Sunday 4th August,200210902العددالأحد 25 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

حديث الشبكة حديث الشبكة
الانفصال الرقمي
خالد أبا الحسن

يطلق على الجيل الحالي مسمى جيل النت N-Generation كما جاء في كتاب النشأة الرقمية Growing up Digital لصاحبه دون تابسكوت المتخصص في المعلوماتية والذي كتب عدة كتب مهمة في شؤون العالم الرقمي مثل كتاب الاقتصاد الرقمي The Digital Economy.
فالجيل الحالي يميل في غالبه إلى الرقميات وتحتل التقنيات الرقمية مكانة مهمة في حياتهم، فقد ولدوا في عالم رقمي ونشأوا وفي أيديهم ومن حولهم آلات رقمية مختلفة لتصبح حياتهم رهنا ومتأثرة بهذه التقنيات.
وكتاب النشأة الرقمية يتناول أثر البيئة الرقمية التي أوجدتها حضارة اليوم على نشأة أبناء الجيل الحالي والقادم والكيفية التي ستتأثر بها حياتهم وحدود هذا التأثر لينتهي بضوابط يراها مهمة للتحكم في الآثار المتوقعة للنشأة الرقمية للحصول على الإيجابي منها وتجنب السلبي.
ولكل جيل ظروفه التي تحيط به وزمانه الذي يتأثر به، فمن ولد في زمن مضى ليس كمن ولد ونشأ في زمن يعقبه بسنين، ولهذه الولادة والنشأة في مثل هذه الظروف الحالية أثر بالغ في جوانب متعددة من حياتنا. هل جرب أحدكم مثلا أن يتعامل بلغة الأرقام بطريقة ذهنية؟ لطالما يعجب المرء من سرعة البعض في حساب بعض الأرقام الكبيرة والعمليات المركبة ذهنيا ومن دون حاجة لآلة حاسبة كما هو شأني، وأسوأ من هذا عدم قدرتي أو رغبتي أو كلتيهما في حفظ أرقام الهاتف، وبالكاد أحفظ رقم هاتف منزلي وهاتفي النقال وبعض تواريخ الميلاد الخاصة بأبنائي، علما بأنها أرقام مميزة يسهل حفظها، وللآلة الحاسبة علاقة وطيدة بهذا الكسل الحسابي الذي بات يكبل أذهاننا.
وقد تحول الدكتور مارك واشر من تخصص تعليم الإنجليزية عبر الحاسبات إلى تخصص جديد هو الانفصال الرقمي والمعلوماتية، فقد جذبه هذا التخصص لكي يتعقب آثارالانفصال الرقمي بين الأجيال Digital Divide، ولاحظ أن شرخا واسعا بدأت معالمه تظهر في العملية التعليمية والممارسات التجارية والسلوك الحضاري العام بين جيلين يعيشان سويا في هذا الوقت.
وقد نشرت له عدة دراسات توصل من خلالها إلى أن هذا الشرخ من شأنه أن يؤدي لمشكلات كبيرة لعدم رأب الصدع بين الجيلين رقميا.
ولكي تكون الصورة واضحة، نضرب مثلا بعمليات اتخاذ القرارات في العملية التعليمية، ففي الوقت الذي وصل فيه الجيل الحالي من المتعلمين في مدارس التعليم العام إلى قدر كبير من التطور والتقدم والمعرفة بالحاسب الآلي وتقنياته وبرمجياته، فإن متخذي القرار في السلك التعليمي لا يزالون في عداد الأميين، هذا الشرخ الفاصل بين متخذي القرار ومنفذيه من معلمين وموجهين وإداريين تربويين وبين المستفيدين منه من طلاب وطالبات من شأنه أن يؤثر بشكل كبير على جودة وصحة القرارات المتخذة وسبل تنفيذها وعواقبها.
ولا نزال هنا نتحدث عن الدكتور واشر الذي طبق دراساته في الولايات المتحدة والتي لا أرى أن فرقا كبيرا قد يتوصل إليه باحثون في مناطق أخرى من العالم، وجيلنا الحالي مقبل على مثل هذا الانفصال الرقمي أو لنقل أنه يعيشه، فالجيل الحالي نشأ بطريقة مختلفة في بيئة أعلى تقنيا من الجيل الذي سبقه، بيئته كلها أزرار وشاشات وأجهزة تحكم عن بُعد، وهو جيل نشأ في منازل مكيفة وسيارات فارهة وأوساط للتقنية فيها نصيب كبير، ولو تأمل المرء منا عناصر البيئة من حوله لنالته المشقة في العثور على عناصر ليست للتقنية الرقمية علاقة أو أثر عليها.
من جانب آخر، لا يزال الحاسب الآلي مشكلة يتأثر بها العمل الإداري لدينا، ولازالت القطاعات تبذل الجهود المضنية لتدريب كوادرها وموظفيها وتخصص الإدارات المعنية بالحاسب الآلي وشؤونه لتتمكن من إحداث النقلة التقنية الرقمية التي ينتظرها الجميع في الحكومة الإلكترونية.
وهذه النقلة لا تمثل سوى نموذج لما سيكون عليه عملنا الإداري في المستقبل القريب إن شاء الله، وبدون كوادر مدربة لذلك، لن نتمكن من الوصول لتحقيق تلك الغاية.
والانفصال الرقمي من شأنه أن يؤجل أو يؤثر على جودة النقلة النوعية في العمل الإداري لدينا، فغالبية العناصر الإدارية الحالية لا تزال في مرحلة محو الأمية الحاسوبية، وتتناسب العلاقة بين الأمية الحاسوبية وعمر الموظف طرديا مع شيء من الاستثناءات النادرة.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved