Saturday 15th June,200210852العددالسبت 4 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

شيء من شيء من
محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ

أعرف بدءا ان ما سوف اطرحه في هذه العجالة هو موضوع حساس، والكتابة فيه اشبه ما تكون بالمشي في حقل ألغام او بين جحور الأفاعي. غير انني اجد انها قضية ملحة، لابد وان نتطرق اليها، وان السكوت عليها، سيجعلها في النهاية بمثابة كرة الثلج التي تكبر حتى الخطر وهي تتدحرج مع مرور الوقت.
هذه القضية هي أزمة «المرأة» السعودية، في ظل الخصوصية الاجتماعية السعودية، النابعة من العادات والتقاليد المحلية، التي تحد بلاشك من قدرة المرأة على الحصول على العمل، وبالتالي تتضاءل فرصها، مقارنة بالرجل، على ايجاد دخل مادي يلبي احتياجاتها الحياتية، الامر الذي يجعل مأساتها اليوم، وفي ظل شروط الحياة المعاصرة، اكثر بكثير من الرجل. ولأن قضية كهذه لابد وان يكون لها ذيول ونهايات لا اخلاقية فيما لو تركت دونما حل، فانني اجد ان من الضرورة الملحة بمكان طرحها على بساط البحث والحوار والنقاش.
فليس كل النساء السعوديات لهن من يعولهن، وليس كل النساء يحصلن على دخل مادي يلبي احتياجات الحياة والعيش الكريم. ويجب ان نعترف - ايضا - ان مجتمعنا يسعى بخطوات حثيثة الى المجتمع المدني، على الأقل في علاقات افراده، ذلك المجتمع الذي تتضاءل فيه فرص التكافل الاجتماعي، وتتباعد المسافات بين أفراده بالشكل والمضمون الذي يجعل الحصول على لقمة العيش معني بها صاحبها، وتقل علاقة الآخرين بها الى درجة كبيرة.
في الماضي كان بامكان المرأة الحضرية ممارسة التجارة في الأسواق، او ممارسة العمل الزراعي، او احتراف بعض الأعمال المهنية التي تتناسب مع طبيعتها الفسيولوجية، كما كانت المرأة في البادية تتساوى في الفرص المعيشية مع الرجل الى حد كبير، ففي امكانها تملك القطيع وممارسة الرعي، والتنقل طلبا للكلأ، فضلا عن ان سكناها كان دائما ضمن جماعة، الأمر الذي يكفل لها ضربا ولو يسيرا من التكافل والأمن الاجتماعي، وهذا ما يجعلها بالمفهوم الاقتصادي جزءا من العملية الانتاجية، وبالتالي تجد فرصتها في العمل، وفي العائد المالي بما يكفل لها الحياة المعيشية الكريمة.
وبدخولنا حديثا الى حقبة الدولة المركزية، ومجتمع المدينة، اختلفت العلاقات الاجتماعية، وتراجع دور المرأة في العملية الانتاجية الاقتصادية، واصبح اعتمادها في حياتها المعيشية على الرجل أكثر من ذي قبل، كما اصبحت معاناة المرأة التي تعيش دونما عائل هي معاناة حقيقية، بل ومأساوية، في ظل ضيق المجالات التي يسمح للمرأة بالعمل فيها، ناهيك عن ندرة فرص العمل للجنسين.
وقد انحصر مجال عمل المرأة في حقل التعليم بصفة أساسية، وبعض مجالات التطبيب، والتمريض والمساعدة الطبية، غير ان هذه المجالات اصبحت لا تكفي لاستيعاب الاعداد الكبيرة والمتزايدة سنة بعد سنة، من النساء المحتاجات الى عمل، الامر الذي يحتم علينا فتح مجالات أخرى غير التعليم والطبابة.
وأنا هنا لا ادعو - اطلاقا - الى فتح الباب على مصراعيه لعمل المرأة، وتجاوز المحاذير الدينية والاجتماعية، وانما أدعو الى التفكير بجدية في هذه المأساة التي تعاني منها المرأة السعودية، وايجاد حلول لها بما يتناسب مع ظروفنا الاجتماعية، وبما تسمح به تعاليم ديننا الحنيف.
هناك - مثلا - الكثير من المجالات التي يمكن ان يقصر العمل فيها على المرأة تحديدا دون الرجل، بحيث يكون محيط هذا العمل بكامله نسائيا بحتا. واقرب ما اجده مناسبا لها، العمل في حقل المعلوماتية والحاسب الآلي، الذي يندر ان تجد هذه الأيام منشأة عامة او خاصة، حكومية او تجارية، الا وتتعامل فيها بشكل او بآخر، لا سيما وان التعامل مع المعلومات في الحاسب الآلي، ادخالا أو اخراجا او تحليلا، تعاملا لا يتطلب في الغالب الاعم اختلاطا أو احتكاكا مباشرا بين الرجل والمرأة، فضلا عن اي عمل يتناسب مع طبيعة المرأة الفسيولوجية وانا هنا اسوق ذلك على سبيل المثال وليس الحصر.
انني على ثقة ان هناك من المجالات في العمل العام والخاص ما يمكن ان يقتصر فيه العمل على المرأة فقط كل ما نحتاج اليه قدرا ولو قليلا من التفكير، والاهتمام، والجرأة على التنفيذ، وسنجد اننا مع الوقت قد وفرنا ما يحقق التوازن، ولو نسبيا، في الفرص الوظيفية بين المرأة والرجل في مجتمعنا الى حد معقول وفي حدود تعاليمنا الاسلامية السمحة.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved