* كتب سالم الدبيبي:
ضربت نتائج مونديال القرن عرض الحائط بأقوى وأهم التوقعات بعدما تحولت أراضي اليابان وكوريا إلى فخاخ أوقعت بالمنتخبات الكبرى في أولى مراحل التصفية التدريجية.. ولم يكن أحد ينتظر أن تتوقف آمال الفرنسيين العريضة في بداية الطريق ولاسيما المجموعة التي حل على رأسها قبل انطلاقة الحدث لا تبعث نسبياً على القلق..
ولا جدال في أن هذه المفاجأة كانت كافية لإثارة الدهشة والاستغراب لدى أقل المهتمين متابعة وترقباً قبل أن يضاعفها سقوط المرشح الثاني منتخب الأرجنتين الذي قدم دراما حزينة تناثرت معها الدموع الغزيرة من عيون نجومه الكبار على مشهد الخروج المرير..
لقد بكت باريس حلمها بالحفاظ على اللقب ولم ينفعها الاستنجاد بالابن المدلل زيدان الذي بصم وأكد الإخفاق في منظر معاكس لتوقيعه الشهير على المنحى الأهم في التاريخ الكروي الفرنسي حينما كسبت الكأس العالمية للمرة الأولى في النسخة السابقة «98» فالفارق شاسع وكبير بين تلك الأضواء التي زينت بالفرح مدينة العطور وهي ترقص طرباً مع الأهداف الثلاثة التي كتبت الاسم الفرنسي في قائمة الأبطال.. وزيدان صاحب الثنائية الشهيرة باليوم المشهود هو نفسه الذي تقدم زملاءه يجتر علقم الخيبة المذلة.
وقد تفوق صدمة الفرنسيين المخيبة فخرهم وتباهيهم طوال السنوات الأربع الماضية بفريق الذهب الذي منحهم ثقة الأقدام بسجل انتصاراته وبطولاته المتلاحقة بالمقارنة بين مشوار الفوز المتواصل الذي بلغ جميع مبارياته في مونديال «98» وأمتع جماهيره حينها بتمزيق شباك الخصوم «15» مرة ولم تتلق شباكه سوى هدفين.. وبين حصيلة فقيرة لا تليق بالكبار خسارة لقاءين وتعادل وحيد!!.. ولم يتمكن أي من نجوم الاحتراف الذين تتبارى كبار الأندية الأوروبية في ضمهم إلى صفوفها وتكتظ بهم القائمة الفرنسية من تسجيل إصابة ولو شرفية!!.. بينما سمح «الأصلع» بيريز بمرور ثلاثة أهداف احتضنتها شباكه خلال المباريات الثلاث..
ويأتي المنتخب الأرجنتيني ثاني ضحايا مقصلة الكبار في مونديال يكاد يكون الأغرب على مر التاريخ.. وهذا الفريق لا يقل متانة عن سابقه ألم يفقه من الجانب الفني حيث تدعمه نتائج التصفيات والتحضيرات المسبقة التي استطاع بها أن يكتسح مرمى الترشيحات رغم وجوده في مجموعة «حديدية».. لكن المردود لم يأت حسب المأمول وتهادت أسماء باتستوتا وفيرون وأرتيجا ولوبيز وغيرهم إلى أن انهارت وغرقت بالدموع التي جسدها منظر باتستوتا وهو يضع يديه على وجهه بحسرة تعبيرية تفوق امكانية الحديث..
ويوم السواد الأرجنتيني لا تنقصه معطيات التاريخ فها هي الأحداث تتكرر وتتشابه لتعود بنا الأيام إلى ما قبل سبعة عقود وبالتحديد إلى العام «34» في مناسبة مونديالية أخرى استضافتها إيطاليا حيث كان نظام المنافسة عندها يعتمد خروج المغلوب من مرة واحدة وقطعت الأرجنتين المحيط باتجاه البحث عن اللقب تصحبها طموحات وآمال كبرى قبل أن تأتي السويد الحاضرة لأول مرة كحجر عثرة تكسرت على صلابته الأحلام الزرقاء بهزيمة نكراء نتيجتها «2/4» وعودة مخيبة إلى قطع المسافة الطويلة مبكراً.. وها هو الشريط يرجع بنا إلى الوراء لنشاهد ما قرأنا وسمعنا عنه فللمرة الثانية بتاريخ كأس العالم التي يتقابل بها الفريقان «السويد والأرجنتين» يتمكن الأول من تحطيم أماني الثاني بقسوة لم ترحم كبرياءه وقوته.. فلحقت قوة الأرجنتين بسمعة وضجيج الفرنسيين بسيناريو مفتوح للإضافة حيث لم تنته الفصول فما زال في جعبة المفاجأة الكثير.. وتنبع تساؤلات أحدثتها المستجدات.. هل يمنح العالم كأسه لبطل جديد؟.. وتستمر عثرات الكبار!!.. أم يكون لكرامتهم جنود بمن نفذوا من مذبحة الصغار!!..
|