كنت أعتقد أننا قراء جريدة الجزيرة ممن يشاركون بكتاباتهم وحدنا المتأثرون برياح التغيير التي هبت على الجريدة لدرجة أن المساحات المتاحة لنشر تلك المشاركات التي نبعث بها إلى رئيس التحرير قد ضاقت وبخاصة صفحة عزيزتي الجزيرة إلى أن استحدثت صفحة الرأي ليبدأ جهاز التنفس عمله ويعود الهدوء إلى النفوس المضطربة، ما كنت أفكر أبداً أن أطرافاً أخرى طالتها أدوات التبديل والتعديل حتى قرأت مقالة الدكتورة فوزية أبوخالد في العدد 10850 التي تبدى من خلالها عدم الارتياح للموقع الجديد حيث نقلت زاويتها من الصفحة الأخيرة إلى داخل العدد ومرد الاستياء كما ذكرت هي كونها اعتادت ذلك المكان القديم ولها الحق أن تتذكر وتبدي حنيناً بل وتبث شكواها لما جرى لها من تغيير لكنها طبيعة الأشياء التي لا تدوم ولا تثبت على حال، ومقال الدكتورة ذكَّرني مطالبة عدد من كتاب جريدة عكاظ عدم حصر مقالاتهم في صفحتين متقابلتين لحد أنهم اعتبروا هذا الوضع تضييقاً عليهم وأعتقد أنهم كسبوا الجولة بدليل أننا لم نعد نشاهد سوى صفحة واحدة. وليس صفحتين كما كان في السابق.
وهذا أفقدنا رؤية هؤلاء الكتاب متقابلين وما تمثله إطلالتهم كجمع قوي نابض بالحيوية والنشاط سواء في جريدة الجزيرة أو جريدة عكاظ حيث كنا وإياهم نتصافح كل صباح دون كثيرعناء في البحث عن مواقعهم داخل الصفحات الأخرى والتي تربو على أربعين صفحة للجريدة الواحدة وهذا لا يعني أننا لا نعطي اهتماماً لبقية المواد المنشورة لكنها الرغبة في متابعة ما يكتبه هؤلاء الكتاب بحيث لا يحول موضوع دون آخر وكان الأجدى في نظري أن الإخوة ظلوا بنفس الترتيب السابق لكنه حب التغيير الذي لم يرق للدكتورة فوزية أبو خالد وليتها تتسامح في موضوع اختيار المواقع فلربما يحط بها الفال داخل ذلك الحيز المعنون بكلمة مقالات فأهله في الغالب الأعم ومنهم بالطبع كتاب الزوايا ينعمون (ماشاء الله) بمزايا لا تتوفر لغيرهم فهم وحدهم مميزون في كل شيء بالاتصال المباشر مع كبار المسئولين وتلقّي الردود عما يرغبونه ويفتح لهم جهاز رئيس التحرير وتوجه لهم وحدهم الدعوات ولكل واحد منهم الحق في نشر ما يرغب الحديث حوله وإن كان في بعضه سد فراغ ليس إلا ومقالاتهم أيضاً تحظى بالنشر في أوقات معلومة فلا يطول بهم الانتظار أو تتضرر أعصابهم نتيجة انتظار لا يعرف متى ينتهي وغيرهم ربما يطويه النسيان فلا يظهر أبداً وإن نشر لهؤلاء الأخيرين تكون مناسبة الكلام قد انتهت وتحول المقال إلى ما يشبه الطعام البائت وزيادة على هذا فإن ما يكتبه القراء يتحول أمام كتابنا الكبار إلى مائدة شهية تفتح أمامهم رغبة التناول وقل أن يتكرم أحد منهم إلى الإشارة من قريب أو بعيد لصاحب الفكرة فهم يأخذونها ويطوِّرونها وكأنها من بنات أفكارهم وينسون أو هم يتناسون أن ينسبوها لصاحبها وهم بعملهم هذا لا شك يضنون على تلك المواهب بما تستحقه من تشجيع وهذا أمر في غاية الخطورة إذ لابد من الالتفات إليه بكثير من الانتباه فالمواهب إذا لم تجد الإشادة والتوجيه ممن سبقوهم في ميدان الكتابة تخمد جذوتهم ويكون هؤلاء الكبار وحدهم السبب في هذا الوأد الممقوت والخنق الخفي لتلك الشمعات وبالتالي يفقدهم المجتمع براعم كان من المؤمل أن تنمى عن طريق المؤازرة والتشجيع لتستوي وتعطي ثمارها بدل أن يستحوذ الكتاب أنفسهم على عبارات الثناء والإطراء ليعلقوها نياشين تزين أقلامهم حتى غدت تفرد من أجلهم الصفحات وهنا السؤال أي الفريقين أحق
بالتشجيع الناشئة أم العمالقة وشكراً للدكتورة فوزية التي أتاحت لنا الحديث عن بعض هموم الكتابة والكتاب وسامحونا وشكراً.
عبدالله بن عبدالرحمن الغيهب - الرياض |