editorial picture

تحرك أمريكي وتشدد إسرائيلي

بدت اسرائيل عازمة على إفشال أي تحرك جديد باتجاه التهدئة بما في ذلك الذي تحاول واشنطن إطلاقه من خلال مهمة وزير خارجيتها إلى المنطقة، وكانت اسرائيل سدت جميع المنافذ أمام الوفد الأوروبي وحالت بينه ولقاء عرفات..
وانتظرت الولايات المتحدة انقضاء أسبوع على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1402حتى تطالب اسرائيل بالانسحاب في تحرك يعتبر تحولا في سياسة إدارة بوش تجاه المنطقة بعد أن اكتفت طوال الأسبوع الماضي بإرسال إشارات من بعيد لما يجري تمحورت بشكل خاص على انتقاد الرئيس الفلسطيني وترددت خلالها دعاوى حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها تبريراً لعدوانها الغاشم ..
وبينما رفع الرئيس الأمريكي في خطابه الأخير من درجة «المطالبة» من اسرائيل داعيا إياها إلى الانسحاب فإنه احتفظ بلهجته المتشددة تجاه الفلسطينيين بل زاد عليها بوصفه عرفات «بالخائن لآمال شعبه».
ولم ينبع التحرك الأمريكي الجديد من فراغ بل جاء في وقت تعرضت فيه السياسة الأمريكية لانتقاد شديد حتى من داخل الولايات المتحدة، فضلا عن الصمود الفلسطيني الذي أكد مجددا أن مئات الدبابات التي دفع بها شارون إلى الضفة الغربية لم تزد الفلسطينيين الا ثباتاً على مواقفهم بينما لم يكف عرفات عن التأكيد أنه طالب شهادة .. وواكبت كل ذلك ضغوط أوروبية متواصلة وضعت واشنطن في موقف صعب رأت أنه لا بد لها من تجاوزه، إذ بينما بدا الاتحاد الأوروبي نشطاً ومشغولاً في تحركات واسعة النطاق ومرسلا الانتقادات بين الحين والآخر لاسرائيل فإن واشنطن انغلقت على نفسها وصارت تردد ذات التأييد لاسرائيل والانتقاد لعرفات، غير أن واشنطن شعرت بأن شارون أسرف كثيرا في عدوانه الجديد كما أحست بأن المبادرات الأوروبية تكاد تسلبها دورها، وهي في تحركها الجديد تحاول إعادة الإمساك بزمام الأمور حتى لا تفلت من بين يديها وتنقل إلى أناس لا يتعاملون بذات اللين مع اسرائيل.
المواقف الأمريكية الجديدة ربما تعكس من جانب آخر تجديد التزام أمريكا تجاه السلام غير أن المحك يبقى في مدى تجاوب اسرائيل مع ما تقدمه واشنطن، فلم تمض ساعات من خطاب بوش حتى قال شارون إن عملياته في الضفة ستستمر، ومن المؤكد أن شارون سيستغل فترة الأسبوع التي تسبق وصول وزير الخارجية الأمريكي ليكمل مهمته القذرة في الضفة الغربية وربما ينتقل إلى قطاع غزة أيضا، خصوصا وأن واشنطن لم تطالبه بانسحاب «فوري».
ومع كل ذلك يبقى من المهم التأمين على المواقف الأوروبية فالوقائع والأحداث على الأرض سرعان ما تعيد الولايات المتحدة إلى ذات المربع الذي سبق تحركها الجديد، خاصة إذا ظهرت الردود الفلسطينية المرتقبة على هذا العدوان وعندها يمكن أن تعود اللهجة الأمريكية إلى سابق عهدها وتنطلق انتقادات واشنطن باتجاه عرفات مجددا بينما تجد اسرائيل وسط ذلك فرصة سانحة لمواصلة العدوان.




jazirah logo