Sunday 14th April,200210790العددالأحد 1 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

قراءة عاجلة في كتاب حمزة بن بيض الحنفي قراءة عاجلة في كتاب حمزة بن بيض الحنفي

حمزة بن بيض الحنفيّ حياته وشعره كتاب من تأليف الأستاذ الدكتور حمد بن ناصر الدخيّل ونشر النادي الأدبي في الرياض وينتسب حمزة بن بيض إلى قبيلة عدنانية مشهورة، هي قبيلة حنيفة. ومن أهم الأسباب التي دفعت الدكتور حمد بن ناصر الدخيل على جمع شعره من مظانه في كتب التراث ثلاثة أسباب مهمة:
1 سبب تاريخي وجغرافي: وهو انتماء حمزة بين بيض أصلاً ونسباً إلى هذه البلاد، مشرق الدعوة، ومهد العرب والعربية، فهو من بني حنيفة القبيلة العربية الوائلية التي كانت تتخذ من الأماكن التي يخترقها وادي حنيفة، وتشرف عليه موطناً وسكناً في العصر الجاهلي والإسلامي والأموي. ولا يزال بعض أبنائنا يعيشون فوق الأرض التي عاش فيها أجدادهم. 2 سبب لغوي: وهو انتساب حمزة بين بيض إلى عصر الاستشهاد اللغوي، وهو العصر الأموي، الذي أسهم شعراؤه في وضع قواعد اللغة العربية من خلال الاستشهاد بشعرهم، فإخراج شعره في مجموع يرمز إلى ما ينبغي أن نوجهه من اهتمام إلى قاعدة النصوص العريضة التي اعتمد عليها علماء اللغة في استنباط قواعدها وأسسها. 3 سبب أدبي: هو ضرورة إخراج شعره في مجموع بطريقة علميّة منهجية ، تستقصي مصادر الشعر، وتثبت رواياته، وتشرح غامضه، وتضبطه بالشكل، ليكون في متناول الأدباء والدارسين. أما عن الصعوبات التي واجهت المؤلف فيقول: جمع شعر شاعر قديم فُقِدَ ديوانه، أو ليس له ديوان محاولة فيها فائدة ومتعة وطرافة، لأنها تتيح للباحث تقليب مجموعة كبيرة من أسفار الأدب واللغة والتاريخ وكتب التراث، ويضطر إلى أن يرجع إلى كتب ما كان يظن في يوم من الأيام أنه سيطلع عليها لبعد ما بينه وبينها، أو لأنه يرى في بعضها ما يغني عن بعضها، ولا سيما في مجال القراءة الحرة. ولكنها من جانب آخر محاولة يكتنفها شيء غير قليل من المشقة، فليس أصعب على الدارس من أن ينصب نفسه وجهده لجمع شعر شاعر تفرق شعره في كتب التراث من مخطوط ومطبوع، لأنه سيكون أمام أمر واحد لا محد عنه، وهو اضطراره إلى الرجوع إلى كل ما قد يظن أنه يضم شيئا من شعره من كتب التراث المختلفة وهو أمر يفيد الدارس، ولكنه يرهقه من أمره عسراً، وبخاصة أن الاستقصاء من لوازم البحث وشروطه.
وكتاب حمزة بن بيض الحنفي قسّمه المؤلف إلى قسمين:
القسم الأول: خصصه لدراسة حياته وشعره، ويتكون من تمهيد وفصلين ، تحدث في التمهيد عن قبيلة بني حنيفة التي ينتسب إليها الشاعر. وقد توسع المؤلف في هذا، لأنه كما يقول .. يستحق ذلك، لربط الأحداث والوقائع المتعلقة بها في الجاهلية والإسلام، وذكر المشهورين من شعرائها وشواعرها. ثم تحدث المؤلف عن نشأة حمزة وعن عصره. فتناول أبرز جوانبه السياسية والاجتماعية والثقافية. وتحدث المؤلف في الفصل الأول من الكتاب عن نسب حمزة وصفاته وأخلاقه، وصلته برجال عصره من ذوي السياسة والسلطان، وصلته بمعاصريه من الأدباء والشعراء.
أما الفصل الأخير فدرس فيه المؤلف شعره دراسة أدبيّة، وذكر مصادر شعره، والمنهج الذي سلكه في جمعه وتحقيقه. أما عن وفاته فيذكر المؤلف أن ياقوت الحموي يورد قولين في وفاته أحدهما 116ه، والآخر أنه توفي عام 120ه . أما الذهبي فيرى أن وفاته عام 116ه أما المؤلف فخالف الاثنين وقال: أرى أن حمزة لم يتوف عام 116ه، ولا عام 120ه ، بل امتد به العهد بعد هذين التاريخين سنوات، والدليل على ذلك أن شعره تضمن قصيدتين في هجاء الوليد بن يزيد بن عبدالملك الذي تولى الخلافة بعد هشام بن عبد الملك عام 125ه والذي بقي في الخلافة حتى قتل عام 126ه ورجّح المؤلف أن وفاته حدثت عام 126ه.
موضوعات شعره: يميل المؤلف إلى أن حمزة طرق في شعره جميع الموضوعات الشعرية المعروفة في عصره، وهذا المجموع لا يمثل على الأرجح في رأي المؤلف إلا جزءا يسيراً مما قاله، لأن طبيعة عصره وبيئته تدفعه كما دفعت غيره من الشعراء إلى أن يوظف شعره في التعبير عن الموضوعات المختلفة، كالمدح، والغزل، والهجاء، والرثاء، والعتاب، والاعتذار، والوصف. ويذكر المؤلف أن مجموع شعره الذي استطاع أن يصل إليه، والأجواء التي قيل فيها، تشعره بهذا التصور. إلا أنه يستدرك ويقول: غير أن ما وجدناه من شعره لا يمثل إلا قليلا من الموضوعات التي أتوقع أن حمزة قال فيها شعراً، زد على ذلك أن هذا المجموع لا يتضمن بيتاً واحداً في الغزل، مع أن حياة الشاعر في الكوفة التي لا تخلو من لهو وعبث، وطبيعة العصر والبيئة تدفعه إلى ممارسة هذا اللون من الشعر. أما الموضوعات التي تضمنها شعره فكان منها المدح وهو من الموضوعات الرئيسة في شعر حمزة وبعض مدائحه لا يخلو من موقف طريف. وذكر المؤلف منها أنه دخل على خالد بن عبد الله القسري فقال له: إني مدحتك ببيتين فقيمتها عشرة آلاف درهم، ثم طلب منه حمزة أن يحضرها حتى ينشده، فأحضر خالد الدراهم، واستمع إلى البيتين، وأمر أن يضرب حمزة أسواطاً، وينادى عليه: هذا جزاء من لا يعرف قيمة شعره، ثم قال له: إن قيمتها مائة ألف درهم.وخالد القسري يدرك أن البيتين لا يساويان هذا المقدار، ولكنه أراد أن يعبث به، ويجازيه على تجرؤه عليه، بطلبه أن يحضر المكافأة وأن يستمع إلى البيتين. . يقول:


قد كان آدمُ قبلَ حينِ وفاتِهِ
أوصَاكَ وهو يجودُ بالحَوباءِ
بِبَنيه أن ترعاهُم فرعيتهُم
وكفيت آدمَ عَيْلَة الأبناءِ

ويقول في رثاء مخلد بن يزيد المهلب:


تركتَ عليك أمَّ الفضلِ حَرّى
تلدّدُ في مُعطّلةٍ خرابِ
تُنادي والهًا بالويل منها
وما داعيكَ مخلدُ بالمُجابِ

ومن الأبيات التي أعجبتني من شعر حمزة بن بيض هذه الأبيات يقول مادحاً:


تراه إذا ما جئته تطلب النّدى
كأنّك تعطيه الذي جئت تسألُ

فممدوحه كريمٌ جوادٌ لا يماثله أحد في الطيب والكرم. فهو عندما تطلب منه الندى وهو المال يعطيك وهو مبتهجٌ وكأنك الذي تعطيه ولست أنت الذي تأخذ منه، وهذا يبين شدة الكرم والسخاء في الممدوح. وهذا فيه قدرة وجمال. وهذا البيت الذي يتضمن حكمةً يقول فيه:


وموتُ الفتى خيرٌ له من حياته
إذا كان ذا مال يضنُْ ويبخلُ

وبهذه الأبيات أختم هذه القراءة العاجلة في كتاب حمزة بن بيض، وهو كتاب يساهم كبقية كتب التراث الأدبي في ربط حاضر الأدب بماضيه.
أم محمد بن عبد الله الدوسري

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved