Monday 12th August,200210910العددالأثنين 3 ,جمادى الثانية 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

قراءة في لائحة الاستثمار الأجنبي الجديدة قراءة في لائحة الاستثمار الأجنبي الجديدة
لجنة حسم المنازعات تفتقر لقانون تستند إليه حال نشوء النزاعات التجارية
راشد محمد الفوزان

نشرت صحيفة «الجزيرة» بتفرد وتميز عن بقية الصحف يوم الأربعاء الموافق 7/8/2002م بواسطة الزميل طارق الحماد «اللائحة التنفيذية لنظام الاستثمار الأجنبي الجديدة» الذي سيعتبر ناسخاً لما سبقه والذي صدر في شهر ابريل من عام 2000م أي منذ ما يقارب السنتين، وقبل الخوض في بعض أهم مواد اللائحة الجديدة التي تم تعديلها في النظام الذي صدر بست وعشرين مادة، يجب ان نتعرف على أسباب تعديل بعض بنود اللائحة مقارنة بسابقتها برغم قصر مدة الصدور وأهمية التغيير؟! ويجب ان نقر ان اللائحة السابقة كانت أكثر تفصيلا في اشتراطها برغم انها أقل موادا وهو ليس مقياساً على أي حال، حين صدرت اللائحة السابقة كانت هناك بعض العوائق التي تحد من اقبال وتشجيع الاستثمار الأجنبي ولكن أبرز ما في اللائحة الجديدة ما ذكر في المادة الأخيرة وهي السادسة والعشرون التي تنص على التالي: «يشكل مجلس الادارة وفقا للفقرة الثانية من المادة الثالثة عشرة من النظام لجنة مكونة من رئيس وعضوين على الأقل تسمى لجنة تسوية منازعات الاستثمار» للنظر في المنازعات التي تنشأ بين المستثمر الأجنبي وشركائه السعوديين المتعلقة باستثمار مرخص له بموجب هذا النظام..» الى آخر ما ورد فيها، وهذه هي كانت أحد أهم أسباب من ضمن أسباب كثيرة تعيق تدفق الاستثمارات الأجنبية حيث كانت في السابق غير واضحة ومبهمة وكانت تنص سابقا على حل أي خلاف «بالحل الودي»، وهذا غير معمول به لدى الاقتصاديات العالمية التي تهدف الى جذب الاستثمارات الأجنبية، وهذه خطوة ايجابية للهيئة العامة للاستثمار بلاشك، ولكن بتصوري انه لا يزال هناك خلل بهذه المادة عندما نطرح السؤال الملح جدا وهو: على أي قانون وتشريع ستستند لجنة «حسم المنازعات الاستثمارية» هل لمجرد اجتماع الأفراد الثلاثة الذين من بينهم قانوني ويتم اصدار الأحكام، ألا توجد قوانين وأنظمة وتشريعات تجارية واضحة وتكون موحدة أو يفترض ذلك وبتنسيق بين كل الجهات المعنية بالحكومة؟ اعتقد انه مازال هناك اعادة نظر مطلوبة لهذه المادة التي صدرت اللجنة قبل صدور تشريعاتها وأنظمتها، أعتقد وبشكل واضح انه من الخطأ الكبير تكون هذه الفجوة فوجود تشريع واضح وصريح يضمن ويطمئن كل مستثمر قادم وسؤال يبحث عنه المستثمرون، ولعل عدم وضوح الأنظمة والتشريعات وكيفية حل المنازعات هي إحدى الصعوبات التي تواجهها الهيئة العامة للاستثمار فما هو الحل برأي الهيئة؟ اما اصدار لجنة تسوية المنازعات الاستثمارية بقوانينها وآليتها أو عدم إصدارها وتأجيلها لوقت لاحق حتى تكتمل هذه التشريعات والقوانين، وبتصوري ان الهيئة لم تحل مشكلة مطالبة الشركات والمستثمرين الأجانب بتشكيلها للجنة، حيث ما زالت مولوداً لم يكتمل، يجب ان ندرك ان من ضمن معوقات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية هي ما يختص بالأنظمة والتشريعات الخاصة بالجانب المالي والاقتصادي بكل أنواعه فمنها على نطاق الدول ككل ومنها ما يختص بالتجارة والاستثمار المحلي، فلا توجد التشريعات الخاصة والمنظمة لها وهو ما بدأت الهيئة العامة للاستثمار بتفاديها ومن جانبها ب«لجنة تسوية منازعات الاستثمار».
في المادة الخامسة والعشرين التي تنص على «ينظر مجلس الادارة في الاعتراض ويبت فيه خلال ثلاثين يوما من تاريخ تقديمه، وإذا صدر قراره بتثبيت العقوبة جاز لصاحب الاعتراض التظلم لدى ديوان المظالم خلال ستين يوما من تاريخ ابلاغه بالقرار». هنا نجد ان قرار «اللجنة» التي تصدره للمستثمر حق الاعتراض والرفع الى مجلس الادارة، وإذا صدر قرار بتثبيت العقوبة فإن لصاحب الاعتراض التظلم لدى ديوان المظالم، فهل هذه المادة لا تتناقض أو تتعارض مع المادة السادسة والعشرين حين تنص على «فإذا تعذر ذلك يتم حسم النزاع نهائيا عن طريق التحكيم وفقا لنظام التحكيم الصادر بالمرسوم الملكي رقم «46» وتاريخ 12/7/1403هـ ولائحته التنفيذية، وتعتبر هذه اللجنة هي المقصودة بالجهة المختصة أصلا بنظر النزاع المنصوص عليها في نظام التحكيم «فهل نجد تفسيرا لهاتين المادتين فمن سيحسم القرار النهائي في حال الرفض لأحكام لجنة «تسوية منازعات الاستثمار»، أعتقد ان حصر جهة حسم المنازعات بجهة واحدة مختصة يكون أفضل للهيئة لاعتبار اختصاصها وكذلك لأنها تختصر الكثير من الاجراءات والوقت.
كذلك يلاحظ أن اللائحة التنفيذية ألغت بعض الاشتراطات المعوقة أو التي تشكل أحد جوانب البيروقراطية وتخفيفها مثلا المادة السادسة فقرة «5» التي الغي منها تقديم اقرار بألا يكون المستثمر الأجنبي قد حكم عليه سابقا في مخالفات مالية أو تجارية، وكذلك الغي بألا يكون المستثمر وقت تقديم الطلب الجديد مالكا أوشريكا في منشأة متأخرة أو متعثرة في التنفيذ لسبب يثبت لدى الهيئة مسؤوليته عنه، كذلك نلحظ على المادة التاسعة باللائحة الجديدة «السابقة المادة الثامنة» أضيف ان الحصول على التراخيص «الدائمة والمؤقتة» وأضيف على دليل المعلومات بعض الأنظمة مثلا: تنظيم الهيئة العامة للاستثمار ولائحته التنفيذية وكذلك نظام تملك غير السعوديين للعقار واستثماره، نظام المرافعات الشرعية، نظام الاجراءات الجزائية، نظام المحاماة، أنظمة الحماية الفكرية والعلامات التجارية والحقوق للمؤلف وبراءات الاختراع، كذلك أصبح قبول الطلبات والتقديم من خلال البريد الالكتروني والانترنت وكل خدماتها وهي اضافة مهمة، كذلك أضيف في المادة التاسعة عشرة بما يتعلق بالمراجعة والتدقيق المحاسبي بأن يتم من خلال أحد المكاتب المحاسبية المعتمدة والمرخص لها وهذا شيء مهم ولعل دروس «آنرون» و«ورلدكوم» أكبر درس ممكن يقدم بما يخص أهمية المكاتب المحاسبية ومراجعتها.
بهذه القراءة المختصرة للائحة الجديدة نستطيع ان نقرأ ان هناك اتجاهاً واضحاً لتسهيل الاجراءات وعدم تعقيدها وان تتم بسلاسة وانسياب كامل وبقدر الامكان ان تحصر بالهيئة العامة للاستثمار وحتى لا ترتبط بقطاعات كثيرة ومتشعبة ويبدو واضحا انه من الصعوبة حصر كل الاجراءات والقرارات بالهيئة فقط فهي ترتبط بقطاعات وهيئات ووزارات متعددة تحتاج الى كثير من التنسيق والديناميكية وسرعة في القرار وبقدر الامكان والأهمية ان تذلل كل الصعوبات للاستثمارات الأجنبية، هناك حقيقة يجب أن ندركها هو ان القائمين على الهيئة من المسؤولية بحيث نجد جهودهم الملموسة من خلال هذه الأنظمة التي تشرع وتواكب حاجة الوطن والمستثمر معه بهدف جذب هذه الأموال بأفضل الطرق والسبل الممكنة لدعم الاقتصاد الوطني وانعكاساته الايجابية المتوقع تحقيقها. وأعتقد ان هناك عوائق مازالت تقف أمام المستثمر الأجنبي تتنوع وتتشعب وهي تتقلص حقيقة يوماً بعد يوم، ونأمل ان يأتي اليوم الذي يكون فيه المستثمر الأجنبي قد وجد الفرصة والبيئة المناسبة السهلة المرنة في ظل قوانين وتشريعات مالية واقتصادية واضحة لا لبس فيها كما يطلبها دائما.
ومن الصعوبات التي قد يواجهها المستثمر الأجنبي لدينا هو افتقادنا للغة الأرقام والاحصائيات، مثلا تعداد سكان المملكة تقديراً الآن فآخر تعداد سكاني كان قبل ما يقارب 10 سنوات، وحين يبحث المستثمر عن نسبة نمو الدين الحكومي وكم نسبة الاستهلاك والانفاق الشهري ومستوى التضخم وغيره كثير من الأرقام التي يحتاجها يجدها مفقودة حيث نحتاج الى الشفافية الشديدة، ويجب ألا نتوقع ان المستثمر الأجنبي خلف الباب وينتظر فتحه، بل هناك منافسة شديدة ورأس المال ليس خوافا بل متحفظ وغير مستعد للمخاطرة كحق معروف لا يحتاج الى ايضاح وحين نجد دولاً مجاورة لديها الأنظمة والقوانين التجارية المرنة وجذب رؤوس أموال كبيرة ومستقبلها كبير ومشرق كما هي دبي بدولة الامارات العربية التي كان آخر مشاريعها هي «حي المال والأعمال» في دبي أو «مانهاتن دبي» أو «وول ستريت دبي» وهي مسميات مجازية لما ستكون عليه دبي مستقبلا وبشركات دولية وبورصات عالمية خبيرة وهي ترجع للتشريعات والقوانين لا أكثر، وكذلك مملكة البحرين الشقيقة.
كذلك لا ننسى أهمية وجود سوق مالي وبورصة مالية سعودية فغيابها مؤشر على عدم وضوح الاقتصاد المحلي للمستثمر الأجنبي أو المحلي، فهي تعتبر مرآة الوضع الاقتصادي واتجاهه وكذلك افتقادنا لسوق ثانوية داعمة تعطي مؤشراً لحجم السيولة والاقراض ونسبة النمو الاقتصادي والتضخم وغيره من البيانات المهمة، وبرغم ان سوقنا المالي الذي يعتبر الأكبر كقيمة سوقية في الشرق الأوسط والوطن العربي إلا أنه لا يزال صغيرا مقارنة بالأسواق الدولية فالسوق لدينا تفتقد للعمق والقوة حيث إن التداول للأسهم يتم في قطاعات محددة من «اثنين الى ثلاثة قطاعات» فالسوق متذبذبة مؤشرها يعتمد كثيرا على سعر النفط والعوامل النفسية التي تحكمها لذا يفترض على وزارة المالية وليس الهيئة العامة للاستثمار بالتأكيد ان تسرع بانشاء السوق المالي الذي سيوسع دائرة التداول وحصرها واعطاء عمق للاقتصاد المحلي والقوة والى دخول أي شركات محلية جديدة، وهذا مهم جدا لتتعدد الخيارات وزيادة نسبة التداول والسيولة بالسوق بدل التداول المتحفظ والمقنن. أيضا اعطاء المستثمر الأجنبي حق بيع وشراء الأسهم المحلية وفق نظام وقانون يسن لذلك وهذا سوق يعطي بعدا قويا يجب لسوق الأسهم المحلية باستقطاب مزيد من الأموال وتشغيلها محليا وزيادة السيولة مما سينعكس على المصارف السعودية والشركات.
كذلك هناك عائق أمام الهيئة في مسألة التأشيرات للأجانب فما زال الأجنبي المستثمر أو رجل الأعمال يحتاج الى خطاب من الغرفة التجارية أو جهة رسمية حكومية لتصادق عليه ثم السفارة السعودية لكي تصدر خلال يومين أو ثلاثة أو أسبوع أو لا تصدر، وهذا يعتبر عائقاً كبيراً وغير جيد في جذب الاستثمارات في حين تحتاج للكثير من المرونة وهنا يأتي دور الهيئة العامة للاستثمار في تذليل الصعوبات بطريقة مرنة وسهلة.
قد لا نحتاج للحديث كثيرا عن أهمية الاستثمار الأجنبي وجذب رؤوس الأموال الى الوطن لاعتبارات كثيرة، ولكن أركز على أهمية جذب الاستثمارات الأجنبية للاقتصاد الوطني في ظل محدودية مصادر الايرادات الحكومية التي تعتمد على النفط بنسبة تصل الى 90% وفي ظل نمو سكاني كبير جدا وحجم انفاقي متزايد أيضاً، لا تستطيع مع الموازنة وايرادات الدولة مقابلتها، فيجب العمل على ان تكون أنظمة الاستثمار الأجنبي مرنة جدا وبالحد الذي لا يخل بخصوصيتنا قدر الامكان، وهذا تحد قادم فقد أصبح من المهم جدا كسب كل دولار يستثمر محليا.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved