منذ بداية الشهر الرابع الميلادي عندما أعلن الرئيس جورج بوش قراره بالخوض في عملية السلام في الشرق الأوسط، والإدارة الأمريكية تتحرك في اتجاهات عدة.
وهكذا وبعد أكثر من شهرين ونصف وبعد عدة اجتماعات مع العديد من القادة العرب: نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير عبدالله بن عبدالعزيز والملك عبدالله الثاني ملك الأردن والعاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس المصري حسني مبارك ورئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري بالإضافة إلى زيارات رئيس وزراء إسرائيل أرييل شارون، بعد كل هذه اللقاءات أمكن للرئيس جورج بوش وإدارته بما فيهم نائبه ووزراؤه ومستشاروه تكوين صورة واضحة عن «سيناريو» الحل ومراحله والخطوات التي يجب أن تشكل بداية للتحرك الفعلي لإحلال السلام في المنطقة.
والشيء الذي يجب إدراكه والذي يفهمه ويقرّه كل متابع للأوضاع في المنطقة والتحرك الأمريكي، أن الإدارة الأمريكية وإن كانت «آذانها» أكثر اتساعاً وقدرة على سماع الصوت الإسرائيلي، وأنها أعطت الفرصة أكثر لسماع وجهة النظر الإسرائيلية من خلال دعوة شارون لواشنطن أكثر من مرة، في حين حرمت الجانب الفلسطيني من إسماع صوته مباشرة للرئيس بوش بعدم دعوة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات..
رغم كل ذلك إلا أن الحضور العربي متواجد بقوة، والصوت العربي المدعم بالحقائق وبالمنطق والحكمة كان حاضراً أيضاً فمن خلال سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس حسني مبارك والعاهلين الأردني والمغربي ورئيس الحكومة اللبنانية، كان الرأي العربي يقارع الأباطيل الإسرائيلية بالحجة التي لا تقبل الدحض، كما أن القيادة السعودية قد فتحت قناة دبلوماسية دائمة مع الإدارة الأمريكية، فبالاضافة إلى الاتصالات الهاتفية المتواصلة بين سمو نائب خادم الحرمين والرئيس الأمريكي، واصل سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل زياراته لواشنطن والتقى أكثر من مرة بالرئيس جورج بوش موضحاً العديد من النقاط وطارحاً القضايا العربية بكل وضوح وشفافية والتي كان آخرَها لقاؤُه يوم الخميس والذي شمل بالإضافة إلى الرئيس بوش نائبه ديك تشيني ووزير خارجيته كولن باول ومستشارة الأمن القومي.
إذن الحضور السعودي قويٌّ ودائمٌ بدءاً من لقاء سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس بوش ثم المكالمات الهاتفية والزيارات المتكررة لسمو الأمير سعود الفيصل والتي تكتسب أهميتها وبالذات الأخيرة من أنها جاءت بعد آخر زيارة لرئيس الحكومة الإسرائيلية الذي أراد الإيحاء بأن كل ما يفعله وتفعله قواته من اجتياحات وعدوان على المدن والمخيمات الفلسطينية يتم بالتفاهم مع الإدارة الأمريكية، ولذلك فإن لقاء الرئيس بوش الذي اقتطع جزءاً من برنامج عمله للقاء سمو وزير الخارجية حيث لم يكن هناك موعد، لأهمية سماع الرأي السعودي سيكون بلا شك مؤثراً في صياغة الموقف الأمريكي الذي سيعلنه الرئيس بوش قريباً.
 |