Wednesday 24th July,200210891العددالاربعاء 14 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

في رثاء الأمير أحمد بن سلمان ..حزن يتجدد بعد عام في رثاء الأمير أحمد بن سلمان ..حزن يتجدد بعد عام
د. عبدالعزيز بن محمد الفيصل

في مثل هذه الأيام من العام الماضي رزئنا بفقد فهد بن سلمان وها نحن في الأيام نفسها نرزأ بفقد أحمد بن سلمان شقيق فهد، فإلى جنة الخلد مع أخيك فهد، تركت الدنيا في هذا اليوم كما تركها أخوك فهد في العام الماضي، فلماذا يُنْكَأ الجرح قبل أن يندمل:


قَعِيدَكِ أن لا تُسْمِعيني ملامة
ولا تَنْكئي قَرْحَ الفُؤَاد فييْجعا

إنها قدرة الله تابعت المصائب على قلوب صابرة وأفئدة ألفت الجلد. لقد رحل أحمد بن سلمان صاحب العمل الجاد.
فقد سعى إلى الخير في وجوه كثيرة ولكنه لا يعلن أعماله وإنما يرغب في نفع الناس بدون إعلان، لقد كانت صدقاته تصل إلى الفقراء، وكان يسعى إلى ما يخفف من معاناة مرض الكلى، بل كان رحمه الله يسعى إلى ما يخفف آلام المرض بالسعي إلى إنشاء المستشفيات الخيرية، فالمدن تتسع والمرض في ازدياد، والقادمون من القرى إلى المدن يلتمسون العلاج في المستشفيات التي غصت بالمراجعين.
إن أعمال الخير التي سعى إليها الفقيد يعرفها كثير من الناس كما يعرفها القائمون على الجمعيات الخيرية أو من لهم نشاط في مجال توزيع الصدقات وتلمس حاجات المتعففين، فأولئك يعرفون الرجال الداعمين لأعمالهم ومنهم فقيد الوطن أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز.
وللفقيد نشاط إعلامي يرفع صوت الوطن، فمؤسساته الإعلامية معروفة، كما أن للفقيد نشاطاً رياضياً في مجال الفروسية، فكانت جياده هي السابقة في ميادين الفروسية خارج المملكة والمتابعون للفروسية يعرفون عن سموه التعريف بالوطن في ميادين متعددة خارج المملكة العربية السعودية.
إن أحمد بن سلمان ابن الوطن البار، عمل في مجالات متعددة فخدم وطنه ونفع الناس ورحل من الدنيا الفانية إلى دار البقاء والخلود.
إذا كان الحزن قد امتد إلى أبناء الوطن بامتداد أرضه، ونزلت عليهم الفاجعة بدون مقدمات فأذهلتهم فماذا أقول في تعزية صاحب القلب الكبير سلمان بن عبدالعزيز:


إني أعزيك لا أني على ثقة
من الخلود ولكن سنة الدين
فما المُعَزَّى بباق بعد صاحبه
ولا المُعَزِّي وإن عاشا إلى حين

إنني أعرف ما يعانيه الوالد من فقد ابنه، لقد عانى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز من الفجيعة في العام الماضي فصبر واحتسب، فسهام مصيبة فقد فهد لا تزال بادية ولكن الصبر أخفاها والاحتساب في الأجر واراها فكأني بالأمير سلمان يقول:


رماني الدهر بالأرزاء حتى
فؤادي في غشاء من نبال

نعم إنها أرزاء تتابعت على قلب سلمان، فما كادت مصيبة تتوارى إلا وتأتي مصيبة:


أجدك ما تغفو كلوم مصيبة
على راحل إلا فجعت براحل

إن الصبر في هذه المواقف لا يتحلى به إلا الأفذاذ من الرجال ومنهم سلمان بن عبدالعزيز.
ولو شئت أن أبكي دماً لبكيته عليه ولكن ساحة الصبر أوسع نعم ساحة الصبر أوسع من الجزع ولكن من يستطيع الدخول إلى ساحته عندما يكون القلب مكلوماً والمصيبة أكبر من أن يتحملها قلب آلمته الجراح وأدمته سهام المصائب.
إن ارتداء ثوب الصبر وسيلة الثبات فالجزع من قضاء الله لا يوصل إلى سلوة قلب ولا ينقل صاحب المصيبة إلى راحة بال:


تَرَدَّ رداء الصبر عند النوائب
تنل من جميل الصبر حسن العواقب

لقد جبلت الدنيا على جلب الأحزان، فأيام السرور لا تدوم، فالعاقل من وطن نفسه على تحمل مصائبها وتوقع نوازلها، فالأيام حبالى يلدن ما لا يتوقعه الإنسان:


إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت
له عن عدو في ثياب صديق

إنني أقدم عزائي إلى أم الفقيد أم فهد أعانها الله على تحمل المصيبة وأنزل عليها السكينة وجبر قلبها المكلوم، فقد تحملت فقد فهد بنفس صابرة وها هي اليوم تتحمل فقد أحمد، إنها الأم تلوذ بالصبر حيث لا ينفع التجلد فلتعلم أن أبناء الوطن يشاطرونها الألم في فقيد الوطن.
وأقدم العزاء إلى زوجة الفقيد وابنه وبناته واخوانه.
رحم الله أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز، لقد فقده الوطن وأبناء الوطن.


أيا قمر المكارم والمعالي
أبن لي كيف عاجلك الأفول

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved