يواجه النفط القوقازي صعوبات سياسية وجغرافية طبييعة بالغة التعقيد. ويمتاز نفط الخليج عن القوقاز بموقعه الجغرافي فالناقلات تربط بين الدول المنتجة في الخليج والدول المستهلكة في أصقاع العالم المختلفة مباشرة عبر الطرق البحرية المفتوحة وتمتاز المنطقة أيضا باستقرار مكّن من إرساء علاقات أخوية أدت لولادة سياسة نفطية مشتركة لم تشذ عنها سوى العراق التي بغت فانغزلت. أما الوضع في نفط القوقاز فهو مختلف، فعلى الصعيد الجغرافي فبحر قزوين بحيرة مغلقة وبالتالي يستحيل نقل ثروته من النفط والغاز بواسطة الناقلات عبر الطرق البحرية والمنطقة المحيطة به منطقة جبلية مرتفعة ووعرة، أشد وعورة سياسيا، ذلك أن العلاقات بين دولها تتسم بالعداء نتيجة تراكمه لعقود من الزمن. فهناك الحرب بين أرمينيا وأذربيجان«على إقليم ناكورني كاراباخ» وهناك الصراع بين إيران وأذربيجان والصراع بين ارمينيا وتركيا «باتهام الأرمن القديم للدولة العثمانية بارتكاب مجازر ضدهم» والصراع الجورجي الروسي والحرب الشيشانية المشتعلة ضد الهيمنة الروسية.
وقد دشن مؤخرا خط الأنانبيب لحقل تانجيز في كازاخستان لنقله إلى البحر الأسود ويقدر احتياطي هذا الحقل بين 6-9 مليارات برميل، وأما استثمار الحقل فتتولاه عدة شركات باستثمار يصل إلى 20 مليار دولار أمريكي وتحتفظ شركة شيفرون الأمريكية بنسبة 51% من عقد الاستثمار وشركة موبيل بخمسة وعشرين بالمائبة. وثعالب النفط في العالم يسيل لعابها على مائدة المنطقة النفطية مركزة على خطوط الأنابيب وليس على الحدود ومستقبل المنطقة برمته مرهون بذلك.
فالعالم يزيد نسبة استهلاكه من النفط فالصين وحدها التي يزيد عدد سكانها عن مليار و200 مليون نسمة يرتفع استهلاكها بنسبة 5% سنويا وأمريكا التي يشكل لها زيادة احتياطياتها الاستراتيجية من النفط هاجسا مقلقا تسعى لبسط سيطرتها على نفط المنطقة واستئثارها بعقود استثماراتها، لذلك يقف الغرب«أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية» إلى جانب محور دول آسيا الوسطى ويبقى الحصار على العراق وتعزل إيران عن ثروات المنطقة بتذكية شعلة النزاع مع جيرانها في الخليج العربي. ومن مكاسب الحرب الأفغانية تنامي النفوذ والوجود الأمريكي في المنطقة المتمثل بالوجود العسكري وعصا العسكر أشد فعالية في إلزام الأطراف بالعقود والوعود. فقد نالت أمريكا بما لم تحلم به من قبل بوضع قدمها في جنوب الاتحاد السوفيتي لمواجهة المارد الصيني إن أراد أن يخرج من قمقمه.
كان جوزيف كليفورد قد أشار لحقائق مرعبة تستدعي الانتباه والارتياب فقد كتب مقالا ونشر في«MEDIA MONITORS NETWORKS» في أمريكا.
مشيرا إلى أن أفغانستان كانت فيتنام الروس فحين دخلوها دعم الأمريكيون ابن لادن وطالبان لعدة سنين لإخراج الروس من أفغانستان، حيث إنهم كانوا يرصدونهم كمناضلين من أجل الحرية ضد الروس. وفي أواخر عام 1998م كان الأمريكان يدفعون رواتب كل مسؤول في حركة طالبان في أفغانستان.
وقد أرادت شركة UNOCAL وهي شركة أمريكية عملاقة في مجال النفط أن تبني خط أنابيب بطول 1000 ميل لنقل نفط بحر قزوين إلى بحر العرب عبر أفغانستان. وصرفت الشركة أموالا طائلة على الدراسات الجيولوجية لإنشاء خط الأنابيب واقتربت من طالبان طالبة أن تسمح لها ببدء إنشاء الخط..
وفي عام 1998م توجه عدد من المسؤولين في حركة طالبان إلى تكساس يفاوضون ال UNOCAL. ولكن في عام 1998- 1999م غيرت طالبان رأيها وألقت ب UNOCAL خارج البلاد مانحة امتياز إنشاء الخط لشركة أرجنتينية. وقد شهد جون ماريسكا نائب رئيس شركة UNOCAL أمام الكونغرس قائلاً«لا خط أنابيب حتى تتنحى طالبان ويتسلم زمام السلطة في أفغانستان حكومة أكثر صداقة لنا» وأمست منذ ذلك الحين طالبان في عداد أسوء الحكومات على وجه الأرض.
وبعد أحداث الثلاثاء الأسود«11 سبتمبر» أطلق الرئيس الأمريكي بوش نفير الحرب ضد أفغانستان ولام بوش ابن لادن ولم يقدم أي دليل متذرعا بأن الأدلة سرية، فخطر أن تقول الحقيقة قبل الأوان، وهذا منطق كهنة ال«FBI» و«CIA».
كانت طالبان قد عرضت التفاوض وتسليم ابن لادن شرط توفر أدلة دامغة على تورطه ولكن بوش رفض ذلك. ويتابع الكاتب جوزيف سرد صدف الوقائع فيقول الرئيس حامد كرزاي الذي تم تعيينه كرئيس للحكومة الانتقالية في افغانستان كان يعمل سابقاً في «unocal» كرئيس استشاري. ويعلق قائلا: سكرتير بوش للشؤون الداخلية كان رئيس شركة نفط قبل أن يلتحق بواشنطن. وكذلك فإن كوندوليزا رايس مستشارة الرئيس لشؤون الأمن القومي كانت قد عملت سابقا مع شركة شيفرون. وديك شيني عمل أيضا سابقا لشركة نفط عملاقة Haliburton قبل أن يصبح نائبا للرئيس الأمريكي. وهاليبورتون هي«شركة لإنشاء خطوط الأنابيب».
وقد أعلنت الحكومة الأمريكية في 31 يناير 2002م عن أنها سوف تدعم إنشاء خط الأنابيب المار من أفغانستان. وكان الرئيس الباكستاني«برويز مشرف» والرئيس كارزاي«أفغانستان- unocal» قد أعلنا عن خطة إنشاء خط أنبوب غاز ينقله من وسط آسيا إلى باكستان وأفغانستان«كما ورد في التايمز الإيرلندية يوم 2/10/2002م». ويتساءل الكاتب أليس ذلك كله غريبا وهل هذا محض صدفة؟.
لا نعلم ما يدور في كواليس المسرحية الأفغانية فهي محجوبة في ألواح أمريكا وحدها محفوظة، ويبقى المواطن في دول العالم الثالث رهين الجشع يتيماً على مائدة وطنه.
بقلم: جانبي فروقة
|