Thursday 4th July,200210871العددالخميس 23 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

هل نحن مستفيدون من الاندماجات الاقتصادية؟! هل نحن مستفيدون من الاندماجات الاقتصادية؟!
د. توفيق السويلم

الاندماجات الاقتصادية هي فكرة نشأت وترعرعت وطبقت في الغرب وليس كل فكرة ناجحة في الغرب يمكن ان تكون صالحة للتطبيق لدينا، فاقتصادنا قائم على نظام الاقتصاد الحر بغية توسيع قاعدة المنشآت الصناعية والمؤسسات الوطنية وايضاً قائم على استغلال مدخرات المواطنين الاستغلال الامثل بدلاً من استغلالها خارج الوطن او تركها دون استغلال، فهل الاندماجات الاقتصادية بين الشركات في ظل الاقتصاد الحر الذي نعيشه صالحة للتطبيق لدينا؟.
تشير الدراسات الى ان المتغيرات الاقتصادية التي ظهرت مؤخرا في ظل العولمة ادت الى قلق كبير من جانب الدول والمؤسسات الاقتصادية على مستقبلها الاقتصادي ومدى قدرة هذه المؤسسات على المنافسة في ظل تطورات ومتغيرات تشهدها الساحة الاقتصادية على مستوى العالم، لهذا فقد سعت الدول الى اقامة تكتلات فيما بينها حماية لها من اي تطور او تغير يطرأ على هذه الساحة، كما تسعى الشركات والمنشآت الضخمة الى الاندماج مع بعضها البعض حتى تستطيع الصمود امام منشآت اضخم واكبر منها.
وبناء على هذا، فقد ادركت الدول الصناعية اهمية هذا التغير، واخذت تستعد لهذا المستقبل كما ان وسائل الاعلام تطالعنا دائما باخبار عن دخول مجموعة من الشركات والمؤسسات في اندماجات حتى تستطيع دخول عالم العولمة الاقتصادية بقوة لتحقيق اكبر فائدة ممكنة من قواعد منظمة التجارة العالمية التي انشئت عام 1995م.
لهذا، فإن الكثيرين ينظرون الى العالم على انه مقبل على مرحلة يهيمن فيها الاقتصاد على العلاقات الدولية بحيث سيكون لرجال الاعمال والاقتصاد دور كبير في توجيه سياسات الدول، حيث تحل اللقاءات الاقتصادية وعقد الاتفاقيات التجارية التبادلية محل النزاعات والخلافات السياسية، وعلى هذا فإن من الاغراض الاساسية لاندماج الشركات مايلي:
1- احلال التعاون والتكامل محل الصراع والمنافسة فيما بين الشركات للسيطرة على اكبر عدد من الاسواق.
2- الهيمنة على القرار السياسي بسبب الثقل الاقتصادي.
3- تمركز ملكية الشركات المندمجة في اوروبا وامريكا تمهيدا للسيطرة على الانشطة المماثلة في جميع انحاء العالم.
4- الاندماج يساعد على رفع الكفاءة الانتاجية مما يعود بأكبر الارباح على هذه الشركات.
5- انتشار إنتاج هذه الشركات في جميع أنحاء العالم مما يؤدي إلى كثرة التوزيع وزيادة الدخل.
6- تخفيض الأيدي العاملة مما يوفر لهذه الشركات مزيداً من الأموال.
وعلى هذا، فقد زادت عملية اندماج الشركات والمؤسسات بصورة كبيرة وفي مجالات متعددة وهناك أمثلة كثيرة على هذه الاندماجات، ففي المجال النفطي تم اندماج شركتي برتش بتروليوم BP وأمكو AMOCO وبلغ رأس مال الشركة الجديدة ما يعادل 110 مليار دولار، وبواسطة هذا الاندماج ستحقق الشركة الجديدة أرباحاً سنوية تعادل واحد مليون جنيه استرليني وسيتسع نشاطها في قطاع النفط والطاقة، وفي المجال الإعلامي فقد اندمجت شركتي CNN وTIME مما يؤدي الى السيطرة على الخطاب الإعلامي وهذا يؤثر على توجيه الرأي العام مما يحقق لهم مصالح اقتصادية معينة، إضافة الى هذه المجالات فقد امتدت عملية الاندماجات الى قطاعات أخرى مثل الطيران، ويجري التخطيط حاليا لاندماج الشركات في مجال الاتصالات والبنوك والمكاتب الخدمية والمحلات التجارية، هذه الاندماجات نتجت عن تغيرات اقتصادية طرأت على العالم وأدت الى إنشاء منظمة التجارة العالمية التي من تأثيراتها ما يلي:
أ- إلغاء الحواجز الجمركية وإزالة العوائق التي تواجه التجارة العالمية.
ب- مبدأ الشفافية وهذا يتحقق من خلال نشر المعلومات المتعلقة بالسياسات والإجراءات وتوفيرها لجميع الدول الأعضاء.
ج- تهيئة المناخ للدول للمنافسة التجارية.
د- الأخذ بيد الدول النامية والأقل نموا لتدخل في منظومة الاقتصاد متعدد الأطراف.
و- محاولة تقليل الفارق بين الدول الغنية والدول الفقيرة.
ولكن الراصد لعملية الاندماجات يجد أن لها كثيراً من العيوب وبعض المميزات فمن عيوبها، تمركز الأنشطة الاقتصادية في منطقة معينة من مناطق العالم مما يجعلها تفوز بالنصيب الأكبر من الأرباح، وأيضاً تظهر بصورة واضحة عملية احتكار السلع ما يؤدي الى التحكم في الأسعار، وزيادة أعداد البطالة، وعدم مراعاة البعد الاجتماعي، وهيمنة بعض الشركات على السوق، وهناك بعض الإيجابيات لهذه الاندماجات معظمها لصالح أصحابها بزيادة أرباحهم والسيطرة على السوق، وزيادة رؤوس الأموال، وتخفيض قيمة المواد الأولية.
وبناء على هذه التأثيرات والتغيرات ظهرت التكتلات الاقتصادية فيما بين الدول لكي تكون مستعدة لدخول عصر العولمة. ومؤسساتها الاقتصادية جاهزة لها، ومن هذه التكتلات:
1- رابطة جنوب شرق آسيا «آسيان».
2- كتلة الاتحاد الأوروبي ويبلغ عدد سكانها 400 مليون نسمة وتستحوذ على 40% من تجارة العالم.
3- مجلس التعاون لدول الخليج العربية ويضم ست دول وعدد سكانه 20 مليون نسمة.
4- منطقة التبادل الحر لأمريكا «النافت» والتي تشمل أمريكا والمكسيك وكندا.
من هنا فمن الضروري على الدول العربية إدراك هذه التغيرات إداركاً تاماً والاستعداد لمواجهتها ولن يتحقق ذلك إلا بعمل تكتلات اقتصادية فيما بينها، وأشير هنا إلى أن أهم الخطوات المشجعة التي اتخذت في هذا الصدد إنشاء كتلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي يضم ست دول وعدد سكانه أكثر من 20 مليون نسمة تعتمد هذه الدول على الدخل النفطي العالي مما يسهل العمليات التجارية وانتقال الأموال، وهنا آمال لدى الدول العربية الأخرى لتوسيع نطاق هذا التكتل ليشمل باقي الدول العربية بما لديها من ثروات اقتصادية كبيرة مما يجعل مستقبلها الاقتصادي واعداً إذا تحقق هذا التكتل والتكامل، لذلك من الضروري على الاقتصاديين العرب النظر فيما يلي:
1- ضرورة التنسيق بين الشركات والمؤسسات العربية مع الاحتراز من سلبيات عملية الاندماج.
2- التنسيق بين المؤسسات العربية في المجالات المختلفة سواء الصناعية او التجارية للصمود أمام ظاهرة العولمة.
3- ربط المؤسسات الاقتصادية العربية بعضها ببعض بمركز معلومات يفيد جميع الدول العربية فالمعلومة هي رأس المال الحقيقي.
4- تنسيق المواقف بين الشركات النفطية العربية من ناحية الإنتاج والأسعار مما يجعلها قادرة على المنافسة في السوق العالمية.
لهذا فإن هذه الاندماجات التي حدثت بين الشركات العملاقة في الغرب صالحة للتطبيق لديهم أما عندنا فليس كل فكرة صالحة لدى الغرب يمكن أن تكون صالحة لدينا خاصة وأننا نعتمد على الاقتصاد الحر وقد تبين أن الشركات العملاقة في الدول المتقدمة هي المستفيدة من هذه الاندماجات التي تمت بين هذه الشركات. إنَّ توسع عدد النشاطات أو العاملين في نشاط واحد يوسع قاعدة الخدمة المقدمة للمستهلكين وهي فرصة للاستفادة من المدخرات الشخصية ولتوسع المؤسسات الصغيرة ومع ذلك فإن الأمر يتطلب من المنشآت الوطنية ان تنظر الى المستقبل وكيف ستواجه تحدياته المتمثلة في هذه التكتلات وانفتاح الأسواق وحرية التجارة، وهل أعدت نفسها لهذه المواجهة حتى تكون قادرة على التعامل مع المستجدات والمتغيرات الحادثة؟

(*) مستشار اقتصادي ومدير دار الخليج
للبحوث والاستشارات الاقتصادية

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved