة عن الحجاج، وتجلب لهم الراحة والامتنان.
* لقد شهد الجميع لهذه البلاد بكفاءتها العالية واضطلاعها للامر، وقدرتها وقوتها على القيام بهذا الواجب المناط بها، في تهيئة السبل، وتوفير الامن، ورغد العيش، والحفاظ على حياة الحجاج، وتوفير اقصى درجات الراحة، لقاصدي بيت الله الحرام على وجه يستبشر به اهل الايمان.
* فلله الحمد اولاً وآخراً وظاهراًَ وباطنا على هذا الامن على هذا الامن الشامل الذي بسط ذراعيه على حجاج بيته، والحمد لله على ما يسر من صنوف الراحة ومختلف التسهيلات والخدمات التي تنطق بلسان لا يصف الا الواقع ولا يعبر الا عن الحقيقة في اسمى صورها واحلى مظاهرها. ومن بذل الجهد والطاقة ومشى وسعى في خدمة الحجاج وحقق الاخلاص فقد وفق للتوفيق والقبول.
* عميدكلية اصول الدين

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved