Friday 19th April,200210795العددالجمعة 6 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

العرب وما بعد المبادرة العرب وما بعد المبادرة
عبدالله عبيد عباد

ما برح العرب بيروت يجمعون أوراقهم ويربطون حقائبهم استعداداً لمغادرتها بعد أن أعلنوا للعالم بأسره رغبتهم الحقة في إنهاء الصراع في المنطقة العربية، حتى انقض شارون بعساكره على الشعب الفلسطيني الأعزل وعلى قيادته الوطنية محاولاً الالتفاف على المبادرة العربية، ومظهراً عدم الاكتراث بمقررات القمة العربية، وكأن الذي يعنيه هو ما توهمه من أن العرب قد اعترفوا بإسرائيل وبأحقيتها في الأراضي المحتلة قبل عام 67م وهذا في ظن شارون الخاطئ مكسب عظيم في هذه الظروف وسينخفض سقف المطالب العربية مع مرور الأعوام، إن هذه المغالطة من شارون لنفسه، لا يمكن أن تنطلي على غيره، فالتطبيع الكامل والاعتراف بإسرائيل المذكور في المبادرة مشروط بتحقيق ماقبله من الانسحاب الكامل إلى أراضي 48م وبإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وعودة اللاجئين وقد صرح الأمير سعود الفيصل بأن هذه المبادرة غير قابلة للتجزئة، وهذا استباق للموقف الإسرائيلي المتوقع في الظروف الحالية.
إن هذه السياسة الصهيونية القائمة على الأنانية والانتهازية والاستخفاف بالعرب وبالمسلمين هو ما سيدفع شارون ومن يقف وراء شارون ثمنه غالياً.
بعد ما شاهدنا هذا العدوان الساخر على الشعب الفلسطيني وقيادته وإعلان مدينة رام الله منطقة عسكرية مغلقة والحصار الكامل لمعظم أراضي السلطة الفلسطينية تبين لنا ولكل عاقل أن الولايات المتحدة الأمريكية غير صادقة فيما كانت تعلنه من تأييد وترحيب بالمبادرة العربية التي أطلقها الأمير عبدالله.وما الانحياز الكامل إلى جانب إسرائيل في هذه الحرب القذرة غير المتكافئة إلا دليلاً صارخاً على تورط الولايات المتحدة في عملية خداع كبرى للعرب والمسلمين ولا يشفع للولايات المتحدة بعض التصريحات والمطالبات بحلول جزئية لا تمت إلى جوهر العملية السلمية بأية صلة وإنما هي تصريحات للتدليس والتضليل وكسب الوقت لصالح إسرائيل وفرض سياسة الأمر الواقع بعد ذلك.
إن المبادرة السعودية مبادرة صادقة نابعة من القلب المسلم الرحيم الشفيق على إخوانه في فلسطين، ففي ظل التفكك العربي والشكوك القائمة، والتآمر الدولي على القضية الفلسطينية، وفي ظل الإرهاب الصهيوني الذي يمارسه شارون وعصاباته في الأراضي المحتلة، جاءت المبادرةالسعودية، وهي مبادرة «الممكن» وللسعودية كامل الحق في عرض ماتراه، فهي اليد الممدودة للشعب الفلسطيني منذ بداية المحنة وهي اليد التى لم تزايد على القضية الفلسطينية ولم تتخذ منها سُلماً لأغراض أخرى كما يفعل البعض، والأمير عبدالله ذلك العربي النقي قد أدى ما عليه أمام الأمة والتاريخ ولا عليه بعد ذلك إن لم يفق النائمون وينتبه الغافلون.
إن الرفض الصهيوني الصريح للمبادرة والانسياق الأمريكي التام للرغبة الصهيونية في هذا الرفض سيخرج القضية من جميع أروقة السياسة العالمية لكونها لم تعد ذات تأثير يذكر في مجريات الأحداث كما سيخرجها من جميع أروقة السياسة العربية؛ لأنها ليست بأحسن حال من سابقتها، وستعود القضية الفلسطينية إلى رحم الأمة الإسلامية العربية لتولد ولادة طبيعية في أحضان الأمة الوفية بعد أن مرت بأطوار ومراحل الابتلاء والامتحان، حينها لن نكون بحاجة إلى الجرّاح الأمريكي الفاشل الذي يفتقد إلى الخبرة والأمانة والعدالة، ولن نكون بحاجة إلى دهاقنة السياسة والفكر لتلاوة الترانيم والتراتيل الشيطانية على مسامعنا لأن الحق قد عاد إلى نصابه، ولأن الحق إذا جاء زهق الباطل إن الباطل كان زهوقا.

*محاضر الثقافة الإسلامية
بكلية الملك خالد العسكرية

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved