* الهند- خدمة الجزيرة الصحفية:
دخلت الهند القرن الحادي والعشرين وهي تتمتع بقدرات علمية جبارة، قنبلة نووية وبرامج غزو الفضاء ومناطحة الدول الكبرى في صناعة البرمجيات؛ لكنها لم تخلع بعد الساري، ولا تريد الإقلاع عن عادة زواج الأطفال التي تصيب المصلحين الاجتماعيين هناك بالغثيان والجنون، تخيل مثلا أباً وأماً يسحبان طفلة لا يتعدى عمرها ثلاث سنوات، وأحيانا أقل لتزويجها من طفل عمره أربع سنوات على أكثر تقدير، ففي ولاية راجستان، لا يمانع الآباء من تزويج أبنائهم وهم مازالوا في طور الحضانة ( في اللفة)، ومنذ بضعة أسابيع، تم عقد قران حوالي 3000 صبي وفتاة لا تتعدى أعمارهم العاشرة، وتمت مراسم الزواج الجماعي هذه في جو من الطقوس المهيبة التي ازدانت بأغرب الملابس وروائح البخور.
طبعا لا يتم الزواج الفعلي إلا بعد وصول الصبيين لسن البلوغ، وبعدها مباشرة تبدأ الحياة الزوجية بكل واجباتها ومسؤولياتها، حتى لو كان الزوج عمره 15 سنة. والزوجة 13 سنة، العادة لها جذور تاريخية ضاربة في أعماق المجتمع الهندي منذ القدم. وسببها الرئيسي نظرة المجتمع للمرأة في الهند القديمة، والمعاصرة أيضا، يري المجتمع أن المرأة مسئولية ( أو بمعنى أدق عبئاً) ثقيلاً كلما تمكن الآباء من التخلص منها في أسرع وقت كان أفضل، فالأسرة الهندية تظل في قلق دائم من وجود الفتاة في البيت. ولا يتنفس الأب والأم الصعداء إلا بعد رحيلها وانتقال عبئها إلى رجل آخر ورغم مرور أكثر من نصف قرن على استقلال الهند لم يستطع المجتمع التخلص من هذه العادة المتخلفة، والسبب انتشار الأمية أولا، والتشبث الأعمى بالعادات القديمة البالية من قبل الهنود ثانيا. وثالثا إلغاؤها معناه إلغاء الملايين من عقود الزواج التي تمت بهذه الطريقة، واختلاف الأعراق واللغات والديانات، وخاصة انتشار الديانات الوثنية، كل هذا يزيد من صعوبة حل هذه المشكلة إلى درجة أن هناك من يشكك في إمكانية حلها..بل وربما - على حد قولهم- تصعد الهند إلى المريخ وتنزل إلى سابع أرض وهي مازالت تفهم الزواج والمراة فهما خطأ.. أو قل متخلفا.
|