Saturday 16th March,200210761العددالسبت 2 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ثمن السلام في الشرق الأوسطثمن السلام في الشرق الأوسط

الرئيس بوش يضغط على الفلسطينيين لكبح العنف السياسي ويوحي بأن عجز الرئيس ياسر عرفات وعدم رغبته في كبح اعمال العنف ضد اسرائيل هو الذي يشكل العقبة امام السلام في الشرق الاوسط. السبب الرئيسي الذي لا يعلمه بوش وراء هذا العنف هو استمرارية اسرائيل الحثيث في بناء المستوطنات في الضفة الغربية منذ احتلالها للاراضي العربية عام 1967م حيث ظلت اسرائيل تشجع مواطنيها على بناء نقاط حراسة ذات سيادة اسرائيلية على الاراضي التي انتزعتها من الفلسطينيين العرب، وبالرغم من انها كانت تعتبر قطعا صغيرة آنذاك إلا انها اصبحت الآن اعمدة ارتكاز لاسرائيل الكبرى.
يعيش الآن حوالي 000 .400 اسرائيلي في الضفة الغربية وفي قطاع غزة وفي أجزاء من القدس الشرقية العربية التي ضمتها اسرائيل، واذا بدأنا بحصر الاراضي التي بسطت اسرائيل سيطرتها عليها فإنها تزيد على 60% من الضفة الغربية و20% من قطاع غزة ولذا فان المستوطنات تعتبر سلاحا ذا حدين حيث يعتقد الكثير من الاسرائيليين انها حزام امن، ولكنها من الجانب الآخر اشعلت غضبا هائلا وسط الفلسطينيين ظهرت اثاره في العمليات الانتقامية ضد الجنود الاسرائيليين وضد المدنيين، وقد اعتبرت الولايات المتحدة المستوطنات الاسرائيلية في السابق عقبة رئيسية في طريق السلام وقللت ادارة الرئيس السابق كلينتون من اهميتها ووصفتها بانها مجرد «عامل معقد» اما بالنسبة للرئيس الامريكي الحالي بوش فانه قد ركز جهوده على حربه ضد اسامه بن لادن والآن بدأ يركز اهتمامه على اهداف اكبر ممثلة في العراق، ايران، وكوريا الشمالية وتجاهل في نفس الوقت نشاط اسرائيل المستمر في بناء المستوطنات، وبذلك يكون بوش قد غفل عن نقطة اساسية، وهي انه اذا لم يتوقف بناء المستوطنات في اسرائيل فان حربه ضد الارهاب لن تنجح.
هناك قضايا قليلة تشعل الغضب ضد امريكا وقضايا اخرى تؤدي الى التعاطف معها، ولكن لاشيء يولد السخرية والاستهجان اكثر من الفجوة الكبيرة التي تفصل بين امريكا ونظرتها التاريخية لحق تقرير المصير بالنسبة للفلسطينيين، وتعمدها غض الطرف عن اغتصاب اسرائيل للاراضي العربية، ولا يوجد هناك شيء اكثر تدميرا لمصداقية الادارة الامريكية عند العرب اكثر من مناداتها بقيام دولة فلسطينية ثم احتجاجها الفاتر تجاه استمرار اسرائيل في بناء المستوطنات في نفس الاراضي التي تطالب امريكا بقيام الدولة الفلسطينية عليها.
ان ثمن السلام، يجب ان يكون غاليا لكلا الطرفين، الاسرائيلي والفلسطيني، فبالاضافة الى وقف العنف ضد اسرائيل، فان على الفلسطينيين التفكير في قبول تعويضات مقابل التخلي عن حق العودة الى ممتلكاتهم التي اجبروا على تركها في عام 1948 ومن الجانب الاخر فان على اسرائيل التخلي عن معظم المستوطنات التي بنتها على الاراضي الفلسطينية اما عمن سيضغط على اسرائيل في هذه الايام، فبوسع امريكا وحدها ان تقوم بذلك خاصة وانه يمكنها استخدام المعونات الضخمة التي تخصصها لاسرائيل والتي تزيد على 3 مليارات دولار كعامل ضغط مؤثر على اسرائيل، لان اسرائيل وحدها لايمكن ان تقوم طواعية بذلك خاصة وان تحالف اليمين المتطرف مع الحكومة يمنح المستوطنين سلطات قوية داخل الحكومة. اما بالنسبة للولايات المتحدة فانها تحتاج الى رئيس شجاع مثل الرئيس الاسبق جورج بوش الاب الذي قام بمجازفة سياسية كبرى حين ربط منح القروض الامريكية لاسرائيل مقابل تقديم الاخيرة ضمانات بوقف بناء المستوطنات، ومن غير قيادة قوية كهذه، فسيكون الرئيس الامريكي الحالي جورج بوش الابن مشاركا فاعلا في تقاسم اللوم مع اسرائيل في استمرار العنف ضد الدولة اليهودية، وايجاد مناخ خصب للجماعات المتطرفة في المنطقة والتي اعلن فيها بوش حربا كلامية في خطابه المسمى بحالة الاتحاد. ان من مصلحة امريكا ايجاد تسوية عادلة للمشكلة الفسطينية مما سيسمح للرئيس الامريكي بحشد التأييد العالمي لحربه ضد الارهاب وتغيير النظرة الغاضبة التي ينظر بها العالم نحو امريكا حاليا. واتخاذ موقف جريء وحازم ضد بناء المستوطنات في فلسطين شيء تمليه الصداقة الحقة بين امريكا واسرائيل.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved