Thursday 4th July,200210871العددالخميس 23 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

ندوة «النظم العدلية الثلاثة».. والحاجة إلى استيعاب هذه النظم!!! ندوة «النظم العدلية الثلاثة».. والحاجة إلى استيعاب هذه النظم!!!

  تقرير أعده: سليمان بن محمد الجريش
تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة وبحضور معالي وزير العدل الشيخ د. عبدالله بن محمد آل الشيخ، وجمع مبارك من اصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ وبعض رؤساء المحاكم، والقضاة، والمستشارين، واعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام، والمحامين، ورجال الأمن، تم عقد الندوة «الأولى» للنظم العدلية الثلاثة في الفترة من 14-15/4/1423هـ بمدينة الطائف بمبادرة متميزة من رئاسة محاكم الطائف، بهدف المساهمة في نشر الوعي العام بالنظم الثلاثة التي صدرت مؤخراً وهي: نظام المرافعات الشرعية، ونظام الاجراءات الجزائية، ونظام المحاماة، مع زيادة اطلاع المختصين والعاملين في حقل العدالة من رجال القضاء والضبط والتحقيق والادعاء والمحاماة بما اشتملت عليه هذه النظم، ومدارسة بعض الجوانب المتعلقة بها، بما يؤدي إلى تفعيلها من خلال تطبيقها على الواقع العملي.
وفي كلمة الافتتاح اشار صاحب السمو الملكي أمير منطقة مكة المكرمة إلى أهمية وجود مثل هذه الانظمة، ووجوب العناية بها من خلال تفعيل موادها، ودراستها بما يخدم المصلحة العامة، مؤكداً سموه على أن ولاة الأمر في هذه الدولة حريصون كل الحرص على تحقيق العدالة، وعلى تطوير الانظمة المتعلقة بالاجراءات بما يخدم الصالح العام وفق اساس متين تحكمه قواعد الشريعة الإسلامية المباركة، وهذا ما أكد عليه النظام الاساسي للحكم، وهذه الندوة ستبين الهدف الرئيس من ايجاد هذه الانظمة من خلال استعراض موادها وما اشتملت عليه من قواعد تنظم الاجراءات وتكفل الحقوق، وترتقي بمستوى الاداء.
واشار معالي وزير العدل في كلمته إلى ضرورة الاهتمام بهذه الانظمة، بما يحقق المصلحة العامة، مثمناً الدور الذي قامت به رئاسة محاكم الطائف حيال عقد هذه الندوة، لأن التوعية بمحتويات الانظمة لا تقل أهمية عن وجود الانظمة نفسها، ذلك أنها تكشف الجوانب المعلقة بالاجراءات، واختصاص الجهات ذات العلاقة، كما أنها كفيلة بايضاح الجوانب المتعلقة بالموضوعات التي تحتاج إلى دراسة أو بحث.
بعد ذلك بدأت جلسات الندوة، حيث تم تقسيمها إلى ثلاثة محاور:
الجلسة الأولى :(عن نظام المرافعات الشرعية)
وقد ترأس الجلسة فضيلة الشيخ د. ابراهيم بن عبدالله البراهيم عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وشاركه في ادارتها كل من : فضيلة الشيخ د. عبدالله بن محمد المطلق عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للافتاء، حيث قدم ملخصاً عن مبادئ النظام ومقاصده، مؤكداً على أن الإسلام اعتنى بهذا الجانب بشكل كبير، وأن المصلحة العامة في المرحلة الحالية ونتيجة لتوسع الاعمال اقتضت أن يوضع نظام يضبط الاجراءات الخاصة بالمرافعات من أجل تحقيق مبدأ العدل، والمساواة، وتحقيق حرية الاجتهاد، واقامة الدعوى.
واشار فضيلته إلى أن المتأمل في مقاصد النظام يلمس أن اجراءات التقاضي وضعت لتحقيق المقاصد الشرعية الاساسية، من خلال تحقيق المبادئ التي يريد القضاء الوصول إليها وهي العدل والمواساة، كما أن هذا النظام سيقضي على وسائل المبطلين الذين يمارسون اساليب ملتوية بهدف اطالة الاجراءات أو التلاعب بها، فهو يقطع الطريق أمامهم من خلال ما منحه النظام من صلاحيات واسعة للقاضي، كذلك ساعد هذا النظام على منع التهمة عن القاضي من خلال اشارته إلى الدعاوى التي يجب عليه أن ينتحى عن النظر فيها، ومنحه صلاحية معالجة الظلم الذي يقع على أحد الخصوم، والتعجيل بالبت في الدعوى من خلال وضع مدد لذلك.
كما شارك في إدارة هذه الجلسة فضيلة الشيخ د. صالح بن عبدالعزيز العقيل، وكيل وزارة العدل المساعد للشؤون القضائية رئيس دائرة المستشارين بالوزارة، حيث تحدث عن (مستجدات النظام) مؤكداً على أن أهم المستجدات هو تنظيم عملية الاجراءات، ووضع الضوابط الواجب الاخذ بها قبل واثناء وبعد اقامة الدعوى، فهذا النظام يمثل (الأم) لانظمة الاجراءات المتنوعة من تجارية، ومالية، وعمالية، وإدارية وغيرها، حيث اعتنى بوضع القواعد الخاصة، والخطوات التفصيلية التي يضيق معها التفاوت في الاجراء بين المحاكم، كما جاء هذا النظام بمستجدات تفصيلية تدعو الحاجة إلى بيانها والتقرير بشأنها بما يخدم المصلحة المشروعة.
كذلك شارك في إدارة الجلسة المستشار بوزارة الداخلية الاستاذ/ بندر الهويدي حيث تحدث عن (قواعد الاحضار والحجز والتنفيذ) وفصل المواد الواردة بالنظام المتعلقة بالمدعي والمدعى عليه، واوقات التبليغ، وكيفية وصوله، واختصاص المحاكم، والحقوق المدنية، ودوائر التنفيذ.
الجلسة الثانية عن (نظام الاجراءات الجزائية)
وقد ترأس الجلسة فضيلة الشيخ / عبدالاله الفريان رئيس محاكم الطائف، وشاركه في ادارتها كل من : فضيلة الشيخ/ ابراهيم البشر المستشار بمكتب وزير العدل، حيث تحدث عن (اوجه الشبه والاختلاف بين نظامي المرافعات الشرعية والاجراءات الجزائية) وجاء ذلك بصورة مفصلة، لمس فيها الحضور القدرة على المقارنة والاستعراض العام لمحتويات النظامين.
كما شارك فيها سعادة اللواء/ سعيد القحطاني مدير شرطة منطقة مكة المكرمة حيث تحدث عن (دور الشرطة في تطبيق نظام الاجراءات الجزائية) مشيراً إلى أن المملكة تمر بمرحلة تطوير معظم الانظمة واللوائح القائمة، وإلى استحداث انظمة جديدة تخدم الواقع العملي، واكد على أن دور الشرطة في تطبيق النظام هام، واستعرض سعادته المواد المتعلقة بالتوقيف والحقوق الخاصة بالمتهم، ودور رجال الشرطة في تطبيق النظام على أساس أنهم المعنيون بمعظم نصوصه، مما يتوجب معه اخضاعهم للتدريب، وتطوير قدراتهم، ورفع مستوى تأهيلهم العلمي، ودرجة ثقافتهم الشرعية والنظامية بما يمكنهم من ممارسة مهامهم على أكمل وجه، وهذا مطلب ستعمل الشرطة على تحقيقه بكل الوسائل المتاحة.
كما شارك في الجلسة سعادة الاستاذ/ عبدالوهاب بن سعود السديري رئيس دائرة الرقابة على السجون ودور التوقيف بهيئة التحقيق والادعاء العام، حيث تحدث عن :(حقوق المتهم التي كفلها النظام) مشيراً إلى دور الهيئة بشكل عام، وإلى ما أوضحه النظام من مواد صريحة وواضحة تؤكد مسؤوليتها حيال تطبيقه، كما أوضح الحقوق المتعلقة بالمتهم، وكيفية مباشرة التحقيق، واجراءات الضبط، وزيارة السجون والتفتيش عليها، والاستعانة بالخبراء، وسماع الشهود، وحالات انقضاء الدعوى، وكيفية رفعها، وما تختص به الهيئة من اشراف عام على التحقيق وعلى رجال الضبط الجنائي.
الجلسة الثالثة: عن (نظام المحاماة)
وقد ترأس الجلسة فضيلة الشيخ د. راشد بن محمد الهزاع رئيس المحكمة الكبرى بجدة المساعد، وشاركه في ادارتها فضيلة الشيخ/ عبدالله بن محمد بن خنين القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض حيث تحدث عن (الوكالة في الخصومة في الشريعة والنظام) مشيراً إلى أن الوكالة في الخصومة معروفة ولها قواعدها ورجالها الذين يمتهنونها، ثم جاء نظام المحاماة لينظمها في اطار معين، وبين فضيلته المراد بالوكالة، ومشروعيتها، وحكم اتخاذها مهنة. والنظام الذي يحكمها، والاعمال التي يليها ممتهن الخصومة، وطرق التوكيل، وشروط من يتخذ الوكالة مهنة، وكان لهذا الايضاح صدى واسع عند الحضور حيث كان بحثاً دقيقاً ومؤصلاً.
كما شارك في ادارة الجلسة الاستاذ/ عبدالله القرني رئيس دائرة التحقيق والادعاء العام بمحافظة الطائف، حيث تحدث عن (الادعاء العام والادعاء الخاص) مشيراً إلى تعريف كل منهما، والنصوص التي جاء بها النظام لبيان الدعوى العامة والدعوى الخاصة، وما تميز به نظام الاجراءات الجزائية من ربط بين الدعوى في الحق الخاص والحق العام، وأكد سعادته على أن دعوى الحق العام مرتبطة دائماً بالمصلحة العامة للمجتمع، بينما الدعوى الخاصة مرتبطة بالحقوق الخاصة بالاشخاص، واوضح أن تنظيم الادعاء العام بالمملكة بدأ من عام 1353هـ، ومر بمراحل انتقالية انتهت بصدور هذه الانظمة العدلية الثلاثة، وما اشتمل عليه نظام هيئة التحقيق والادعاء العام، الذي اهتم بدور المدعي العام، وجعله في مرتبة مشابهة لمرتبة القضاء في الشروط والواجبات.
كما شارك في إدارة الندوة المستشار د. ابراهيم العيسى ممثلاً عن (المحامين)، حيث تحدث عن (واجبات المحامين وحقوقهم ومحاسبتهم) مشيراً إلى أن مهنة المحاماة من المهن الحرة التي تساعد القضاء على احقاق العدل وحفظ الحقوق، ثم استعرض واجبات المحامي التي جاء بها النظام، وما تفرضه واجباته من التزام اخلاقي وفق الاصول الشرعية والنظامية، وما تتطلبه هذه المهنة من امور يجب الالتزام بها حتى بعد انتهاء الوكالة وترك القضية، ثم اشار إلى حقوق المحامي بمقابل الواجبات المفروضة عليه، وأن هذا النظام جاء ليضبط هذه المهنة ويحدد قواعدها، ويضع مرجعا لها يحتكم إليه عند الحاجة، كما أنه سيساعد على ابعاد كل من ليس له علاقة بهذه المهنة ممن يدعونها، أو يتطاولون عليها، وأن مثل هذا النظام تهتم به جميع الدول.
ثم تحدث عن كيفية مساءلة المحامين ومحاسبتهم عند الاخلال بواجباتهم أو عدم التزامهم بما يفرضه هذا النظام، وكان سعادته قد وزع ورقة عمل بهذا الخصوص قبل بداية الجلسة، مما كان له أكبر الاثر في استيعاب هذه الجلسة، وكثرة المداخلات حولها، ولعل هذا التفوق مما يشهد به على براعة المحامين في استغلال النقاط الايجابية، وهكذا كان.
إن عقد مثل هذه الندوة وفي هذا الوقت الذي تسعى فيه المملكة إلى تطوير معظم انظمتها الاجرائية ولوائحها التنفيذية يشكل مرحلة هامة في استيعاب هذه النقلة النوعية والعملية، ذلك أن اصدار الانظمة يتطلب استيعابا لمحتواها، ولا يمكن أن يتحقق ذلك الا من خلال الممارسة العملية والبحث والدراسة، ولا تأخذ الممارسة دورها الصحيح إذا لم يواكبها فهم لنصوص النظام، ودراسة لواقعه، ومتعلقاته، ونطاق تطبيقه.
إن نجاح أي نظام مرتبط بمدى تطبيقه بصورة متكاملة، ولا يمكن أن يتحقق النجاح من خلال التطبيق الجزئي أو الانتقاء، ولهذا فإن الجهد الذي واكب صدور هذه الانظمة يؤكد حرص ولاة الأمر- وفقهم الله- على تحقيق الغاية منها والمتمثلة بتحقيق مبدأ العدل والمساواة، إن هذه الانظمة الثلاثة تشكل اطول انظمة صدرت في المملكة، وستتبعها لوائح تنفيذية تفصل موادها الاساسية، وهذا يعني أنها شاملة لكل متطلبات المرحلة القائمة، ويبقى الدور على الجهات التنفيذية بالاخذ بها بما يحقق المصلحة العامة للمجتمع، ويحمي الحقوق المشروعة، ويكفل حق التقاضي، وحق الترافع، وحق الادعاء، وحق الامن، وعدم المساس بالحقوق إلا بموجب مستند شرعي أو نظامي كما أكد على ذلك النظام الاساسي للحكم.
إن مبادرة رئاسة محاكم الطائف في اقامة هذه الندوة بهذا المستوى المتميز الذي جمع نخبة من المتخصصين وذوي الشأن يعد في حد ذاته نجاحاً يحسب لها ولرئيسها فضيلة الشيخ/ عبدالاله الفريان، وقد سعد المشاركون والحاضرون بما أعلنه فضيلة وكيل وزارة العدل بأنه تبلغ توجيه معالي وزير العدل بإقامة هذه الندوة في كل مناطق المملكة بما يؤدي إلى نشر الوعي العام بهذه الانظمة الهامة، لأن هذا ما نحتاج إليه فعلاً، وهذا ما كشفته المداخلات التي طرحت.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved