Tuesday 14th May,200210820العددالثلاثاء 2 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

شيء من المنطق شيء من المنطق
شركة الاتصالات بين تطور الفكر الاقتصادي والطبيعة الاحتكارية
د. مفرج بن سعد الحقباني

أعلنت شركة الاتصالات السعودية مؤخرا تقريرا مفصلا عن أداء الشركة وإنجازاتها ونشاطها خلال الفترة من 2/5/1998م إلى 31/12/2002م. وعلى الرغم من اشتمال التقرير على العديد من الحقائق والأرقام التي يمكن ان تكون مؤشراً لواقع ومستقبل هذه الشركة الوليدة من حيث عمرها الزمني، العملاقة من حيث إمكانياتها المادية والمالية، إلا ان أبرز ما لفت الانتباه هو التحول الكبير في نمط الفكر الإداري الذي يقف وراء هذه الأرقام والحقائق المعلنة. فإذا كنا نعلم بأن الهدف الرئيسي من تحويل قطاع الاتصالات إلى شركة مساهمة سعودية يتمثل في الرغبة في تقديم الخدمة للمستفيدين وفق آلية محددة يحكم مكوناتها الفكر الاقتصادي السائد في القطاع الخاص الذي يسعى إلى تعظيم الربح من خلال اختيار أفضل السبل الإنتاجية والتشغيلية والتسويقية، فإن ما تحقق خلال هذه الفترة الوجيزة يمثل دلالة مؤكدة على سرعة تحول المنهجية الفكرية في الشركة باتجاه الفكر الاقتصادي الذي يتناسب وطبيعة العمل في القطاع الخاص. ولعل أبرز الدلالات التي تؤكد صحة هذا الاستنتاج الهام سعي الشركة إلى التوسع الكمي والنوعي في تقديم الخدمة للمستفيدين وبأسلوب تسويقي متطور ساهم في ايصال الخدمة إلى مختلف شرائح المجتمع في مناطق المملكة المختلفة كما ساهم في تنوع الخدمات المقدمة مما أعطى للشركة الفرصة لمواكبة رغبات المستهلكين المختلفة. ومن الدلالات الرئيسة على تطور الفكر الإداري بالشركة حرص الشركة على تحقيق فاعلية انتاجية عالية من خلال التوسع في تقديم البرامج التدريبية للعاملين في الشركة بهدف تحسين الانتاجية الفردية للعاملين والحد من التكاليف الانتاجية للشركة. ولقد نتج عن هذا التحول في الفكر الاقتصادي زيادة ملحوظة في الإيرادات التشغيلية وفي الأرباح السنوية انعكست بوضوح في قيمة السهم التي ارتفعت إلى ما يقارب 75 ريالاً بعد ان كانت القيمة الاسمية 50 ريالاً عند انشاء الشركة. إلا ان هذا التحمس في الأداء الكمي والنوعي يجب ألا يلفت انتباهنا عن بعض الملاحظات المؤثرة على واقع ومستقبل أداء الشركة خاصة ما يتعلق بالمصروفات التشغيلية التي على الرغم من انخفاضها خلال الفترة الثانية من التقرير المالي لاتزال محل تساؤل المهتمين بهذا القطاع الهام خاصة تلك المتعلقة بتكاليف الموظفين وبالمصروفات العمومية والإدارية التي يعي ارتفاعها درجة من درجات الخلل في طبيعة العمل الإداري كما ان النتائج الايجابية المعلنة يجب ألا تؤخذ على أنها نتاج طبيعي للتحسن في الأداء إذ يلزمنا الأخذ في الاعتبار الطبيعة الاحتكارية التي تتمتع بها الشركة مما ساعدها على الانفراد بالقرار الانتاجي والتسويقي وساعدها على إقرار التسعيرة المناسبة لتطلعاتها كشركة محتكرة لتقديم الخدمة بعض النظر عن قرار المستفيد من الخدمة. وإذا جاز لنا افتراض إمكانية فتح السوق السعودية لشركات منافسة لشركة الاتصالات السعودية فإن من المنطقي القول بأن الشركة السعودية ستجد صعوبات مستقبلية بالغة خاصة إذا علمنا أنها تتقاضى في ا لوقت الراهن تسعيرة تفوق ما هو سائد في الدول المجاورة. وبالتالي فإن المستقبل يتطلب فاعلية إدارية واقتصادية تهتم بمعالجة الارتفاع الملحوظ في المصروفات التشغيلية وتسعى إلى فتح آفاق استثمارية جديدة تتسم بالأمان النسبي حتى تستطيع الشركة مواجهة حرب الأسعار المستقبلية وحتى تستطيع تنويع مصادر الدخل الممكنة. بعبارة أخرى يجب على المسؤولين بالشركة عدم اعتبار الواقع من مسلمات المستقبل مما يعني ضرورة استغلال الوقت لتطوير ذات الشركة الداخلي قبل ان يفرض عليها واقعا جديدا لا تستطيع معه المنافسة ولا تستطيع معه تحقيق الأرقام المعلنة في تقريرها المالي.

أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved