Tuesday 26th March,200210771العددالثلاثاء 12 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

في الصميمفي الصميم
رئاسة تعليم البنات.. وكالة : القرار والدلالات!!
د. خالد آل هميل

بالأمس أصدر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله أمراً ملكياً كريماً ينص على (أولاً: إحالة الرئيس العام لتعليم البنات د. علي بن مرشد المرشد على التقاعد.. ثانياً: دمج الرئاسة العامة لتعليم البنات في وزارة المعارف .. ثالثاً: تعيين د. خضر عليان القرشي نائباً لوزير المعارف لشؤون تعليم البنات بالمرتبة الممتازة).
وقبل قرابة عامين من الآن.. وبالتحديد في يومي 27/1 و5/2/1421ه (الموافق 2 و 9/5/2000م) وقبل وقوع أحداث ومتغيرات عديدة تساءلت في مقالين متتابعين باستفهام استنكاري واضح:
(لماذا يتسيَّد الرجل على الفتاة في رئاسة تُعنى بتعليمها؟).
وجاء في المقال الأول: (من الطبيعي أن يكون ضمن اهتمامات الرئاسة العامة لتعليم البنات أن تأخذ على عاتقها دراسة احتياجات البلاد في نشر المدارس في مراحل التعليم المطلوبة.. كما أن من الطبيعي أن يكون ضمن اهتماماتها افتتاح كليَّات للبنات في معظم التخصصات التي تحولت مع الايام إلى ركيزة صالحة تكون جامعات سعودية خاصة بالبنات.. تتولى رسم سياسات التعليم العالي للفتاة السعودية ضمن سياسات التعليم العالي للبلاد.. فوجود هذه الجامعة أو الجامعات أصبح مطلباً واحتياجاً ملحَّاً تتطلبه ظروف المرحلة والعصر الذي ينقلنا إلى وجود الرئاسة نفسها.. فهل لوجودها أهمية في ظل التطورات العلمية والانفتاح المعلوماتي؟..
في تقديري أنها كانت مطلباً مهمّاً في سنوات سابقة وقد حققت نجاحات هامة ضمن اهداف انشائها.. أما وجودها حالياً فأعتقد أن إعادة دراسته والنظر فيها من الامور المطلوبة.. فوزارة المعارف هي الجهة المسؤولة حالياً عن التعليم العام ولديها كليات خاصة تعنى بتخريج مدرسين تربويين مؤهلين جامعياً.. فما الذي يمنع من أن يكون للطالبات جامعات خاصة بهن تخضع لوزارة التعليم العالي أُسوة بالدول الأخرى عربية واسلامية ودولية؟..
وما الذي يمنع أن يكون لوزير المعارف نائب وزير خاص برعاية تعليم البنات في التعليم العام؟.. بصورة أخرى يكون للتعليم العام للبنات وكالة وزارة ضمن وكالات وزارة المعارف كجهة مسؤولة عن تعليم الفتاة السعودية في هذا الجانب؟.. أزعم بأن في هذه الرؤية شيئاً من الواقعية، فالرئاسة العامة لتعليم البنات تخضع لسياسة التعليم العامة وتبلور مناهج الدراسة في مدارس البنات وفق مناهج مدارس التعليم للبنات المقررة على الطالبات..
.. ينبغي أن نكون واقعيين فكما يهمُّنا الابن تهمُّنا الابنة والاثنان في رعاية الدولة فبما أن المسؤول عن تعليم الفتاة، رجل ممثل في الرئيس العام لتعليم البنات.. ولوزارة المعارف رجل آخر ممثلاً بوزير المعارف فليكن هناك رجل واحدهو وزير المعارف أيّاً كان هذا الرجل.. ضمن سياسة مؤطرة واحدة.. وهي واحدة بالفعل.. وحبذا لو تجردت الرئاسة العامة لتعليم البنات من الذاتية ودفعت بمثل هذه الآراء إلى حيِّز الوجود.. حيث إن الملاحظ أن الرجل في الرئاسة هو المتسيِّد.. فما شاء الله كلهم تحولوا إلى وكلاء بالمرتبة الخامسة عشرة.. فماذا بقي للفتاة السعودية المؤهلة تأهيلاً عالياً؟.. وهل لدينا فتاة حصلت على هذه المرتبة؟).
وفي المقال الثاني في 5/2/1421ه الموافق 9/5/2000م أضفت (أنه إذا نظرنا إلى تشكيل إدارات التعليم في الرئاسة العامة لتعليم البنات فسنجد أن مدير التعليم يشرف على : شعبة التعليم.. التوجيه الفني النسوي والنشاط المدرسي.. شعبة الوسائل التعليمية.. شعبة شؤون الطالبات والامتحانات.. الصحة المدرسية.. شؤون الموظفين .. ووحدات اخرى خدمية مساندة.. وهذه الوحدات جميعاً أوجدت لخدمة ثلاثة عناصر مهمة هي: الطالبة.. المدرسة.. المنهج الدراسي.
.. فهل هناك إشكالية في أن تتولى فتيات سعوديات مؤهلات علمياً ومتسلحات بالخبرة بالاشراف الفعلي على ادارات التعليم في الرئاسة العامة لتعليم البنات بينما تترك الوحدات الخدمية للرجال حيث تتطلب الاختلاط وعملاً ميدانياً.. إن اتصال رجل بحكم إشرافه على قطاعات التعليم العام في الرئاسة ضرره أكبر من ضرر قيام المرأة بخدمة بنات جنسها مباشرة دون وسيط متمثل في الرجل.. قولوا بالله عليكم أيها القراء الاعزاء أيهما أفضل.. وأيٌّ منهما فيه دفع للضرر؟
.. كما ينبغي أن يكون للبنات في هذه البلاد اكثر من جامعة وان تكون مديرة الجامعة اكاديمية سعودية وان يكون جهازها الاكاديمي والفني والاداري من النساء ومن الكفاءات النسوية السعودية اللاتي بهر بعضهن العالم بإنجازاتهن العلمية وهن يستحققن أرفع المناصب التي يخدمن فيها بنات جنسهن تماماً كما هو الشأن في كليَّات البنات حيث الكادر الاكاديمي والإداري والفني جميعهن من النساء.. أما الاشراف على هذه الجامعات فيجب أن يكون لوزارة التعليم العالي فهي الجهة القادرة على التعامل مع الوضع الجامعي دون الاستعانة بمستشارين من قطاعات أخرى).
ü وبعد أقل من شهر واحد شكرت سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان (فقد أنصفتَ بنات الوطن) في مقال بتاريخ 26/2/1421ه (الموافق 29/5/2000م) حيث جاء في هذ المقال :
( تحدث صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام لرجال الاعمال وسيداته من السعوديين أمس عن عزم الحكومة السعودية على اشغال ما يزيد عن نسبة 80% من وظائف رئاسة تعليم البنات بموظفات سعوديات محل الموظفين السعوديين الذين يضطلعون بهذه المهام حالياً.. وان لدى الحكومة برامج عديدة للاستفادة من الطاقات النسائية المتوفرة والمؤهلة للانتاج لادخالهن في منظومة العمل الحكومي..
وقد جاء حديث سموه في الوقت المناسب.. فالمرأة السعودية قادرة تماماً وفق ما وفرته لها الدولة من تعليم عالٍ على الاضطلاع بأكبر المسؤوليات وقادرة على المشاركة الفاعلة في خطط التنمية في مختلف الجوانب.. فلم تعد الفتاة السعودية هي المرأة الجاهلة.. بل إن منهن من يقوم البيت على جهودها في تربية الابناء وتعليمهم مع المشاركة في ادارة تعليم بنات جنسها على مختلف مستويات التعليم.. ومنهن الطبيبة المتفوقة البارزة على مستوى العالم وغيرهن كثير).
ü فعلى ماذا تدل هذه الخطوة الجريئة التي صدرت للشعب والتاريخ؟
إنها إن دلت على شيء فإنما تدل على أن حكومتنا الرشيدة تدرس بعناية وتؤدة وتأنٍّ وبشكل علمي مطبوع على الدقة للخروج بأفضل النتائج مشاكل هذه الامة الكريمة.. وهو أوضح دليل على أن كل ما تعانيه هو في صلب اهتمام قادتنا وحكومتنا الرشيدة وفقها الله تعالى إلى كل ما يحبه ويرضاه..
وإن كان لي أن أضيف كلمة فلعلِّي أقترح تغيير اسم وزارة المعارف إلى وزارة التربية والتعليم.. فالتربية اليوم لاجيالنا القادمة أهم وأشمل، ثم يأتي التعليم الذي هو ركيزة تقدم الأمم وحجر الزاوية في حضارتها وإنني أستطيع أن أزعم ان حريق مدرسة بنات مكة المكرمة منذ اسابيع قليلة لم يكن السبب المباشر في هذه الخطوة التاريخية التي درست على نار هادئة حتى استوت على الجوديّ خيراً لنا ولابناء امتنا بنين وبنات.. لا فرق.
وفي نهاية هذا المقال ينبغي أن أشير إلى أن رئاسة تعليم البنات في مركزها الرئيسي وفي ادارة التعليم بالرياض ومكاتب التوجيه تتوافر على كوادر وقيادات تربوية وتعليمية رجالية ونسائية متميزة حتماً سوف تكون إن شاء الله خير عون لمعالي نائب وزير المعارف لتعليم البنات.
وذلك نحو تمكين المرأة السعودية من ادارة الجانب التربوي والتعليمي لبنات جنسها وفق الاهداف العليا لمصلحة الامة والوطن التي ينشدها امر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله وسمو ولي عهده الأمين.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved