في جميع أحاديثهم المعلنة التي يتداولونها في جلساتهم المغلقة أو في مباحثاتهم مع ممثلي الدول العربية يصر الغربيون بل وحتى المبعوثون الدوليون من غير الغربيين على أهمية التأكيد على اعطاء الإسرائيليين الثقة والأمان بأنهم سيكونون آمنين.. وأن دولتهم ستبقى ولا يشكل العرب أي خطر عليهم...!! ومع ان إسرائيل هي التي تحتل أرض العرب، وأن جيشها هو الذي يقتل العرب يومياً وأن حكوماتها هي التي رفضت ولا تزال ترفض تنفيذ قرارات الشرعية الدولية سواء التي اتخذت من قبل مجلس الأمن الدولي أو المنظمات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة...
نقول رغم كل هذا فلا يزال الغربيون والوسطاء الدوليون يؤكدون أن أول الأسس التي يجب أن يُبنى عليها أي تحرك للسلام في الشرق الأوسط اعطاء الأمن والالتزام ببقاء واستقرار دولة إسرائيل..!!
أما الطرف الآخر ونعني به الفلسطينيين فلا أحد يتحدث عن آمالهم وطموحاتهم، والآن وبعد طرح ضرورة اقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، وبعد أن قدم العرب المبادرات و «الضمانات»، بالتطبيع مع إسرائيل تزايد الحديث عن قرب الاعلان عن الدولة الفلسطينية المرتقبة، وكانت الآمال معقودة أن يتم الإعلان ذلك من قبل الرئيس جورج بوش في الأيام القليلة القادمة.. وفجأة صدر عن وزير الخارجية الأمريكي كولن باول ما يخدش الأمل الفلسطيني، فالوزير باول قال في حديث صحفي قبل ثلاثة أيام: إن الرئيس بوش يدرك أن اقامة دولة «انتقالية»، أو «مؤقتة»، قد يكون أفضل سبيل للتحرك باتجاه تسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
هذا «الدش البارد»، في أيام الصيف الساخنة جعل الأمل يتبخر من لدن الفلسطينيين، فأبناء هذا الشعب الذي يكافح وتكبد عشرات الآلاف من الشهداء من اجل اقامة دولة مستقلة لهم وطرد المحتلين اليهود.. يحاول السيد باول ورئيسه السيد بوش اقناعهم ب «دولة مؤقتة»...!!
ماذا يعني هذا؟ هل هو مكان مؤقت كالذي مُنح للاجئين الفلسطينيين الذين شُردوا من أراضيهم بعد عدوان 1948م ليصبح بقاؤهم كما يريدون أبدياً...؟!!
دش باول الذي سكب مياهه قبل أن يكشف عنه رئيسه لا يحقق الأمل المنشود للفلسطينيين الذي لا يتحقق إلا بإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة تتضمن الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل خلال حرب 1967م وعاصمتها القدس الشرقية... وبدون تحقيق هذا لا يحق لأي كان مطالبة الفلسطينيين بالتوقف عن تحقيق الأمل حتى عن طريق الاستشهاد.
|