Tuesday 14th May,200210820العددالثلاثاء 2 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

النجوم الغاربة... (12) النجوم الغاربة... (12)
عبدالله بن عبدالعزيز بن إدريس

أربعة نجوم من ألمع وأشهر نجوم الأدب والثقافة في المملكة العربية السعودية «تخرموا ولكل جنب مصرع».. اختفوا من ظهر الأرض إلى بطنها.. ومن حركة الحياة وضجيجها إلى صمت القبور.. ومن ضبابية الحال.. إلى سطوع المآل جعل الله مآلهم ومآلنا جميعاً كرم الضيافة لدى أكرم الأكرمين.. وحسن المآب وخير الثواب.
النجوم الراحلون:
1 محمد عيسى العقيلي.
2 حسين عرب.
3 أبو تراب الظاهري.
4 محمد هاشم رشيد.
جميعهم أعلام.. حملوا أعلام.. التاريخ والأنساب.. والإبداع الشعري والأدبي، وإحياء المفردات اللغوية التي كادت تندثر من أفواه الناطقين بالضاد.. إلا ما هو في بطون الكتب والمعاجم.. وهذا أصبح عسيراً على الأكثرين إلا من أوتي عشقاً للغة القرآن ومحضن الثقافة الإسلامية.
* * *
هؤلاء الأعلام الأربعة رحلوا عنا في فترة وجيزة واحداً تلو الآخر.. وبشكل مفاجئ.. دون مرض أقعدهم.. أو حادث أوقعهم.. عدا أولهم الذي عرفنا عنه ضعف صحته ونحول عافيته حتى لقي ربه.
رحمهم الله جميعاً وأسكنهم رحاب جناته.
لقد كثر فوات الأموات المفاجئ في السنين الأخيرة بقدر لم نألفه إلا في مرض الجدري.. أو الطاعون الذي عرف عندنا في نجد باسم سنة الصخونة.. أو سنة الرحمة.
لقد عز علينا والله فقد هؤلاء الأعلام.. وأمضّ الحزن قلوبنا.. وزاد من هذا الحزن تتابع انطفاء أضوائهم من سماء حياتنا المتحركة.. حتى وان بقيت آثارهم الخالدة شاهدة على وجودهم المعنوي.. إلا أن الوجود على ظهر الوجود يمثل النسخة الأصل.. في حين أن وجودهم في آثارهم التي خلفوا يمثل النسخة المصورة.. هكذا أتصور.. وربما يخالفني البعض في هذا التصور..
* * *
1 الأستاذ «الرائد» محمد بن أحمد بن عيسى العقيلي.. نُشر ما قلت عنه في «عكاظ» غِبَّ وفاته.. وان كانت الكلمة التي قلتها عنه كلمة موجزة إلا أنها تعبر عن تقديري الكبير لذلك الرجل الكبير رحمه الله وسررت كثيراً بأنه كُرِّمَ في مهرجان الجنادرية وهو في حيويته النسبية وهو أبو الأدب والتاريخ في جازان.
2 الشاعر الكبير حسين عرب.. عرفته قبل لقائي به مرات عديدة من خلال شعره الجميل الذي استهواني.. وحملني على حفظ أبيات من بعض قصائده.. مع ضعف حافظتي وذلك دليل بحق على أن شعره يحفل بالخيال الواسع والخيال هو أحد مقومات الشعر الجميل.. وبخاصة إذا أضيفت إليه الصورة المعبرة والمعنى الجديد في رومانسية حالمة.. كقصيدته (أفواف) التي مطلعها:


تركَتْكَ مسلوبَ الفؤادِ مُجافَى
مُضنَى الفؤاد تَعَجَّلُ الإنصافَا

ومنها:


يا ذاكَ ويحكَ قد أضرّتْكَ النّوى
قُذُفاً وأعيتكَ الدروبُ مَطافَا
واهاً لِعُمركَ قد تصرّم في الرُّؤى
خداعةً، تَتْرى عليك جُزافا
أشْأَمْتَ في أقصى الشمال وأيمنَتْ
ليلاكَ حتى اجتازتِ الاحْقافا
مَعْدى السحابِ الجُون منكَ منالُها
سبق المدى وتسنَّم الأَعْرافا

وختمها ببيت من الحكمة:


إن العيونَ إذا تضاءلَ نورُهَا
رأت اللألئَ في الضُّحى أصدافا

* * *
سعدت كثيراً بتكريمه منذ ثلاث سنوات في مهرجان التراث والثقافة الجنادرية وكنت بجواره في قاعة الملك فيصل ليلة تحدث عنه عدد من الدارسين لحياته الأدبية، وقبل انتهاء آخرهم التفت إليّ قائلاً:
ما رأيك فيما قالوه؟ قلت: لقد أحسن كل واحد منهم وفق قدراته.. إلا أنه كان بودي لو أنهم تعرضوا لشعرك من حيث فنيتك الشعرية.. وهي الأهم.
ورغب إليَّ في التعقيب.. إلا أن مذيع الحفل قطع عليَّ الطريق بطلوعه على المنصة معلناً انتهاء الأمسية.. قبل أن يعطيَني رئيس الجلسة الإذن بالمداخلة.
علاقتي بالشاعر الكبير حسين عرب كانت علاقة متينة قوامها الحب والتقدير المتبادل.. بل هو أعطاني في أحد التجمعات الأدبية في مكة المكرمة ما كان يخجلني لو كنت حاضراً.. ولكنه كرم النفس والكلمة الطيبة تُهدى إلى من لم ينتظرها.. رحمه الله وجزاه خير الجزاء.. وللحديث بقية.
الناسوخ 4772405

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved