ضم القبر - وما أكثر ما ضم من الإعلاميين - العالم اللغوي الإعلامي الشيخ علي بن محمد بن عبدالحق الظاهري الذي اختار لنفسه اسم أبي تراب الظاهري، فلا يعرف إلا به، ولا أعلم إن كان مريضاً ولكن الصحافة نعته يوم الأحد 22/2/1423هـ الموافق 5/5/2002م بعد حياة حافلة بحراسة اللغة العربية والزهو بالانتماء إليها في زمن يتفاخر فيه بعض أبناء يعرب بالرطانة الأعجمية حتى وإن لم يجيدوها.
ولد أبو تراب في الهند سنة 1343هـ (1924م) وتلقّى تعليمه الأوليّ بها وقدم المملكة عام 1367هـ مع والده الذي قدم للتدريس في المسجد الحرام، وقد عشق أبو تراب لغة القرآن وتعمّق في دراستها حتى أصبح واحداً من علمائها، فألف في علومها، ودقّق في رقابة ما كتب بها في الصحافة والإذاعة، وتابع أوهام الكتاب وأخطاءهم، وركز على متابعة الأخطاء الشائعة نطقاً وكتابة.
لغة أبي تراب كانت معجمية، وكان يوغل في اللغة بحكم اطلاعه الواسع على المعجمات إيغالاً جعل الاستفادة منه تكاد تقتصر على المتخصصين، وكان هذا ظاهراً فيما كتبه في الصحف فكثير من كلماته لا يعرفها إلا المتخصصون المطلعون..كان أعجب ما في حياة أبي تراب هو افتخاره باللغة العربية مع أنه يعرف اللغتين الأوردية والفارسية ولكنه يذكّرنا بعلماء الهند الذين يرفعون رؤوسهم زهواً بلغة القرآن، وقد كان أبو الحسن الندوي - رحمه الله - لايتكلم بغير العربية إلا إذا كان ليس بالإمكان الكلام بها مع أنه يجيد غيرها، ولكنه الانتماء للغة القرآن.ومن ذكرياتي مع أبي تراب أنه كلفه الاستاذ زهير الأيوبي مدير الإذاعة عند انضمامي اليها أن يستمع لنشرات الأخبار مسجلة ثم يكتب خطأ كل مذيع في بيان، ويحسم على كل مذيع نصف ريال مقابل كل خطأ لغوي، فأرسلت لي بيانات أبي تراب فأوضحت أن بعضها ليس بخطأ، ولم يغضبه ذلك، لكن ما أغضبه هو ملاحظتي وجود أخطاء في كتابته، ولم ينكر ذلك، بل رد كتابياً بما نصه.. «هلا التمس لي عذراً كما التمسه للمذيعين». رحم الله أبا تراب فقد كان حارساً للغة، معتزاً بها، لا تأخذه لومة لائم في الدفاع عنها ولعل ورثته ينفذون وصيته بأن توقف مكتبته التي تضم مصادر اللغة في إحدى الجامعات أو المكتبات العامة.
ماذا لو قدرنا
الآن أنك مسجى على لوح خشبي متحرك، يحملك جمع من أفراد أسرتك
لمثواك الأخير في
الدنيا؟
ص.ب: 45209 - الرياض: 11512الفاكس: 4012691
|