Monday 15th July,200210882العددالأثنين 5 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

كاتب يهودي منتقداً سياسة الاحتلال العنصرية : كاتب يهودي منتقداً سياسة الاحتلال العنصرية :
شارون حوّل المجتمع الإسرائيلي إلى قطيع!!

عندما ولدت كان قد مر بالفعل ثلاث سنوات على الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وعندما بلغت الثامنة عشرة من عمري كان الاحتلال مازال في كامل قوته، وحينها كان الفلسطينيون قد نالوا ما فيه الكفاية من هذا الاحتلال فكانت الانتفاضة الأولى. كنت وقتها هناك، وسط آخرين، على استعداد لأن أعمل بمثابة قبضة حديدية لكسر مقاومة الفلسطينيين. في أماكن أخرى كان من هم في مثل سننا يتوجهون إلى الجامعة ويجوبون أرجاء العالم في الوقت الذي وجدت فيه نفسي أنا وغيري من الإسرائيليين في ممر جباليا وفي غيره من مخيمات اللاجئين، كان علينا جميعا أن نعي ولكن كلنا بلا استثناء لم نفعل.
ولقرابة 8 سنوات أخرى ظللت أخدم في أراض محتلة ولكن هذه المرة كضابط احتياط، كنت أقف على حواجز الطرق، أقوم بمنع الفلسطينيين من الدخول إلى إسرائيل وهم في طريقهم إلى أعمالهم التي لم يكن يدفع لهم مقابلها سوى القليل بعد العمل في إسرائيل أو في «سوق العبودية». أتذكر أني تحدثت إلى صديقي محاولا أن أعرف لماذا أتعاون مع سياسة تنكر على الأب الفلسطيني الوسيلة الوحيدة المتاحة أمامه لجلب طعام لأطفاله.
لا يوجد عذر، نحن أعضاء جماعة: شجاعة من أجل الرفض
Courage to Refuse المكونة من
ضباط الاحتياط الذين عاهدوا أنفسهم على ألا يخدموا في أراض محتلة، والذين لن تطأ أقدامهم ما وراء حدود عام 1967، مالم نكن نرتدي ملابس مدنية أو كضيوف مدعويين.
سوف يخبرك آريل شارون أن إسرائيل تخوض حربا من أجل بقائها، ضد أعداء متعطشين للدماء، إلا أن الأمر ليس على هذا النحو، فشارون ورفاقه يخوضون حربا استعمارية وذلك للإبقاء على مشروعهم الاستيطاني المدلل لإدامة الاحتلال الإسرائيلى وإخضاع الأراضي الفلسطينية، فهي حرب من جانب واحد تشن لغرض ليس خافيا ألا وهو تدمير أي أمل للفلسطينيين بقيام وطن وحياة وطنية مستقلة.
أي عملية استشهادية تحدث داخل إسرائيل والتي تأتي تعبيرا عن اليأس، تستخدم من قبل شارون كذريعة لإصابة 5 ،3 ملايين مواطن فلسطيني بالمزيد من البؤس والشقاء. وإذا كانت هناك هجمة استشهادية قادمة، تستطيع أن تقدر أن شارون سوف يعمل على استفزازهم من خلال ما يسميه «القتل المستهدف» وهو ما لا ينجم عنه عادة سوى ترك من يزعم بأنهم إرهابيون دون أذى وقتل النساء والأطفال.
في هذا الشيء الذي يتم الزعم بأنه حرب فإن كل ذريعة تستخدم لإحداث نكبة جديدة للفلسطينيين ( بعد نكبة 1948 )، يكفي النظر فحسب إلى التدمير الوحشي لوزارة الثقافة الفلسطينية، ومكتب الإحصاء، ولوزارة التعليم، أمعن النظر في الدمار الذي لحق بالرموز الوطنية مثل المطار الفلسطيني الدولي ومحطة إذاعة
صوت فلسطين، ولا داعي لذكر حلقة الحصار المخزي لمقر عرفات. كل هذه الأمور لم تكن تستهدف البنية التحتية للإرهاب ولكنها في الأساس تستهدف كفاح مجتمع يبغي الحصول على استقلاله ويطور مستقبله وهو الشيء الذي لا تريد إسرائيل أن تضعه في حسبانها. إن قوة شارون تكمن في تحويله المجتمع الإسرائيلي إلى قطيع مطيع، ولقد فعل شارون ذلك بنجاح ملحوظ منذ 20 عاما عندما قادنا إلى لبنان. يجب على شارون أن يعرف أنه لن يستطيع أن يعتمد علينا كثيرا في خوض غمار حربه.
حقا، نحن لا نملك اليوم الأربعين ألف إسرائيلي الذين احتشدوا في الشوارع محتجين على شارون وأقالوه من منصبه في أعقاب المذبحة الفظيعة التي جرت بمخيمي صبرا وشاتيلا.
ولكن عندما ينظر شارون خلف كتفيه فلن يجد كامل المجتمع الإسرائيلي معبأ خلفه، بل سوف يرى 467 جنديا مقاتلا وموظفا ليست لديهم الرغبة في المشاركة في هذه الحملة الاستعمارية بالإضافة إلى اكثر من 80 معارضا واعيا مسجونون داخل دولتهم التي يعملون من أجلها بإخلاص. ويرى شارون فينا خطرا متعمدا لدرجة الخوف فالمحاضرون الجامعيون الذين يؤيدوننا يتعرضون للتهديد بالطرد، الفنانون الذين يتعاطفون معنا تتم مقاطعتهم فشارون وجنرالاته لن يسمحوا بما نقوم به، ولكنهم يخشوننا.
وعلى الرغم من أن شارون وحكومته منتخبون ويشكلون الممثلين الشرعيين لدولة إسرائيل، إلا أنه هو وجنرالاته لا يمثلون القيم الأساسية التي يقف على أرضيتها الإسرائيليون واليهود والعرب، ومن ثم فإن انتقاد الحكومة الإسرائيلية الحالية لا يشكل هجوما على شعب إسرائيل كما لا يشكل على الإطلاق معاداة للسامية.
إن شارون الذي يعد «بطل» الكوارث الإنسانية التي حدثت في قبية (1953) وصبرا وشاتيلا (1982) وجنين ( 2002)، يمكنك أن تخبر أي شخص بأنه لا يمكن أن يكون يهوديا.
فهو من خلال وصمه لكل انتقاد للمعاناة التي يسببها للفلسطينيين بأنه معاداة للسامية، يقوم بذلك بتجنيد هذا الشيء المقدس لخدمة أغراضه التوسعية الدنيئة فعلى الناس في بريطانيا من اليهود أو من غير اليهود ألا يمدوا أيديهم لهذه المحاولة الحقيرة لتدنيس ذكرى المعاناة اليهودية واستخدامها في ظلم أناس آخرين.

شلومي سيجال /الجارديان

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved