Wednesday 10th July,200210877العددالاربعاء 29 ,ربيع الآخر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

منعطفات منعطفات
العدل يا مسلمين!
د. فهد سعود اليحيا

قد يفكر أي فردٍ، مهما كان دخله وماله، أن يتزوج بأخرى. هذا حقه، أليس له أن يتزوج ما طاب له من النساء مثنى وثلاث ورباع بشرط أن يعدل؟ لن أدخل في الجدل الفقهي الذي يحاول أن يقيد هذا الحق بوجود أيتام، أو زمن الحرب، أو أسباب النزول، أو الظروف الموضوعية، فهذا أمر لا أحيط به علماً.
ولا يعنيني هذا الجدل الفقهي فأنا مقيد بظاهر النص، ولذا أراه حقاً يشترط العدل لا يجحده إلا ظالم!.
ولكن الشواهد التاريخية والمعاصرة تبين أن الظلم من شيم النفوس، وأن كثيرات من طائفة الزوجة رقم واحد -وأطفالها منه- يعانون جوراً، ومشقةً، وحشفاً وسوء كيل. وإن العدل مثله مثل أية مفاهيم أخلاقية وإنسانية أخرى يكيّفها الفرد كما يشاء، وبما يشاء، بضمير مستريح.
طوال عمري مذ كنتُ يافعاً وحتى كهولتي، وأنا أرى العدل يستباح وينحر تحت أقدام الزوجة الثانية أو الثالثة.
وفي ممارستي المهنية أسمع قصصاً يشيب لها الغراب، وأرى عجباً من الظلم والجور بحق أسر يرتكبها رب الأسرة. هل تقولون لي أن ما أراه في العيادة حالات مرضية لا تعكس الواقع العام؟ فأقول لكم أن ما يروى في كل العيادات النفسية لا يتجاوز 10% مما هو حادث بالفعل.
ولا داعي للجدل حول نسبة شيوع هذا الظلم، ولا مدى انتشار هذا الجور فلن ننتهي ولن نصل إلى اتفاق. ولكن تعالوا إلى كلمة سواء! هل نوكل تحقيق العدل إلى كل واحد بطريقته؟ ونكتفي بنصح الزوج وعظته، ونطلب من الزوجة والأولاد الاصطبار والدعوات فحسب؟.
هل من مصلحة المجتمع والوطن أن نترك هذا الأمر على عواهنه؟
في رأيي أن جهات مسؤولة معنية بتحقيق العدالة وحماية المجتمع. ولو كان تحقيق العدل متروكاً للفرد ومفهومه الخاص عن العدل على الإطلاق لكان على الحكومة أن تتركنا نمارس قدراتنا الفذة في العدل والعدالة ونطبقها في شؤون حياتنا اليومية فلا تضيع الوقت والجهد والأموال في أنظمة للعمل والعمال، ورقابة وتحقيق، وديوان مظالم، ومحاكم شرعية.
هذه واحدة أما الأخرى، ففي نظري واعتقادي أن تحقيق العدل بقوة القانون من قبل الزوج وحده لا يكفي، ولكن الثانية هي وجود المقدرة المالية لفتح بيتين، وإعالة أسرتين، ورعاية عدد من الأطفال هنا وعدد هناك، حتى لا يتحولوا بسبب الإهمال والحاجة الى شحاذين ومتشردين، ومشاريع كامنة للإجرام وإدمان المخدرات.
أنا لا أطلب شططاً، ولا أطالب بتفسيرٍ جديدٍ للآية الكريمة أو مفهوم جديد لمقاصدها.
أنا بكل بساطة ووضوح، أطالب بتطبيق حقيقي وجاد لهذه الآية الكريمة.
إذا أراد متزوج أن يتزوج بثانية أو ثالثة أو رابعة فأهلاً وسهلاً به وعليه أن يعْدِل عملاً ومعنى، وإلا فليقنع بحظه.
مرةً أخرى، أنا لا أطلب تقييد حق المسلم بالزواج مثنى وثلاث ورباع. أنا أطالب بآلية قانونية ديناميكية تكفل تحقيق العدل، ليس عند الشروع بالزواج من أخرى فحسب، ولكن لضمان أن الظلم والحيف والجور لا يقع في أي وقت من الأوقات. أما تفصيل هذه الآلية القانونية العملية فليس هذا مكانه، وديننا الإسلامي فيه من الآيات نصوص تنادي وتدعو إلى العدل.

فاكس: 4782781

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved