Tuesday 14th May,200210820العددالثلاثاء 2 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

التحولات الاقتصادية في ظل اتفاقيات منظمة التجارة العالمية التحولات الاقتصادية في ظل اتفاقيات منظمة التجارة العالمية
معظم فوائد اتفاقيات منظمة التجارة العالمية تعود على الدول الغنية وليس الدول الفقيرة

قضايا وموضوعات وتحولات اقتصادية أفرزتها التغيرات العالمية بعد إنشاء منظمة التجارة العالمية«wto» عام 1995م تحمل في طياتها الكثير من الهواجس والتخوفات لدى كثير من الدول- بما فيها الدول الأعضاء في المنظمة- نتيجة لما تحتويه اتفاقيات المنظمة من تحولات كبيرة في إدارة اقتصاديات الدول وعلى رأسها تحريرتجارة السلع الزراعية والصناعية والخدمات المالية وغيرها من اتفاقيات منظمة التجارة العالمية.
بانتهاء جولة أوروجواي عام 1994م للدول المنضمة إلى الاتفاقية العامة للتجارة والتعريفات الجمركية«جات» اتفقت الدول الأعضاء على عدد هام من القضايا المرتبطة بتحرير التجارة الدولية، هذا الاتفاق تزامن مع حدوث مجموعة من المتغيرات التي أثرت على نتائج هذه الجولة من المفاوضات بين الدول الأعضاء من هذه المتغيرات:
1- انفراد اقتصاديات الدول الصناعية الكبرى وخاصة الولايات المتحدة بتسيير وتوجيه الاقتصاديات الدولية الأخرى خاصة في الدول النامية بما يخدم مصالح هذه الدول الكبرى ولم تعد هذه الدول تنظرإلى مصالح الدول الفقيرة فطرحت بقوة قضايا الإغراق وحقوق الملكية الفكرية والفتح المتبادل للأسواق في إطار المفاوضات الاقتصادية الثنائية.
2- تزايد تماسك التكتلات الاقتصادية الموجودة فعلا وظهور تكتلات جديدة هذا التزايد في عمليات الاندماج بين كثير من الدول في إطارهذه التكتلات أدى إلى ضرورة وضع أسس لعلاقات دولية مفتوحة بينها وبين الدول الأخرى.
لذا فسوف أتناول فيما يلي بعض التحولات والتغيرات التي أحدثتها بعض اتفاقيات منظمة التجارة العالمية مما أثربالإيجاب على اقتصاديات بعض الدول وبالسلب على بعض الدول الأخرى فمثلا اتفاقية تحرير تجارة السلع الصناعية نجد أنه تم الاتفاق على خفض الرسوم الجمركية بنسبة 33% على بعض السلع الصناعية كالآلات والأجهزة الكهربائية والإلكترونيات والمنتجات المعدنية والخشبية والإلغاء التدريجي لنظام الحصص والقيود الكمية التي تفرضها الدول المتقدمة لحماية المنسوجات والملابس الجاهزة المتدفقة من الدول النامية في نفس الوقت تقرر تخفيض الرسوم الجمركية على السلع الصناعية التي تصدرها الدول الصناعية المتقدمة بنسبة 38% وتخفيض الرسوم الجمركية الصناعية للدول النامية بنسبة 32% وللدول الأقل نموا بنسبة 19% وواضح من هذه النسب أن هذا الاتفاق يخدم الدول المتقدمة وسوف تحقق منه مكاسب كبيرة أما بقية الدول فلن تستفيد كثيراً من هذا الاتفاق باستثناء الصين التي يقدر البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن تحقق أرباحا في قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة تبلغ 37 مليار دولارسنويا حيث ستتمكن صناعات ومنتجات الملابس الجاهزة الصينية من غزو الأسواق في الدول الصناعية المتقدمة والأوربية وأيضا الدول النامية.
أما اتفاقية تحريرالخدمات المالية فلم يتم الاتفاق بين الدول الأعضاء على التحرير الشامل للخدمات المالية والمصرفية حيث تم الاتفاق على حرية البنوك وشركات التأمين من أي دولة عضو في الجات في دخول أسواق الدول الأخرى.
أما اتفاقية تحرير تجارة السلع الزراعية فقد تم الاتفاق على إجراء خفض تدريجي بنسبة 36% في الرسوم الجمركية على السلع الزراعية والدعم المقدم لتصديرها. وتعتبر الولايات المتحدة أكبر مستفيد من هذا التخفيض.
ومن الضروري الإشارة إلى عدة إحصائيات لتوضيح هذه الاستفادة فقد قامت الولايات المتحدة بتصدير نحو 7،87 مليون طن من الحبوب عام 91/92 وهذه النسبة توازي 7،40% من إجمالي صادرات الحبوب الدولية في نفس الفترة والبالغة 3،215 مليون طن أما صادرات دول الاتحاد الأوربي من الحبوب فقد بلغت 4،28% في نفس العام بما يوازي 2،13% من إجمالي الصادرات الدولية وارتفعت في العام التالي إلى 7 ،30 مليون طن. وقد أشارت منظمة الأغذية والزراعة العالمية«فاو» إلى أن الصادرات الأمريكية من الحبوب بلغت 4،92 مليون طن عام 92/93 بما يوازي46% من إجمالي صادرات الحبوب الدولية في ذلك العام والبالغ 8،200 مليون طن.
وقد أشارت دراسة مشتركة أعدت بالتعاون بين البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن الدول الرابحة من اتفاق منظمة التجارة العالمية الخاص بتحريرتجارة السلع الزراعية هي دول الاتحاد الأوربي، حيث تقدر أرباحه الإجمالية بحوالي 7،80 مليار دولار سنويا يليها الصين 37 ملياراً سنويا ثم اليابان 35 مليار دولار سنويا ثم دول شرق وجنوب آسيا حوالي 4،22 مليار دولار ثم الولايات المتحدة حوالي 8،18 مليار دولار، وهناك عدد من الدول سوف تتضرر كثيرا من هذا الاتفاق خاصة الدول النامية ومنها الدول العربية.
ومن الممكن الإشارة هنا إلى بعض الآثار التي نتجت عن هذا الاتفاق الخاص بتحريرتجارة السلع الزراعية معظم هذه الآثار ستتضح في الدول النامية بصورة كبيرة من هذه الآثار ما يلي:
1- اتجاه كثير من الدول نحو الاهتمام بالتخصيص حتى تستفيد وتحقق الاستغلال الأمثل لمواردها.
2- تحقيق إفادة بعض المنتجين نتيجة زيادة الطلب الخارجي على إنتاج البلدان التي كان إنتاجها يواجه عوائق ورسوماً جمركية ثم ألغيت أو تم تخفيضها.
3- زيادة معدلات البطالة في الدول التي كان المنتجون فيها يعتمدون على الرسوم الجمركية العالمية وعلى الدعم الحكومي.
4- استفادة بعض المستهلكين خاصة في الدول التي كانت تفرض رسوماً جمركية وتدعم منتجيها ثم ألغيت أوخفضت هذه الرسوم.
5- زيادة تكلفة الواردات في البلدان التي تستورد سلعاً بسبب ارتفاع أسعارها نتيجة لتخفيض الدعم الحكومي لها.
6- زيادة حجم التجارة الدولية بما يتراوح بين 350 مليار إلى 400 مليار دولار سنويا نتيجة لزيادة الطلب الخارجي المتبادل.
لذا فإنه في ظل هذه التحولات الناجمة عن توقيع كثيرمن الدول على اتفاقيات منظمة التجارة العالمية فإن من الضروري أن تقوم الدول الأعضاء خاصة الدول النامية ومنها الدول العربية بإعادة إعداد وتجهيز هياكلها وبرامجها الإنتاجية بما يؤدي إلى تميز منتجاتها مما يدعمها في الأسواق العالمية في ظل المنافسة الشرسة التي ستواجهها منتجات الدول النامية من قبل منتجات الدول المتقدمة القادرة على تطويرمنتجاتها بما يحقق لها أهدافها بالسيطرة على الأسواق العالمية وبالتالي تحقيق أكبر فائدة ممكنة من ذلك.

* مستشار اقتصادي ومدير دار الخليج
للبحوث والاستشارات الاقتصادية

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved